كتبت سابين عويس في" النهار": انتقل الانشغال الداخلي إلى الحدود اللبنانية - السورية، حيث سجلت اشتباكات بين القوات السورية وعشائر الهرمل وعناصر تابعة لـ"حزب الله"، هي الأولى من نوعها منذ سقوط النظام السوري السابق وتسلم أحمد الشرع رئاسة البلاد. وفي حين أثارت هذه المواجهات خشية في الداخل اللبناني من إمكان توسعها، طرحت أكثر من علامة استفهام حيال خلفياتها وما إذا كانت تصب في إطار التصدي لعصابات التهريب المنتشرة هناك، أو أنها تنطوي على أبعاد سياسية، منها ما يتصل بقرار سوري بضبط الحدود أو ضبط عمليات الحزب الذي يستند إلى هذا الممر البري لإمداداته العسكرية والمالية. تتقاطع المعلومات الواردة على وضع هذه المواجهات في إطار عزم الإدارة السورية الجديدة على ضبط الحدود وفرض السيطرة الكاملة عليها، في ظل قرار الشرع التزام ما تتطلبه عودة سوريا إلى محيطها العربي، كما إلى المجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، من خلال توجيه رسالة مفادها أن القيادة السورية الجديدة جدية في منع استعمال أراضيها وحدودها مع لبنان لتنفيذ عمليات تهريب ليس لمصلحة "حزب الله" فحسب، وإنما أيضاً لمصلحة الشبكات العاملة على خطي لبنان وسوريا.
والحال أن مسألة التهريب لا تقتصر على السلاح والأموال للحزب، وإنما أيضاً المطلوب منع تهريب الكبتاغون إلى الدول العربية.وما يعني الجانب اللبناني في هذه المسألة هو انخراط الجيش في المواجهات والتزامه ضبط الحدود لوقف عمليات التهريب للسلاح والمخدرات بالحد الأدنى المتاح له في المرحلة الراهنة، في انتظار قرار السلطة التنفيذية بهدف تغطية أي تحركات على الحدود بقرار سياسي يصدر عن الحكومة اللبنانية، منعاً لأي عملية استدراج تقوده إلى مواجهات مباشرة مع القوات السورية وكانت قيادة الجيش أعلنت قبل أيام أنها أصدرت الأوامر للوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود الشمالية والشرقية بالرد على مصادر النار بناء على توجيهات من رئيس الجمهورية. وتؤكد مصادر عسكرية أن الموقف اللبناني الرسمي لا يختلف عن الموقف السوري لجهة الحرص على وقف منع استعمال الاراضي اللبنانية لاستهداف دول عربية، أو استعمال الأراضي السورية كخط إمداد للمال والتهريب وتصدير الممنوعات. وكان هذا الموقف مدار بحث بين الرئيس اللبناني والشرع في الاتصال بينهما، وترجم بنجاح القوات السورية في إحباط العديد من عمليات التهريب عبر الحدود غير الشرعية. لكن المصادر لم تخف خشيتها من استمرار المواجهات شمالاً في هذا التوقيت الحساس المتزامن مع انتهاء مهلة اتفاق وقف النار في الجنوب، وسط استمرار إسرائيل في عملياتها وطلبها تمديد مهلة الانسحاب، ما يمكن أن يشكل ضغطاً على الجيش من ناحية توزع وحداته شمالاً وجنوباً في ظل إمكانات محدودة.
لكن المؤكد بالنسبة إلى هذه المصادر أن لبنان بدأ مسار تعزيز سلطته على المعابر الحدودية على نحو يطمئن الجانب الإسرائيلي حيال قطع الإمدادات لـ"حزب الله" لمنع تسليحه مجدداً، بما يضمن التنفيذ الجدي للقرار الدولي 1701.