آخر الأخبار

أجواء تشاؤلية تسيطر.. الحكومة رهينة التسريبات والتجاذبات!

شارك الخبر
لعلّ عبارة "تشاؤلية"، التي تخلط مفهومي "التشاؤم" و"التفاؤل"، تنطبق بقوة على الأجواء المرتبطة بعملية تأليف الحكومة، التي تتفاوت المعطيات بشأنها، بين من يعتبر أنّها "سالكة"، بل يجزم أنّها ستبصر النور قبل نهاية الأسبوع، ومن يرى أنّها "مجمّدة"، وأنّ أحداث الأيام الأخيرة "فرملتها"، خصوصًا بعد مسيرات الدراجات النارية الليلية وما انطوت عليه من رسائل، أعادت التجاذبات إلى "حدّة" اعتقد كثيرون أنّ مفعولها انتهى.

تسري العبارة نفسها على التسريبات المرتبطة بعملية التأليف، فالمتفائلون يستندون إلى معطيات تقول بأنّ الكثير من التفاصيل قد حُسِمت، بما في ذلك وزارة المالية المصنّفة على أنّها "عقدة العقد"، فيما يجزم المتشائمون بأنّ الأمور عادت إلى "نقطة الصفر"، بنتيجة التجاذبات الحاصلة على أكثر من خط، بل يعتبرون أنّ الكثير من التفاهمات التي يفترض أنها أبرِمت منذ الأيام الأولى للتكليف، قد "نُسِفت"، وبالتالي لم تعد "ملزمة" للرئيس المكلّف.

وبين هؤلاء وأولئك، ثمّة من يرى أنّ الأسبوع الحالي يفترض أن يكون مفصليًا وحاسمًا، فإما أن تبصر الحكومة النور، ولو لم تُرضِ جميع الأفرقاء والقوى الطامحة للتوزير، وإما يقع المحظور، فيعتذر الرئيس المكلّف، وهو الذي يشعر أنه بدأ يفقد الزخم الذي ناله عند التكليف، علمًا أنّ البيان الذي أصدره في الساعات الماضية، يؤكد "صعوبة" المهمّة الملقاة على عاتقه، خصوصًا بالنظر إلى المعايير والمبادئ التي أعلنها سابقًا، ويرفض التراجع عنها، تحت أيّ ظرف..

حقيبة المال حُسِمت؟!
ليس سرًا أنّ حقيبة المال تستحوذ منذ اليوم الأول للتكليف على "حصّة الأسد" من التسريبات الصحافية المرتبطة بعملية التأليف، على الرغم من أنّ "الثنائي الشيعي" المعنيّ بها، يتصرّف كما لو أنّها محسومة ومبتوتة، ولا نقاش فيها، بدليل ما قاله الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم عن أنّ العقدة في مكانٍ آخر، وما يُنسَب إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، لجهة "حسم" هوية الوزير الذي سيتسلّمها، بمعزل عن كلّ ما يثار هنا أو هناك.

لكن في مقابل "الثقة" التي يعكسها "الثنائي الشيعي" عبر الإعلام، ثمّة من يتحدّث عن "ضغوط" يتعرّض لها الرئيس المكلف نواف سلام، على خلفية ما يُحكى عن تفاهمات أبرمها بشأن هذه الحقيبة بالتحديد، خصوصًا ممّن سمّوه ودعموه، وممّن يعتبرون أنّ تسليم هذه الحقيبة للثنائي، وتحديدًا لمن يحاول "فرضه" وزيرًا، من دون أي نقاش، لا يعكس "الروحية" التي أتى بها الرجل، ولا يعبّر عن "نَفَس" التغيير الذي حكم تسميته رئيسًا للحكومة.

وإذا كان الرئيس المكلّف يعبّر أمام الكثيرين عن استياء نتيجة هذا التصادم، بين رؤيتين متناقضتين ربما لناحية البراغماتية والواقعية السياسية، فإنّ بعض داعميه يتحدّثون صراحة عن أنّ "استياءه" هو من الطرفين اللذين لا يسهّلان عمله، فهو كان يتوقع تفهّمًا من قبل الكتل المؤيدة له، والتي تدرك أنّ تجاوز "الثنائي" غير واقعي في هذه المرحلة، تمامًا كما كان يعتبر أنّ سياسة "الثنائي" يفترض أن تكون "استيعابية"، وهو ما لم تعبّر عنه المسيرات الليلية الشهيرة.

عُقَدٌ لم تُحَلّ بعد..
بين المقرّبين من الرئيس المكلّف نواف سلام، من يعتبر أنّ الأخير شعر أنّه "مُستهدَف" بشكل مباشر من مسيرات الدراجات النارية، وكأنّ هناك من أراد أن يوجّه له الرسائل "النارية"، تحت عنوان "ممنوع تجاوزنا"، وهو يرى أنّ هذه المسيرات لعبت دورًا سلبيًا في عملية التأليف، خصوصًا أنّ الأمور كانت "شبه سالكة"، لتأتي التحركات العفوية وتشوّش على ما تمّ إنجازه، ولا سيما أن هناك من قارنها بمآثر سابقة، من أحداث 7 أيار، إلى القمصان السود.

وربطًا بهذه النقطة تحديدًا، ثمّة من يشير إلى أنّ "العقدة الفعلية" الأساسية التي تؤخر الولادة الحكومية، تكمن في مبدأ "وحدة المعايير"، التي بدأ الكثير من خصوم "حزب الله" يشكون منها، بما في ذلك الكتل الأساسية الداعمة لسلام، على غرار "القوات اللبنانية"، التي تحدّثت أوساطها صراحة عن ضرورة معاملة الرئيس المكلف لجميع القوى بالمثل، فإذا سمح لطرف باختيار حقائبه وتسمية وزرائه، يجب أن يضمن هذا الحق للآخرين أيضًا، عملاً بالمساواة.

لا يعني ذلك أنّ "العُقَد" تقتصر على هذا المبدأ، إذ ثمّة عقد لم تُحَلّ بعد أيضًا وفق العارفين، ومنها التمثيل المسيحي، في ظلّ التجاذب المستمرّ بين مختلف الكتل، ولا سيما "القوات" و"التيار" الذي خرج منه من يقول إنه يطالب بحصة "موازية" لحصة "القوات"، من دون أن ننسى التمثيل السنّي، وقد كان لافتًا في الساعات الأخيرة رفع تكتل "الاعتدال" لسقف اعتراضه على أداء الرئيس المكلف، خصوصًا في ضوء ما صدر عن النائب وليد البعريني.

بعيدًا عن التسريبات والتسريبات المضادة التي لا تنتهي فصولاً، لا شيء يوحي بأنّ عملية تأليف الحكومة تتقدّم فعلاً، أو بأنّ "الدخان الأبيض" يتصاعد. صحيح أنّ كلّ القوى تقول إنّها تسهّل عمل الرئيس المكلف، لكنّ الصحيح أيضًا أنّها كلّها أيضًا ترمي الكرة في ملعب الخصوم، لتقول إنّهم من يشوّشون ويعرقلون. فهل يضع الرئيس المكلف حدًا لكلّ ذلك، أم أنّ الأمر سيحتاج إلى تدخل "سعاة الخير"، كما حصل في استحقاقات أخرى؟!
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا