كتب أنطوان مراد في "نداء الوطن": لم يكن في الحسبان سياسيا، ويصب ولو جزئياً في خانة تداعيات التطورات الميدانية، هو انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية في ظروف تداخلت فيها الالتباسات والتحولات والانقلابات الصغيرة، إلى درجة اتخذت معها شكل مفاجآت معبّرة، بعدما كان التجاذب في العشية يراوح بين أسماء عدة يطرحها فريقا المعارضة والممانعة، مع ميل لدى المعارضة لوصول عون إذا استعصى خيار الأسماء السياسية، وميل لدى الممانعة لاستبعاد قائد الجيش ما أمكن، انطلاقاً من الرهان على عجز المعارضة عن إيصال المرشح الذي تريد، وتالياً العودة إلى دائرة التعطيل.
وما لم يكن في الحسبان، نجاح المعارضة في الانتقال إلى خيار عون بالاتفاق مع قوى وشخصيات عدة، مقابل رفض "الثنائي" البحث في أسماء أخرى طرحها الفريق السيادي، ما دفع بالثنائي إلى التسليم بانتخاب عون، وتالياً تخفيف الأضرار المترتبة عليه بسبب التعطيل.
وما لم يكن في الحسبان أخيراً، أن تنقلب الأمور بين ليلة وضحاها فعلاً لا قولاً ومجازاً، لمصلحة القاضي والسفير نواف سلام، وفهمت أكثر من كتلة ولا سيما ذات النبض السني أن ثمة رضى غير مباشر على سلام من المرجعية الروحية وما يعنيه ذلك، فضلاً عن انضمام جبران باسيل إلى تأييد سلام على قاعدة الرد على ما اعتبره خديعة من الثنائي بتسهيل انتخاب قائد الجيش، خلافاً للتوافق معهما على الحؤول دون وصوله إلى بعبدا.
ولا تستبعد أوساط مراقبة إذا ما طالت المناورات والتجاذبات، أن ينتقل الرئيس سلام في لحظة معينة إلى تغيير معايير التشكيل بالتوافق مع رئيس الجمهورية لمصلحة حكومة من الشخصيات المستقلة والتي تلتقي مع المناخ الجديد الذي عبر عنه خطاب القسم وكلام الرئيس سلام بعد التكليف، وحينها سيكون الخاسر الأكبر هو فريق الممانعة الذي لا يملك حق الفيتو ولو من منظاره، طالما أنه تساوى مع جميع الفرقاء الآخرين، في استبعاد المرشحين القريبين من مختلف القوى والكتل السياسية على السواء.