واعتبر الرئيس عون انه "لا يمكن لمكون ان ينكسر وغيره ألا ينكسر، فإذا انكسر مكون، ينكسر لبنان بأسره".
وأضاف: "ما حصل بالأمس هو عملية ديمقراطية أوصلت الى نتيجة معينة، وهناك مراحل أخرى. ربما نضطر مرات الى التراجع خطوة الى الوراء، ولكن هناك مصلحة عامة هي الأهم".
ولفت إلى أن "أي اعتداء على أي بقعة في لبنان هو اعتداء على كل لبنان، "ونحن نضغط باتجاه الانسحاب الإسرائيلي وانتشار الجيش في الجنوب".
ورأى رئيس الجمهورية أنه "لو كان هناك دولة وجيش في الماضي لما انبرى احد الى المقاومة. اليوم تختلف المرحلة، الدولة مسؤولة وليس فئة واحدة فقط. الدولة بمجملها، والشعب اللبناني بمجمله هما المسؤولان".
وشدد على أنه "ليس مسموحا ان تحمل فئة واحدة عبء الصراع مع اسرائيل، بل يتشارك جميع اللبنانيين في تحمل عبء هذا الصراع".
كلام الرئيس عون جاء في خلال استقباله قبل ظهر اليوم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب على رأس وفد ضم المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، رئيس المحاكم الجعفرية العليا الشيخ محمد كنعان، مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله، مفتي جبيل وكسروان الشيخ عبد الأمير شمس الدين، المفتي الشيخ احمد طالب، عضوي الهيئة الشرعية القاضي الشيخ مهدي اليحفوفي، والقاضي الشيخ اسد الله الحرشي، القاضي الشيخ علي سرور، الدكتور محمد حجازي، الشيخ حسن فرحات، الشيخ محمد قصاص، الشيخ موسى السموري، النائب الثاني لرئيس المجلس الدكتور ماهر حسين، والسيد واصف عواضة.
في بداية اللقاء، تحدث الشيخ الخطيب مهنئا باسم الوفد الرئيس عون على انتخابه رئيسا للجمهورية ومتمنيا له التوفيق في قيادة البلاد وتطبيق مضامين خطاب القسم. وقال:"ان ما يهمنا التأكيد عليه، وانتم لستم ببعيدين عنه بل هو من صلب اهتماماتكم، هو موضوع الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب وتطبيق اتفاق وقف اطلاق النار، فضلا عن موضوعي اعادة الاعمار كما إعادة النازحين الى قراهم ولم شمل البلاد، بالإضافة الى تكريس الوحدة الوطنية وبناء الدولة على أساس المواطنة والتساوي بين المواطنين، الدولة القوية والعادلة، وهو ما سيكون شعارنا كما في السابق في هذه المرحلة".
وقال:" لو كان هناك بناء حقيقي للدولة لما حصل ما حصل من خراب في المؤسسات ومن ضياع السيادة بالإضافة الى الفوضى، ولو كانت هناك سيادة ودولة قوية تدافع عن كرامة شعبها وأهلها لما كنا بحاجة الى كل هذا الجدل حول موضوع السلاح الذي هو ليس مقدسا لدينا، ذلك ان المقدس هو وحدة البلد وكرامة الشعب وامنه واستقراره. وعندما تكون الدولة قادرة على القيام بهذه المهمة، فنحن سنكون قبل الدولة في خدمتها. ان ما نريده، وكسائر اللبنانيين، هو الاستقرار وعدم نشوب الصراعات الطائفية والمحاصصة في الدولة التي هي أساس الخراب، وان تكون هناك مؤسسات حقيقية يستعيد معها المواطنون الثقة في الدولة التي نحتاجها. ووجودكم، فخامة الرئيس في هذا الموقع هو الأساس في بناء الثقة، وثقتنا بكم كبيرة بان يتحقق ما قلناه وما ذكرتموه في خطاب القسم".
أضاف:"نأمل في هذه المرحلة أيضا ان تكون علاقة اللبنانيين مباشرة بالدولة ومؤسساتها وليس عبر طوائفهم. واني، من موقعي على رأس مؤسسة دينية أقول لا اريد ان تكون علاقة الشيعة في لبنان بدولتهم عبر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وانما عبر الدولة نفسها مباشرة، وهذا متوقف عليها وعلى مؤسساتها بحيث يمكن للبنانيين، والشيعة على وجه الخصوص الذين هم في موقع المعتدى عليهم والمهدد دائما من قبل العدو الإسرائيلي، وانتم ابن الجنوب وتعرفون هذا التاريخ، ان يشعروا بالأمان والاستقرار".
وختم:"لم يكن لدينا في مرحلة من المراحل، ولن يكون لدينا في المرحلة اللاحقة مشروع سياسي خاص في المنطقة بل كانت هناك اتهامات سياسية القصد منها الاصطفافات السياسية. اننا وكسائر اللبنانيين بحاجة للامان والاستقرار. لدينا امل كبير بكم وثقة عالية بادائكم، وان شاء الله يتحقق هذا العهد الجديد ببناء الدولة على ايديكم وان تكون المرحلة المقبلة حقيقية وتاريخية في تاريخ لبنان".
ورد الرئيس عون فرحب بالوفد وقال:" انتم لستم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بل المجلس اللبناني الأعلى، وما سمعته من كلام من قبلكم ليس بجديد عن ادبيات الامام موسى الصدر، وانا من المؤمنين بفكره ومنهجه وادبياته وهو الذي كان دائما ينادي ببناء الدولة التي تحمي الجميع".
أضاف:" في وثيقة صادرة عن مجلسكم الكريم العام 1977 لفت نظري امران بارزان وهما فصل النيابة عن الوزارة ونهائية الانتماء للوطن، وما تحدثتم به يشكل مفهومنا ومنطقنا. ان الشيعة ليسوا وحدهم مهددين بل كل لبنان، وكما قلت في كلمتي من انه اذا انكسر احدنا انكسرنا جميعا.. انكم لبنانيون وجميعنا يتظلل العلم اللبناني ونحمل هوية واحدة وحق الاختلاف مقدس وقد خلقنا الله مختلفين. وانا لا انظر على قاعدة ان هناك فضلا لأي طائفة على أخرى بل انظر الى الجميع كلبنانيين. ان المسؤولية مشتركة ذلك اني لن أتمكن من تحقيق ما يجب تحقيقه بمفردي ولكم دور أساسي، وبيانكم حول الرئيس المكلف نواف سلام الذي اصدرتموه بالأمس كان على مستوى الوطن وهذا المطلوب سماعه اليوم.
وقال: :"كوني ابن الجنوب، رفضت ان اتقبل التهاني احتراماً لأرواح الشهداء الذين سقطوا جراء الاعتداء الإسرائيلي، وانا اؤمن بما قاله الامام موسى الصدر بأنه لا يمكن ان يكون لبنان مبتسما وجنوبه متألم او باكٍ. هذا هو فكري وهذه هي طبيعة عملي، ربما انتم لا تعرفونني جيداً، ولكنني رافقت المفتي طالب وهو يعرف فكري. لدينا فرص كبيرة جداً علينا استغلالها معاً، ولا قت لتضييعه. إعادة الاعمار ضرورية، وهذا هو البند الأول على جدول اعمالي، وهو احد الأسباب التي تدفعني الى الاستعجال في تشكيل الحكومة، لأبدأ بزيارة الدول طلباً للمساعدة في إعادة الاعمار. هناك كم هائل من الاتصالات التي اتلقاها والتي يقولون لي فيها انهم بانتظاري، فأجيبهم بأن ذلك سيحصل فورا بعد تشكيل الحكومة. فلا يجب ان توضع اية عراقيل في وجه تشكيل الحكومة لسبب بسيط وهو انه يجب استغلال هذه الفرص وارسال رسائل إيجابية الى الخارج، بأن لبنان قادر على أن يحكم نفسه ، وعلى تنفيذ إعادة الاعمار بشفافية، وعلى بناء دولة ننادي بها جميعا. لا يمكن لأحد ان ينادي بقيام دولة ولآخر ألا ينادي بذلك، او ان يكون لكل جهة مفهومها الخاص للدولة. هناك دولة واحدة للجميع ولبنان للجميع، وكما قلت ليس لمكون فضل على الآخر، ولا يمكن لمكون ان ينكسر وغيره ألا ينكسر، اذا انكسر مكون، ينكسر لبنان بأسره. شاهدنا الحرب الضروس التي شنها العدو الإسرائيلي، صحيح ان المستهدف فيها كانت المناطق الشيعية في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع، ولكن الدمار طال لبنان بأسره. اذا لم تضرب جونية او الشمال فإن هذه المناطق تأثرت. اذاً لا يمكننا القول انه اذا ضربت الضاحية ولم تضرب طرابلس فهذا الامر لا يعنيني، بالعكس. أي اعتداء على أي بقعة في لبنان هو اعتداء على كل لبنان. نحن نضغط باتجاه الانسحاب الإسرائيلي وانتشار الجيش في الجنوب. وهنا اعود الى الامام موسى الصدر الذي حاول تحييد لبنان عن الصراعات لأن لبنان بحجمه لا يملك القدرة، ولكن للأسف لو كانت هناك دولة وقتها، لما كان أجبر على أن يكون إمام المقاومة. لو كان هناك دولة وجيش لما انبرى احد الى المقاومة. اليوم تختلف المرحلة، الدولة مسؤولة وليس فئة واحدة مسؤولة. الدولة بمجملها، والشعب اللبناني بمجمله هما المسؤولان. ليس مسموحا ان تحمل فئة واحدة عبء هذا الصراع، بل يتشارك جميع اللبنانيين في تحمل عبئه. ولا انسى أيضا اسرانا الذين سنعمل على اعادتهم. الفرص موجودة، ولكن لا يجب ان نرسل رسائل سلبية الى الآخرين. هم بانتظارنا لمساعدتنا. ولكن يجب ان نساعد انفسنا اولاً".
وأضاف الرئيس عون:" لا يمكنكم ان تكونوا خارج ادبيات الامام موسى الصدر، والا لن تكونوا في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ولا في الطائفة الشيعية. كونوا على ثقة بأن لا احد سيغلب احداً ولا احد سيخذل أحدا، ولا احد سيكسر احداً. ما حصل بالأمس هو عملية ديمقراطية أوصلت الى نتيجة معينة، وهناك مراحل أخرى. ربما نضطر مرات الى التراجع خطوة الى الوراء، ولكن هناك مصلحة عامة هي الأهم. طالما الفكر الأساسي، وهو فكر الامام الصدر، هو بناء الدولة، عندها علينا ان نضحي ونتواضع، ولكن المهم ان نحقق الهدف الأساسي.
وختم الرئيس عون بالقول: "هدفكم هو قيام دولة العدالة والمساواة للجميع، والتي بإمكانها تأمين العيش المشترك بكرامة وامان. هذا هو المهم والاساسي. وهذا الهدف نحققه بالتعاون وتضافر جهود الجميع، لأن يدا واحدة لا تصفق.
لا شك لديَّ بنيتكم الصادقة. هذا العهد ليس عهدي، هو عهدكم وعهد لبنان، والاحقاد لا تبني الدول والاوطان".
وكان الرئيس عون استقبل قبل ظهر اليوم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود الذي هنأه على انتخابه رئيسا للجمهورية وعرض معه الوضع القضائي في البلاد. وشدد الرئيس عون على ضرورة تفعيل عمل المحاكم وتطويرها، مجددا التأكيد على ما جاء في خطاب القسم لجهة ضرورة العمل على تحقيق استقلالية السلطة القضائية.
والتقى الرئيس عون المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان في زيارة تهنئة وتم عرض الأوضاع الأمنية في البلاد.
كذلك استقبل الرئيس عون المدير العام للامن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري والعميد رمزي الرامي وتم خلال اللقاء عرض للأوضاع العامة والمهام الموكلة الى الامن العام.
إلى ذلك، تلقى الرئيس عون اتصالاً من أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، هنأه فيه بانتخابه رئيساً للجمهورية، متمنياً له التوفيق في مسؤولياته، وللبنان كل الخير والازدهار.
كما اتصل مهنئاً رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي وجَّه دعوة إلى رئيس الجمهورية لزيارة اليونان.
وتلقى الرئيس عون المزيد من برقيات التهنئة، أبرزها من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي اكد عزمه على توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين في مختلف المجالات، ومواصلة دعمه للبنان وشعبه في مسيرتهم نحو مستقبل مشرق.
كما تلقى برقية تهنئة من نائب أمير دولة قطر الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني، ورئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني.
وأبرق أيضا مهنئاً كل من رئيس المجمع الأعلى للطائفة الانجيلية في سوريا ولبنان القس جوزف قصاب، ونقيب المحامين في طرابلس سامي مرعي الحسن، ورئيس منتدى سفراء لبنان السفير هشام دمشقية، ورئيس مؤسسة فؤاد شهاب عادل حمية.