آخر الأخبار

مفارقات الاستشارات.. تقاطع المعارضة وباسيل يرد الصاع صاعين!

شارك الخبر
لم تكن الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة مطابقة لتوقعات الكثير من المتابعين، إذ إنّ كلّ المؤشّرات التي سبقتها على مدى الأيام القليلة الماضية كانت تعطي انطباعًا بتجديد تلقائي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليستكمل ما بدأه على امتداد الأشهر الماضية، وخصوصًا في مرحلة الشغور الرئاسي، خصوصًا بعد انقسام قوى المعارضة بين مرشحَين لم يبدوا "جدّيين"، هما النائبان فؤاد مخزومي وإبراهيم منيمنة.

لكنّ شيئًا ما حصل في ربع الساعة الأخير، لتتغيّر الصورة والوقائع تدريجيًا، لتتقاطع هذه القوى على اسم القاضي نواف سلام، الذي لم يكن مطروحًا بجدّية في الأيام الأخيرة، كما كان مطروحًا مثلاً في استحقاقات سابقة، فكان النائب منيمنة أول المبادرين للانسحاب لمصلحته، علمًا أنّ ترشيحه بدا بنظر كثيرين مجرّد "تسجيل موقف"، قبل أن يلتحق به مخزومي صباح يوم الاستشارات، بعدما اقتصر دعمه على النواب الذين أعلنوا ترشيحه.

وبالتوازي مع "التقاطع النادر" لنواب المعارضة، الذي لم يسجَّل مثيلٌ له في معظم الاستحقاقات منذ الانتخابات النيابية، بما في ذلك استحقاق الرئاسة الذي لم ينجح في جمعهم بالكامل، اتّجهت الأنظار إلى موقف رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، الذي يقول كثيرون إنّه أراد أن "يأخذ بالثأر" بعد الضربة القاسية التي تلقّاها في انتخاب الرئاسة، ولا سيما بعدما لاحت له فرصة "استثنائية" للعب دورٍ أراده في الرئاسة، وهو "بيضة القبان"..

"تكتيك" المعارضة

على امتداد الأيام الماضية، كان الانطباع السائد في الأوساط السياسية هو أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "راجع"، وهو انطباع أتى نتيجة مجموعة من المعطيات الملموسة، بينها الدعم الذي يحظى به محليًا وعربيًا ودوليًا، والاندفاعة التي بدأ بها العهد، خصوصًا بعد اللقاء الذي بدا "واعدًا" بينه وبين الرئيس جوزاف عون يوم الجمعة الماضي، والذي استُتبِع سريعًا بزيارة "مثمرة" قام بها ميقاتي إلى سوريا، حيث التقى قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع.

لكنّ العارفين يشدّدون على أنّ السبب الأساسيّ لهذا الانطباع، تمثّل في موقف قوى المعارضة التي انقسمت على نفسها مرّة أخرى، ما أوحى بتشتّتٍ محتمل في أصواتها، بين مرشحَيها المعلنَين، فؤاد مخزومي الذي حظي بدعمٍ "غير كافٍ" من قبل أحزاب المعارضة الأساسيّة، في ظلّ استبعاد تبنّيه من قبل قوى أخرى، وإبراهيم منيمنة، الذي لم يكن من المتوقع أن يزيد عدد داعميه عن بعض المستقلّين والتغييريّين، وليس جميعهم حتى.

إلا أنّ "تكتيك" المعارضة بتحويل الانقسام إلى "التفاف" حول القاضي نواف سلام، أعاد شيئًا من "المنافسة" إلى الاستحقاق وفق ما يقول العارفون، ولا سيما أنّ سلام كان في الأساس، وفي استحقاقات سابقة، مرشحًا فعليًا لقوى المعارضة، ولقوى من خارج دائرتها أيضًا، ما يعني أنّ طرح اسمه اليوم، وفي ظلّ المتغيّرات التي فرضتها الظروف، قد يكون "ورقة رابحة"، خصوصًا إذا نجح في اجتذاب بعض الأصوات من الكتل الأخرى.

جنبلاط وباسيل

على أهميته، لم يكن مثل هذا "التكتيك" قادرًا على إيصال القاضي نواف سلام إلى السراي الحكومي، لو لم يكن "عابرًا" لقوى المعارضة، وهو ما يفسّر الاهتمام بموقف كلّ من كتلة "اللقاء الديمقراطي" وتكتّل "لبنان القوي"، اللذين اعتمدا مبدأ "التشويق" أيضًا، فلم يفصحا عن موقفهما حتى اللحظة الأخيرة، أو ربما كما يقول البعض، تركا هامش المفاوضات، وربما المقايضة، مفتوحًا حتى موعد اللقاء المحدّد بينها وبين رئيس الجمهورية.

وإذا كان صحيحًا أنّ الكتلتين المذكورتين سبق أن سمّتا القاضي نواف سلام في استشارات سابقة، ما يدحض وفق المقرّبين منهما مفهوم "الانقلاب" الذي تحدّث عنه البعض، وقال إنّه حصل بدفعٍ خارجيّ، فإنّ ثمّة من يتحدث عن تفاوت في الاعتبارات والدوافع بالنسبة لكلّ منهما، فضلاً عن اختلاف في الظروف بين الأمس واليوم، ولو كانت الكتلتان أرادتا في مكانٍ ما تكريس "حيثية ما"، في ظلّ ما يشبه التنافس بينهما على "بيضة القبان".

إلا أنّ الأمر يكتسب "رمزية" مختلفة مع باسيل تحديدًا، وفق ما يقول العارفون، وهو الذي "لم يتجاوز بعد" استحقاق الرئاسة، حين قرّر "الثنائي" أن يلتحق بركب "التسوية" على قائد الجيش، ويتجاوز اعتراض "التيار الوطني الحر" عليه، وبالتالي فهو أراد أن يردّ له الصاع صاعين، عبر تصويته لمرشح يقول "الثنائي" إنه لا يرتاح له، خلافًا للمبدأ الذي سار عليه في الرئاسة، حين كان يرفض "تحدّي" الثنائي، وتبنّي أيّ مرشح لا يطمئنّ إليه.

الآن وقد تمّت تسمية القاضي نواف سلام رئيسًا مكلفًا بتشكيل الحكومة، لم يعد مهمًّا الحديث عن "كواليس" التكليف، وسط كمّ هائل من التسريبات، بينها ما يتحدّث عن "انقلاب" حصل، وبينها ما يشير إلى "مغريات" قُدّمت لهذا الفريق أو ذاك. الأهمّ الآن، الانصراف إلى العمل "الجدّي" من أجل تأليف حكومة متناغمة ومتجانسة، وقبل كلّ شيء ميثاقية، وهي مهمّة قد تبدو أكثر تعقيدًا من أيّ وقت مضى، وهنا الامتحان الكبير!
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا