آخر الأخبار

المسوحات شبه منجزة: 50 ألف وحدة مدمّرة.. الدول لا تموّل الإعمار وميقاتي يتحرّك

شارك الخبر
لبنانيًّا، يحمل العام 2025 تركة ثقيلة من سلفه، لعلّ أبرزها آثار الحرب المدمّرة. لكن انطلاقة ورشة إعادة الإعمار تبدو متعثّرة والتمويل دونه عقبات. ما أسباب حجب التمويل الدولي؟ ما الذي تحقّق منذ وقف الحرب على صعيد عمليات المسح؟ وما الذي تفعله الحكومة للدفع باتجاه تأمين التمويل؟ وكم تستغرق مرحلة إعادة الإعمار؟
إنجاز عمليات المسح
غداة دخول اتفاق وقف اطلاق النار حيّز التنفيذ، سارعت الحكومة إلى التحرّك الميداني على خطيّن متوازيين، مسح الأضرار ورفع الأنقاض. كُلّف مجلس الجنوب بالمهمّة في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية، إضافة إلى منطقة البقاع الغربي وراشيا ليقوم بـ"عملية مسح الأضرار المتعلّقة بالمباني، والمنشآت الخاصّة، والبنى التحتيّة والخدمات العامة". خارج منطقة عمل مجلس الجنوب، كُلّفت الهيئة العليا للإغاثة للقيام بالمهمة نفسها. أمّا اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية فيعمل في النطاق الجغرافي لضاحية بيروت الجنوبية. وبالفعل قامت الهيئات والمجالس المعنيّة بجهود كبيرة، وباتت المسوحات شبه منجزة بجزئها الأكبر في البقاع وبيروت، وفي النطاق الجغرافي شمال الليطاني وجنوبه، باستثناء القرى التي لا زالت محتلّة من قبل العدو الإسرائيلي،وفق ما أكّد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين "تبيّن أنّ هناك 50 ألف وحدة سكنيّة مدمّرة بشكل كلي، 6000 وحدة في البقاع، 9000 في الضاحية، و5500 شمال الليطاني و25000 جنوب الليطاني. وهناك 317 ألف وحدة متضرّرة بشكل جزئي، وهذه الأرقام تشمل الوحدات السكنّية والمؤسسات التجارية والصناعية".
الدول المانحة تنأى بنفسها عن التمويل ربطًا بمعادلة سياسية مغايرة
بصرف النظر عن الجدل القائم في البلد عن الجهة المسؤولة عن التعويض على أصحاب المنازل المتضرّرة والمهدمّة، في ظل تحميل البعض المسؤولية لحزب الله من جهة، منطلقين من فتحه جبهة الإسناد وتخزين الأسلحة قرب المنازل، وتحميل الأخير الحكومة مسؤولية إعادة الإعمار من جهة ثانية، هناك حقيقة يدركها الجميع، مفادها أنّ خزينة الدولة اللبنانية عاجزة عن تحمّل أعباء إعادة الإعمار، ليس فقط بسبب ما تعانيه من أزمة ماليّة منذ أكثر من خمس سنوات، بل لأنّ تكلفة ورشة الإعمار تفوق قدراتها الماليّة بأضعاف حتّى في زمن التعافي، كما أنّ إعادة الإعمار لا تقتصر فقط على الوحدات السكنيّة، بل هناك حاجة موازية لإصلاح البنية التحتيّة، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء ومحطّات الاتصالات والطرق والجسور. لذلك لا امكانيّة لانجاز الإعمار من دون دعم الدول المانحة، ولكن رغم مرور أكثر من شهر على وقف الحرب ليس هناك من بوادر جدّية للدعم الدولي، فالدول المانحة لم تبادر إلى المساهمة، على عكس ما حصل بعد عدوان تموز 2006، في حينه سارعت الدول، لاسيّما الخليجيّة كالمملكة العربية السعودية وقطر والكويت، لضخّ مساعدات ماليّة كبيرة في اليوم التالي لوقف الحرب، الأمر الذي ساهم في سرعة بدء ورشة الإعمار، بتكلفة بلغت حوالي 4 مليار دولار.
من هنا يصف شمس الدين في حديث لـ "لبنان 24"انطلاقة الإعمار بالمتعثّرة "التمويل الدولي لا زال محجوبًا عن لبنان وسيبقى كذلك، بانتظار حصول توافق دولي على المرحلة السياسية المقبلة في لبنان، بدءًا بانتخاب رئيس للجمهورية على قاعدة هذا التوافق. عندها فقط من الممكن أن يبادر المجتمع الدولي إلى المساهمة الفعليّة في تمويل ورشة الإعمار، من هنا استحقاق رئاسة الجمهورية على جانب كبير من الأهميّة".
وعن الخيارات المتاحة أمام الحكومة لتمويل إعادة الإعمار في حال تأخّر إنجاز الإستحقاق الرئاسي، كاللجوء إلى البنك الدولي، يلفت شمس الدين إلى صعوبة ذلك "لاسيّما وأنّ الدول التي تغذّي البنك الدولي لن تعطي الإشارة له للتمويل، من دون بلورة التقاطع الإقليمي والدولي حول الواقع السياسي في لبنان". لكن رغم ذلك، لا يقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مكتوف الأيدي، بل يعمل على إنجاز خطّة حكوميّة لإعادة الإعمار بالسرعة والشفافية الكاملة، مرسلًا إشارات مشجّعة للمجتمع الدولي، ربطًا باقتراحه إنشاء صندوق ائتماني بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الاوروبي والدول العربيّة والصديقة، من أجل القيام بإعادة اعمار كلّ ما تدمّر.
8 مليار دولار كلفة ورشة الإعمار
الكلفة الأوليّة لإعادة إعمار هذه الوحدات تقدّرها الدوليّة للمعلومات بـ 8 مليارات دولار، أي أنّ أضرار الحرب بنسختها 2024، هي ضعفا أضرار تموز 2006. البنك الدولي من جهته قدّر خسائر الحرب في تقرير صادر عنه بـ 8.5 مليار دولار، منها 5.8 مليار دولار كلفة إعمار الوحدات المدمّرة، لكن تقديرات البنك الدولي كانت أوليّة ولم تشمل كامل فترة الحرب، إذ ورد تقريره في منتصف تشرين الثاني، أي قبل انتهاء الحرب، علمًا أنّه كان يُسجّل دمار كبير في كلّ يوم، لاسيّما في الأيام الأخيرة قبل دخول وقف اطلاق النار حيّز التنفيذ.
الحزب يدفع بدل ترميم وإيجار
حزب الله من جهته، وفي المرحلة الفاصلة عن تأمين التمويل الدولي،يقدّم بدل إيواء لأصحاب المنازل المدمّرة، بمعدّل 6 آلاف دولار بدل إيجار لمدّة سنة في بيروت أو في ضاحيتها الجنوبية، و4 آلاف دولار في الجنوب، إضافة إلى 8 آلاف دولار بدل أثاث. ويدفع هذه المبالغ للمستفيدين عن منزل واحد فقط، بمعنى من يملك منزلين في بيروت والجنوب، يتمّ احتساب منزل أساسي، والمنزل الثاني لا يُحتسب في هذه المرحلة. وقد تمّ إحصاء 30 ألف كمنازل أساسيّة وفق شمس الدين، أمّا الوحدات المتضررة جزئيًّا والتي تبلغ 317 ألف منزل، طلبوا من أصحابها توثيق الأضرار، والترميم إذا أرادوا ذلك، وتقديم الفواتير، لتعاينها لاحقًا اللجان المختصّة، ومن عمد إلى الترميم من ماله الخاص قدّم فواتيره، بعضهم حصل على الأموال، والبعض الآخر قبض 50 % من قيمة الفواتير التي قدّمها. أضاف شمس الدين "هناك إحصاء للأراضي الزراعية المتضررة، لكن لم تتبلور بعد كيفية التعويض على أصحابها، وكذلك على أصحاب السيارات المتضررة. أمّا المعامل والمصانع والمؤسسات التجارية المتضررة والبالغ عددها حوالي 7 آلاف مؤسسة تجارية، فالتعويض عن البضائع التي كانت موجودة فيها ليس واردًا اليوم، كما أنّ عمّالها فقدوا وظائفهم".
أربع سنوات للإعمار
"عند توافر التمويل ورشة الإعمار تستغرق ما بين ثلاث إلى أربع سنوات، ومن شأنها أن تطلق دورة اقتصادية كبيرة في البلد ليس فقط المناطق المتضررة، كونها تحرّك العديد من القطاعات".
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا