آخر الأخبار

الرئاسة ضائعة بين التناقضات اللبنانية

شارك الخبر
تنعقد الجلسة النيابية عند الحادية عشرة من قبل ظهر غد لانتخاب رئيس للجمهورية، وسط ضغوطات دولية وعربية لانجاز الانتخاب، مع بروز حلف داعم لانتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون، في مواجهة حلف يعمل للحؤول دون وصوله وهو مؤلف من الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، وبعض النواب .
وكتبت" الاخبار":حتى ساعات ليل أمس المتقدّمة، كان هناك ثلاثة مرشحين على الطاولة: أولهم قائد الجيش المدعوم أميركياً وسعودياً، وثانيهم الياس البيسري المدعوم من الثنائي أمل وحزب الله وحلفائهما، وثالثهم جهاد أزعور الذي عادت قوى المعارضة إلى طرح اسمه كبديل في حال فشل مشروع إيصال العماد عون. لكنّ الانقسام الكبير، حال دون تأمين أغلبية كافية من الدورة الأولى، ما يجعل النقاش صعباً حول نتائج الجولات الثانية، ما يفتح الباب مجدداً، أمام احتمال كبير بأن لا تؤدي جلسة الغد إلى نتيجة حاسمة.
وفي سياق الضغط العربي والدولي لانتخاب رئيس يومَ غدٍ الخميس، واعتبار قائد الجيش الشخصية الأكثر تطابقاً مع مواصفات المرحلة المقبلة المطلوبة خارجياً، أتَت زيارة الموفد الأميركي عاموس هوكشتين إلى بيروت التي تلت زيارة الموفد السعودي يزيد بن فرحان، ونقل هوكشتين موقف إدارته المُتماثل مع الموقف السعودي في تأييد عون. لكنه عمّم التأييد على طريقة «سمّى الحيّ وسمّى الجيرة»، متحدّثاً عن رعاية تطبيق القرار 1701 كاملاً، وإعادة تنظيم الحياة السياسية وبناء الدولة وفقَ معايير الشفافية بعيداً من الفساد، كمدخل لأي دعم مالي وتصحيح للعلاقة مع المحيط العربي والمجتمع الدولي، قبلَ أن يعلِن أن عون هو الرجل الذي تنطبق عليه المواصفات المطلوبة دولياً. لكنه حافظ على مسافة بقوله إن المواصفات لا تنطبق على عون حصراً.
ومع أن أسلوب هوكشتين في الكلام مع القوى السياسية كانَ مختلفاً عن تعاطي الموفد السعودي يزيد بن فرحان إلا أن النتيجة واحدة. فلم يكُن اجتماع هوكشتين مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ودياً، بعدَ أن سأل المسؤول الأميركي عن حظوظ قائد الجيش، لافتاً إلى أن «الخماسية» تعتبره الأقرب إلى المواصفات المطلوبة، فكانَ ردّ برّي بنفس الحدة التي ظهرت في اللقاء مع ابن فرحان مؤكداً أنه «لا يحظى بالتوافق وأن هناك إشكالية في ما يتعلق بالتعديل الدستوري وأن عون ليس هو الشخصية القادرة على صياغة تفاهمات مع القوى السياسية في البلد». وقد سمع هوكشتين من بري أن هناك فريقاً وازناً يدعم وصول المدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري، وأن الأخير لا يحتاج إلى تعديل دستوري. وبعدَ اللقاء مع بري، توجّه المبعوث الأميركي إلى السراي الحكومي للقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لكنّ الاجتماع ركّز على «وضع الجنوب ومساعي الاستقرار التي يمكن أن تسقط في أي لحظة في حال استمرت إسرائيل في ممارسة عدوانيتها تجاه لبنان».
في هذا الوقت، تحوّل لبنان إلى أسير للساعات الفاصلة عن موعد الجلسة التي دعا إليها بري عند الساعة الحادية عشرة، مشغولاً بسؤال واحد وهو: هل تكون الجلسة الرقم 13 هي خاتمة 800 يوم من الفراغ؟
الأكيد أن أحداً لا يملك الجواب الحاسم على مصير هذه الجلسة ولا تصوّراً لأي سيناريو، لكنّ هناك تقاطعاً عند نقطة أن «عدم انتخاب رئيس يوم غدٍ الخميس يعني انتقال البلد إلى مستوى جديد من الاشتباك السياسي الداخلي والخارجي»، وذلك لعدة أسباب: أبرزها، أن هذه الجلسة تأتي بعدَ أن كشفت كل القوى الخارجية ورقتها في الملف الرئاسي، وأماطت اللثام عن تناغم أميركي – سعودي لا يُمكن أن تتصدى له لا فرنسا ولا قطر ولا مصر، بعدَ أن أعلنت واشنطن والرياض موقفهما المنحاز إلى قائد الجيش. ويبدو أن هذه الدول تستعجل إنجاز مشروعها في لبنان، انطلاقاً من الانتخابات الرئاسية لتتفرّغ إلى ما يحصل في سوريا وما تفرضه التطورات فيها من تحدّيات. يعني ذلك، أن باقي أعضاء الخماسية، تحديداً باريس التي تُفضّل سمير عساف أو الدوحة التي دعمت اللواء البيسري، لن يكون بمقدورهم العمل بشكل منفرد، إذ علمت «الأخبار» أن الرياض وواشنطن أبلغتا الدوحة عدم خوض معركة أحد، وهو ما دفع القطريين إلى الحديث عن مواصفات «الخماسية» من دون الدخول في أسماء. وفيما يعوّل البعض على زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الذي وصل مساء أمس إلى بيروت، في إحداث خرق ما بشأن قائد الجيش، أي أن يقنع بري به، قالت مصادر مطّلعة إن «جولة لودريان لا يُعوّل عليها في تغيير شيء».
واستناداً إلى حصيلة اليومين الماضيين، يُمكن الإشارة إلى أن خيار قائد الجيش ما زالت تعترضه الكثير من العقبات، خصوصاً أن موقف «القوات اللبنانية» التي حاولت قيادتها إحاطته بالغموض، ظهر أكثر وضوحاً بإعلان قائدها سمير جعجع أن موقفه من ترشيح عون مرتبط بإعلان دعمه من قبل الثنائي أمل وحزب الله، ما فتح عملياً الباب أمام الحديث عن غياب الغطاء المسيحي الذي يجب أن يؤمّنه «التيار الوطني الحر» أو «القوات» التي رهنت السير به بتوافر غالبية الثلثين له، مروراً بموقف كل من حزب الله وحركة أمل غير المؤيّد، فضلاً عن النواب السنّة الذين لم يُظهروا بغالبيتهم أي حماسة تجاه عون، كما معظم نواب المعارضة الذين تدارسوا أمس فكرة الدعوة إلى اجتماع اليوم وإعلان تمسّكهم بمرشح «التقاطع» جهاد أزعور، علماً أن الأخير كرّر أمام سائليه من النواب أنه لا يريد أن يتم وضعه مجدداً في قلب معركة ومواجهة. لكنّ المعارضة ستضع اسم أزعور ضمن لائحة تجمعه مع قائد الجيش ومع النائب نعمة افرام والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، وعلمت «الأخبار» أن المعارضة ستعقد لقاءً في معراب مساء اليوم، على أن يسبقه اجتماع في منزل النائب نبيل بدر للنواب السنّة عند الساعة الخامسة والنصف.
وفي الساعات الماضية، تسرّبت معلومات عن تواصل حصل بين النائب جبران باسيل والحاج وفيق صفا، وبين برّي وباسيل، وأشارت مصادر مطّلعة إلى أن برّي لا يزال يعمل على ورقة اللواء البيسري ويحاول إقناع بعض النواب السنّة به لتأمين أصوات له في الدورة الثانية. فيما أفادت أوساط مطّلعة على اللقاء الذي جمع النائب هاغوب بقرادونيان برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن «الحديث تمحور حول ضرورة وصول مرشح توافقي وغير مستفزّ لأي طرف واقتناع كل القوى السياسية من كل الأطياف بذلك. وبالتالي لا مشكلة لدى الطاشناق باعتماد مرشح من هذا النوع وارتياحه للأسماء المطروحة حالياً والتي تُعدّ مقبولة لدى الجميع». فضلاً عن إطلاع باسيل لبقرادونيان حول انفتاحه على كل المرشحين المطروحين باستثناء قائد الجيش وعدم ممانعته السير بأي شخص ذي مشروع مفيد للبنان واللبنانيين.
وفي حال سمّت المعارضة الوزير جهاد أزعور، فسيكون هو المرشح المتقدّم في الدورة الثانية على عكس اللواء البيسري أو الآخرين، لكنه قد لا يضمن عدداً كبيراً من الأصوات، ما يسمح لبري برفع الجلسة فيؤجل الاستحقاق إلى ما بعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 الجاري، مع ما ينطوي عليه ذلك من مَخاطر تحيط بلبنان في الأسبوعين الفاصلين.
وكتبت" نداء الوطن": في وقت تتحرك بقوة "ماكينة" نيابية لمصلحة العماد جوزيف عون، تُخاض على خط مواز "معركة التقاطع" تحسّباً لما بعد عون المرشح في حال لم تُفَكَّك ألغام "الثنائي الشيعي" أمامه. حتى الآن "معركة التقاطع" أبطالها المُرشِّحون في حين تعمل الأسماء المحتملة بخفر وحذر. وبرأي مصدر قيادي في المعارضة "في حال سُدت السُبل أمام عون، فمرشح "التقاطع" يجب أن يكون صاحب موقف واضح، ومقتنعاً بأن اتفاق وقف النار في الجنوب يعني من دون لبس ضرورة تسليم "حزب الله" سلاحه في جنوب الليطاني وشماله، وتفكيك كل بنيته العسكرية. وفي هذا السياق علمت "نداء الوطن" في شأن مرشحي التقاطع أن المعارضة قامت بمروحة اتصالات في الساعات الأخيرة ولمست قبولاً لإسمي جهاد أزعور وزياد حايك.
محور الممانعة، وبعد سقوط خياري رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجيه والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، يحاول جس نبض "التقاطع" على اسم الوزير السابق زياد بارود، الذي زار بكركي منفرداً وأكد انه سيكون خارج المنافسة وسيبارك للرئيس، ولكن في حال لم يحصل هذا التوافق في جلسة الانتخاب، فكل الاحتمالات واردة بما فيها الاستمرار في المعركة الرئاسية.

وتقول مصادر مطلعة أنه بمجرد أن تتجه المعارضة السيادية إلى التقاطع على اسمَي جهاد ازعور أو زياد حايك، فهذا يعني حكماً أن الدكتور جعجع غير مرشَّح، وعد الترشيح يهدف إلى فكفكة الألغام أمام الاستحقاق برمته، إن للإبقاء على حظوظ عون، أو لمنع وصول "مرشح الممانعة" تحت تسميات مزيفة، لن تحجب خضوعه لاحقاً لمن أوصله.

وكان لافتاً الموقف السلبي، في كل الاتجاهات، الذي سربه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فكتب على حسابه على إكس: "التيار الوطنيّ الحر لن يصوت مع الثنائيّ الشيعيّ على مرشح يرفضه المجتمع الدولي ولن يصوت مع المعارضة على مرشح ضد الثنائيّ الشيعيّ". لا جديد سوى الموقف السلبي من قائد الجيش.

وعلى رغم تكتم أزعور في ما يتعلق باستحقاق الغد، فقد أوضحت أوساط متابعة للملف الرئاسي أنه يتمنى أن تنتهي جلسة الخميس إلى انتخاب رئيس يحظى بأكبر قدر من الدعم يوفّر له زخماً من أجل النهوض بلبنان، بغض النظر عمن يختاره النواب.

وأشارت الأوساط إياها إلى أن أزعور لا يعتبر نفسه، من هذا المنطلق، في مواجهة مع أي مرشح آخر، وهو يريد أن يكون اسمه عنواناً لحلّ، لا سبباً لانقسام إضافي، ولا خصوصاً تحدياً لأي طرف.

وأضافت أن أزعور يرى أن أي رئيس يحتاج إلى التفاف من اللبنانيين حوله بتعاون من المجتمعَين العربي والدولي، وهو ما تسعى إليه "اللجنة الخماسية" لكي يتمكن من أن يحكم لبنان بفعالية في هذه الظروف، وإذا تأمّن هذا الالتفاف على أي اسم، فسيكون الهدف قد تحقّقَ، وهو إعادة الانتظام إلى المؤسسات، والانطلاق في مسيرة إخراج لبنان من وضعه الراهن.

وفي السياق الرئاسي أيضاً، علمت "نداء الوطن" أن اتفاقاً ضمنياً حصل بين المعارضة السيادية وكتل "الاعتدال الوطني" و"اللقاء الديمقراطي" ونواب مستقلين وتغييريين وحتى كتلة "الوفاق الوطني" ومجموعات أخرى، ويتضمن هذا الاتفاق التصويت لمصلحة قائد الجيش في الدورة الأولى، أما بالنسبة لكيفية التعامل مع الدورة الثانية في حال لم يفز عون من الدورة الأولى، فهذا سيتقرر خلال اجتماعات مكوكية ستعقد اليوم بين جميع هذه المكونات حيث ستوضع جميع الاحتمالات على الطاولة. لكن الأكيد أن المعارضة ستنزل إلى الجلسة بكامل جهوزيتها ولن تسمح بحصول مفاجآت تعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
وبانتظار عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الذي من ضمن لقاءاته الاجتماع مع جعجع اليوم السادسة مساءً، لم تستبعد مصادر مطلعة أن يصل أيضاً موفدٌ سعودي إلى لبنان قبل الجلسة، ما يعني أن المواقف ستتضح أكثر خصوصاً بعد اجتماع المعارضة ليلاً في معراب
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا