صحيحٌ أن نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد قد انهار في سوريا على يد المعارضة هناك، إلا أن التساؤلات البارزة بشكل خاص هي التالية: هل انهار دور "حزب الله" في سوريا بالكامل؟ ما هي مصلحة الحزب الآن هناك؟ وأين إسرائيل من الحزب في سوريا؟
عسكرياً، يُمكن القول إن السيطرة التي كان يفرضها "حزب الله" في سوريا قد انهارت تماماً، فلم يعد بإمكانه التواجد نهائياً في أي منطقة لأنّ دوره هناك انتهى مع انتهاء النظام السوري. فعلياً، هذا الأمر يمثل وجهة نظر راسخة في الوقت الحاضر، فالسلطة الجديدة في سوريا "معارضة" لـ"حزب الله"، وبالتالي فإن دوره هناك بات منعدماً رغم كل القتال الذي خاضه إلى جانب النظام السوري لسنوات عديدة.
في المقابل، هناك وجهة نظرٍ أخرى تتحدث عن أن الحزب قد لا يترك سوريا، وتفيدُ بأن دوره لم ينتِه هناك، ذلك أنّ الكثير من الأطراف التي كانت تعمل معه في الداخل السوري يمكن أن تساهم إلى حد كبير في تسيير مصالح له خصوصاً بعد انضمامها إلى "سوريا الجديدة"، وفق ما تقول مصادر متابعة لشؤون المعارضة السورية لـ"لبنان24".
لا يوفر "حزب الله" حتى الآن أي جُهد لـ"تجيير" وضع سوريا الجديدة نحوه، لكن هذا الأمر قد يكلفه كثيراً من الوقت والجهود. في الواقع، فإنَّ الشبكات التي قد يستغلها الحزب في سوريا لصالحه قد تعمل سراً الآن، كما من الممكن أن يُستفاد من الحالة الانتقالية الآن لترسيخ وجودٍ أكبر وتمرير ما يمكن تمريره من صفقات لاسيما أن "الجهات الأمنية السورية" غير فعالة حتى الآن لضبط ما يجب ضبطه.
عملياً، فإنَّه لا يمكن للحزب أن ينسف معرفته الجغرافية بسوريا طيلة السنوات الماضية وألا يعمد إلى استغلالها لصالحه خصوصاً في مرحلة الفوضى الأمنية التي تمر بها سوريا الآن قبل التنظيم المرتقب. لهذا السبب، فإنَّ خطوط الامداد الفرعية يمكن أن تستمر ولو بالحدّ الأدنى خصوصاً أن عاد التهريب ليدخل المشهد مجدداً من البوابة العراقية نحو سوريا، وهذا الأمر غير مُستبعد على الإطلاق من خلال عناصر يمكن تجنيدهم حقاً لهذه المهمة.. فما الذي يمنع ذلك؟
السؤال الأساس وسط كل ذلك هو التالي: أين إسرائيل من كل ذلك؟ هنا، يمكنُ بيت القصيد، فبقاء إسرائيل ضمن سوريا قد يضرب الكثير من مخططات "حزب الله" لاسيما إن كانت الرقابة الجوية مشددة هناك مثلما يحصل فوق لبنان.
وفق المصادر، فإنّه من البديهي جداً أن تعمل الاستخبارات الإسرائيلية على تكثيف جهودها داخل سوريا لتتبع أي أنشطة للحزب هناك، ما يجعل أمر الاستهدافات قائماً ووارداً في أي لحظة، علماً أن إسرائيل ترى أن بقاءها في سوريا سيكون طويل الأمد مرحلياً.
كل ذلك يعني أن الحزب سيبقى مكشوفاً، وبالتالي ما عانى منه في لبنان سيواجهه في سوريا وبشكلٍ أكثر صرامة، ما يفتح الباب أمام إمكانية تأخير الخُطط التي قد يستفيد منها لإنعاش نفسه عبر ما تبقى من طريق إمدادٍ بات مُغلقاً بنسبة كبيرة مع بعض الخروقات البسيطة.
وإن تمت العودة قليلاً إلى الوراء، سيتبين أن انكشاف "حزب الله" لم يكن في لبنان فحسب بل كان في سوريا أيضاً، فيما جملة الاستهدافات التي حصلت هناك مرتبطة بشبكة عملاء كان لها دور كبير في كشف قادة "حزب الله" الذين تم اغتيالهم في دمشق.
إذاً، ومع كل هذه المشهدية، يبقى رهان "حزب الله" على سوريا مرتبطاً بما قد يشهده الميدان هناك خصوصاً عند الحدود مع لبنان، والسؤال الأهم هو التالي: أي دور سيكون للمنظمات الفلسطينية الموجودة في سوريا لمساعدة حزب الله؟ كذلك، هناك سؤال آخر وهو: "هل ستنخرط في عمليات الدعم من موقعها "المساند" لـ"رد الجميل" أم أن دورها انتهى مع انتهاء النظام؟ الأسئلة هذه مشروعة والأيام ستكشف إجاباتها.