آخر الأخبار

عام على فتح جبهة الإسناد.. هل أخطأ حزب الله بدخول الحرب؟!

شارك الخبر
مصدر الصورة
في الثامن من تشرين الأول 2023، أي بعد يوم واحد من بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" غير المسبوقة التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية، اتخذ "حزب الله" قراره الشهير بفتح ما سُمّيت بـ"جبهة الإسناد" في جنوب لبنان، من باب دعم الشعب الفلسطيني المُحاصَر في وجه الحرب، ومنعًا للاستفراد به من جانب العدوّ، وللتأكيد على مبدأ "وحدة الساحات"، ومحورية القضية الفلسطينية بالنسبة إليه.
 
وفي ذكرى مرور عام على فتح "جبهة الإسناد"، تبدو الصورة "سوداوية" إلى حدّ بعيد، بعدما حوّل العدوّ الإسرائيلي جبهة الإسناد إلى ساحة حربٍ وحشيّة وعدوانيّة بأتمّ معنى الكلمة، لا يتوانى فيها عن ارتكاب المجازر بصورة يوميّة، وقد افتتحها بسلسلة ضربات وُصِفت بالقاسية والمؤلمة لـ"حزب الله" نفسه، بدأها بما اصطلح على وصفها بـ"مجزرة البيجر"، ولم يختمها بالجريمة الصادمة والغادرة، مع اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله.
 
وبين الثامن من تشرين الأول 2023 والثامن من تشرين الأول 2024، يبدو الفارق شاسعًا، تمامًا كالفارق بوجهات النظر بين مؤيدي قرار "فتح الجبهة" ومعارضيه، فيما تُطرَح علامات استفهام بالجملة حول المراجعة المطلوبة اليوم، فهل أصاب "حزب الله" أم أخطأ بقراره، وهل كان الأمر يستحقّ فعلاً كلّ التضحيات التي قُدّمت، والتي تبدو أقسى من القدرة على التحمّل، وأيّ سيناريوهات محتملة اليوم لنهاية هذه الحرب المدمّرة؟!
 
"حزب الله" ثابت على موقفه
 
في البيان الذي أصدره في ذكرى مرور عام على عملية "طوفان الأقصى"، حرص "حزب الله" على تأكيد "ثباته" على موقفه من فتح جبهة الإسناد، بوصفه قرارًا "إلى جانب الحق والعدل والإنسانية التامة"، فضلاً عن كونه "قرارًا بالدفاع عن لبنان وشعبه". وإذ أكّد الثقة بقدرة المقاومة على صدّ العدوان، والشعب على الصبر والصمود والتحمّل حتى زوال الغمّة، أطلق ما يمكن اعتبارها معادلة جديدة، عنوانها "ولّى زمن الهزائم، وجاء زمن نصر الله".
 
ويقول العارفون بأدبيّات "حزب الله" إنّ الأخير بثباته على موقفه من فتح الجبهة رغم كلّ شيء، لا يبدي "انفصامًا عن الواقع" كما يقول البعض، فهو في متن بيانه، تحدّث بصراحة عن "أثمان باهظة ومكلفة" دفعتها المقاومة، سواء في بنيتها القيادية، أو العسكرية أو المادية، فضلاً عن "الفاتورة القاسية" للنزوح القسري، والدمار الثقيل، وهو بذلك ينسجم مع ما قاله الشهيد السيد حسن نصر الله في آخر خطاباته، حين تحدّثت عن ضربات قاسية وغير مسبوقة.
 
ويشير هؤلاء إلى أنّ الخسائر مؤلمة بلا شكّ، وعلى رأسها خسارة الأمين العام للحزب، الرجل الاستثنائي الذي قد لا يكون تعويضه مُتاحًا، لكنّ ذلك لا يعني الخروج على المبدأ الذي دفع الحزب في المقام الأول إلى دخول الحرب، إسنادًا لغزة، ودعمًا للقضية المركزية الأولى بالنسبة إليه، علمًا أنّ الحزب لو لم يفتح الجبهة، ويتّخذ موقفه الشهير، لكان هوجم من نفس من يهاجمونه اليوم، بذريعة أنّه خان القضية، وغدر بالفلسطينيين، وفق ما يقول هؤلاء.
 
هل أخطأ "حزب الله"؟
 
في مقابل هذا الرأي الذي يعبّر عنه الدائرون في فلك "حزب الله"، ثمّة من يقول إنّ الحزب أخطأ التقدير بالقرار الذي اتّخذه بفتح الجبهة، خصوصًا بعدما اتّضح أنّه لم يعدّ العدّة جيّدًا لهذه الحرب، أو بالحدّ الأدنى، أنه لم يكن يدرك حجم "الاختراق" في داخله، والذي أدّى إلى تآكل بنيته القيادية والعسكرية كما لم يتوقع، علمًا أنّ الحزب كان مقتنعًا بأنّ إسرائيل لن تذهب إلى حربٍ شاملة معه، وأنّ الأمور ستبقى "محصورة" بمقتضيات جبهة الإسناد، لا أكثر ولا أقلّ.
 
ويتناغم أصحاب هذا الرأي مع موقف معارضي الحزب، الذين يذهبون إلى حدّ القول إنّ قرار الحزب فتح جبهة الإسناد كان "خطيئة"، لأنّ الوقائع أثبتت أنّه ورّط لبنان بحربٍ تحت عنوان إسناد الشعب الفلسطيني، كما لم تفعل أيّ دولة عربية أخرى، وبطريقة تكاد تكون "انتحارية"، فبدل أن تسند هذه الجبهة الشعب الفلسطيني في لبنان، وضعت الشعب اللبناني تحت النار، ليصبح هو بحاجة إلى "إسناد"، لم يكن متوافرًا من أيّ طرفٍ آخر.
 
ولعلّ الأخطر من ذلك، وفقًا لمعارضي الحزب، أنّ الحزب حين دخل هذه الحرب غير المحسوبة، "ضحّى بنفسه" في المقام الأول، وقد أضحى اليوم في موقف لا يُحسَد عليه، في ضوء اغتيال كبار قادته، من دون أن يتراجع حتى الآن عن الربط بين الجبهتين، في حين كان الأوْلى به عدم رفع السقف في المقام الأول، والاقتداء بالحدّ الأدنى بمرجعيته الإقليمية إيران، التي لا تزال رغم كلّ شيء، تعمل على تجنّب الذهاب إلى حرب إقليمية.
 
في ذكرى مرور عام على فتح "جبهة لبنان"، قد يعتقد كثيرون أنّ أضرار القرار كانت أكبر من مكاسبه، فبدل أن تتوقف الإبادة في غزة، يبدو أنّها تمدّدت إلى لبنان، و"حزب الله" بات أضعف ممّا كان عليه، بعد الضربات غير المسبوقة التي تعرّض لها. لكنّ المحسوبين على الحزب يردّون على هذا المنطق، بمنطق مضاد، عنوانه أنّ الحزب الذي يدفع أثمانًا باهظة، كسب بهذا القرار "انسجامه مع نفسه ومع ثوابته"، وهنا بيت القصيد! 
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك الخبر

إقرأ أيضا