آخر الأخبار

من الرقة إلى قنديل… كيف تُدار "قسد"؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي





قوات سوريا الديمقراطية (قسد) - تعبيرية خاص العربية.نت

منذ الإعلان عن تأسيسها أواخر عام 2015، برزت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) كفاعل عسكري رئيسي في شمال وشرق سوريا، ليس فقط بحكم سيطرتها على مساحات واسعة، بل بسبب الجدل المزمن حول تركيبتها القومية، وطبيعة قيادتها، وحجم الدور الأميركي في نشأتها وتوجيهها، وبينما تكرر قيادتها أن قوامها يناهز 60 ألف مقاتل، يبقى السؤال الأهم: من يقرر داخل هذا التشكيل؟

اسم مُسوّق… ونواة صلبة

لم تكن تسمية "قوات سوريا الديمقراطية" تفصيلاً عابراً، فالاسم، الذي يجمع بين "سوريا" و"الديمقراطية"، صيغ في سياق إقليمي ودولي حساس مع تصاعد الحرب على "داعش"، وحاجة واشنطن إلى شريك محلي قابل للتسويق سياسياً، الهدف كان تقديم قوة «جامعة» تمثل مكونات المنطقة، لا ميليشيا ذات لون قومي واحد.

لكن هذا الغلاف السياسي لم يُلغِ حقيقة أن النواة الصلبة لقسد تشكّلت من (وحدات حماية الشعب) و(وحدات حماية المرأة) (YPG/YPJ)، الذراعين العسكريتين لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (PKK).

وسبق أن أقرّ قائد العمليات الخاصة الأميركية آنذاك، الجنرال ريموند توماس (2017)، بأن إطلاق اسم «قسد» جاء بطلب أميركي للتخفيف من حساسية الارتباط العلني بـ(YPG) المصنّف امتداداً لـ(PKK)، الذي تُصنّفه أنقرة وواشنطن منظمة إرهابية، لكن الولايات المتحدة تعاملت مع YPG كقوة محلية منفصلة ضمن قسد.

اتهامات حقوقية مبكرة

في أواخر 2015، قالت منظمة العفو الدولية إن بعثتها إلى شمال سوريا وثّقت عمليات تهجير قسري وتدمير منازل بحق عرب في مناطق خاضعة لسيطرة «الإدارة الذاتية» بقيادة (PYD) وأشارت إلى تدمير واسع النطاق في بلدات وقرى بالحسكة والرقة، مدعّوماً بصور أقمار صناعية.

كما تحدّثت تقارير عن تهجير عشرات الآلاف من العرب من مناطق ريف عين العرب (كوباني)، ووثقت تقارير حقوقية رسمية (مثل منظمة العفو الدولية وأخرى أممية) انتهاكات رُفِعَت ضد سلطات الإدارة الذاتية وقسد تشمل الاعتقالات التعسفية، سوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، والإبقاء على آلاف المحتجزين في ظروف غير إنسانية بعد الحرب على داعش.

عناصر من قسد في الحسكة (أرشيفية- رويترز)

معضلة واشنطن… والحل العربي

قبل 2015 كانت «وحدات حماية الشعب» القوة الأكثر تنظيماً في مناطق سيطرة (PYD) ومع بدء التدخل الجوي الأميركي ضد «داعش»، ولا سيما بعد معركة عين العرب، برزت هذه الوحدات كشريك ميداني أساسي.

غير أن واشنطن واجهت معضلة سياسية وقانونية في التحالف المباشر مع قوة متهمة بارتباطاتها بمنظمة (PKK)، ليكون الحل عبر تأسيس مظلة أوسع تضم فصائل عربية ومحلية صغيرة إلى جانب الوحدات الكردية، تحت اسم جديد وقيادة اسمية متعددة.

وهكذا وُلدت «قسد» في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، بمشاركة مجموعات مثل «جيش الثوار» و«لواء السلاجقة» وتشكيلات عشائرية من الحسكة والرقة، لتكون قوة محلية متعددة الإثنيات والأديان ما بين كردية وفصائل عربية وآشورية وأقليات أخرى.

التركيبة القومية… أرقام أم واجهات؟

وتؤكد قيادة «قسد» أن العرب يشكّلون نسبة كبيرة من مقاتليها، وتذهب أحياناً إلى أنهم الأغلبية، لكن شهادات منشقين، أبرزهم العقيد طلال سلو المتحدث السابق باسم «قسد»، قدّمت رواية مختلفة.

ففي تصريحات لوسائل إعلام دولية بعد انشقاقه عام 2017، قال إن القرار الفعلي بيد كوادر مرتبطة بـ(PKK)، وإن المقاتلين العرب – رغم كثرتهم العددية في بعض المناطق – لا يمتلكون وزناً حقيقياً داخل الهيكل القيادي، ولكن هذه المعلومات الذي قدمها سلو وارتباط قسد بمنظمة (PKK) تبقى تهمة غير مؤكدة وتنفيها قيادة (قسد) منذ نشأتها.

وبحسب تلك الروايات، يمكن تقسيم مقاتلي «قسد» إلى ثلاث فئات هم كوادر أيديولوجية وتنظيمية تتهم بأن لها ارتباطا بـ(PKK) تشغل مواقع القيادة والتخطيط، ومقاتلون أكراد محليون ضمن (وحدات حماية الشعب)، والثالث هو مقاتلون عرب من أبناء المنطقة جرى تجنيدهم ضمن مجالس عسكرية محلية، غالباً بدوافع اقتصادية أو أمنية.

عناصر من قسد في الحسكة (أرشيفية- رويترز)

الدور الأميركي ماذا وراء الدعم؟

فيما لم يقتصر الدور الأميركي على الغطاء الجوي والسلاح، بل شمل التدريب وإعادة الهيكلة وبناء منظومة قيادة وسيطرة وتعاملت واشنطن مع «قسد» كأداة وظيفية في الحرب على «داعش»، مع إدراكها لطبيعة القوة المهيمنة داخلها.

العقيد سلو تحدث عن دور محوري للمبعوث الأميركي السابق بريت ماكغورك، لافتاً إلى إنشاء تشكيلات بأسماء «عربية» خلال معارك منبج والرقة لتقديم صورة توحي بأن أبناء المناطق هم من يقودون العمليات.

فيما بقي القرار بيد القيادة العليا، وأشار إلى أن كميات كبيرة من السلاح سُلّمت باسم «تحالفات عربية»، لكن ما وصل فعلياً للعرب اقتصر على أسلحة خفيفة.

تحالفات متناقضة

ورغم الرعاية الأميركية، فقد تعاونت «قسد» في مراحل مختلفة مع روسيا، وقاتلت تحت غطائها الجوي ضد فصائل المعارضة في شمال غربي سوريا، وسيطرت خلال 2015–2016 على تل رفعت ومحيطها.

كما ساندت قوات مرتبطة بها النظام السوري السابق في حصار أحياء حلب، ولم ينقطع التنسيق مع دمشق قبل تسمية «قسد» ولا بعدها، وهو ما يعيد إلى الواجهة تاريخ دعم نظام الأسد الأب وإيران لتأسيس (PKK) واستضافته معسكرات تدريب له في سوريا ولبنان.

فيما أشارت بعض التقارير إلى أن واشنطن قد تكون هي من دفعت قسد نحو اتفاقيات مع النظام السابق في دمشق لمنع انزلاق الأمور إلى صراع أوسع مع تركيا.

عناصر من قسد في دير الزور 7 ديسمبر 2024(رويترز)

من يقاتل… ومن يقرر؟

وبعد قرابة عقد على تأسيسها، قد يكون رقم «60 ألف مقاتل» واقعياً بالنظر إلى التركيبة السكانية لمناطق تسيطر عليها «قسد» في دير الزور والرقة والحسكة، حيث يشكّل العرب أغلبية واضحة، لكن العدد لا يعكس ميزان القوة داخل التشكيل، فالمسألة ليست من يقاتل، بل من يقرر.

وبينما يقف آلاف المقاتلين العرب في الصفوف الأمامية، يبقى القرار السياسي والعسكري في يد قيادة ضيقة، ترى في «قسد» أداة لمشروع يتجاوز محاربة «داعش» إلى إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية لشمال سوريا، ولفهم «قسد» يتطلب تجاوز الأرقام والشعارات، والعودة إلى بنية القوة نفسها وهو نشأتها، قيادتها، وارتباطاتها الإقليمية والدولية.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا