آخر الأخبار

لبنان عالق بين رفض حزب الله وتهديدات إسرائيل.. عودة الحرب؟

شارك
ويشرح بلانفورد أن نتيجة كل هذا هي جمود محتمل. وحتى لو بقي حزب الله متصلبا ورفض تسليم أسلحته، "فإن الحكومة اللبنانية لا تستطيع ولن تفعل ولا ينبغي لها أن تنشر الجيش اللبناني ضد الحزب، لأن ذلك سيؤدي على الأرجح إلى انهيار الجيش وربما إشعال حرب أهلية. وحتى لو كان الجيش اللبناني قادرا على قتال حزب الله، فلن يكون بمقدوره فعل ذلك خوفا من الإخلال بالتوازن السياسي الدقيق في البلاد"صورة من: Mahmoud Zayyat/AFP/Getty Images

أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرا خلال نهاية الأسبوع الماضي، وهو أمر أصبح مألوفا للمدنيين الذين يعيشون في جنوب لبنان. إذ قال إنه سيهاجم قريبا ما ما قال إنها بنية تحتية تابعة لحزب الله في بلدة يانوح.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي على منصة إكس بعد ظهر يوم السبت (13ديسمبر/كانون الأول 2025): "أنتم موجودون بالقرب من مبان يستخدمها حزب الله، ولأجل سلامتكم، يجب عليكم إخلاؤها فورا والابتعاد مسافة لا تقل عن 300 متر".

ثم حدث أمر غير معتاد إلى حد ما. طلب الجيش اللبناني أنه بدلا من ضربة جوية إسرائيلية، ينبغي السماح له بتفتيش الموقع بنفسه بحثا عن أسلحة. وفي ما وصفته وسائل إعلام إسرائيلية لاحقا بأنه حدث نادر وغير مسبوق، وافق الجيش الإسرائيلي وألغى الضربة الجوية على يانوح. كان ذلك لحظة إيجابية في وضع يزداد صعوبة بالنسبة للبنان، في وقت يبدو فيه أن وقف إطلاق النار المبرم في تشرين الثاني 2024 بين إسرائيل ولبنان مهدد بالانهيار.

لماذا كان وقف إطلاق النار ضروريا؟


حزب الله  ليس مجرد ميليشيا، بل هو أيضا قوة سياسية واجتماعية مهمة في لبنان، وغالبا ما يوصف بأنه دولة داخل دولة، مع شبكة رعاية اجتماعية وقوة عسكرية تنافس مؤسسات الدولة اللبنانية الفعلية.

وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني ، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية ".

بين أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2024، هاجم الجيش الإسرائيلي حزب الله ولبنان برا وجوا. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، تم التوصل إلى وقف إطلاق نار بوساطة فرنسا والولايات المتحدة، وكان من بين شروط الاتفاق أن يقوم لبنان بنزع سلاح الحزب بحلول الحادي والثلاثين من ديسمبر/ كانون الأول 2025. وفي المقابل، ستتوقف إسرائيل عن مهاجمة لبنان وتسحب قواتها.

ومع اقتراب الموعد النهائي، تتعرض الدولة اللبنانية لضغوط لإثبات أنها تنزع سلاح حزب الله. وتقول إنها حققت الكثير. ويقول الجيش اللبناني إنه فجر عددا كبيرا من مخازن الأسلحة إلى درجة أنه نفد خزينه من المتفجرات.

لكن كما يشير المراقبون، من الصعب إثبات ذلك. وهناك أيضا خلاف مستمر حول ما إذا كان نزع السلاح يحدث فقط في الجنوب، الأقرب إلى الحدود الإسرائيلية، أم في البلاد كلها. إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، واصلت إسرائيل القصف في لبنان بشكل شبه يومي منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، ما أدى إلى مقتل أكثر من مئة وعشرين مدنيا لبنانيا، ولم تسحب قواتها بالكامل.

حالة من الجمود


يقول ديفيد وود، كبير محللي شؤون لبنان في مركز الأبحاث مجموعة الأزمات، لـDW "إن كل طرف يدعي أن الطرف الآخر لا يلتزم بوقف إطلاق النار، ولذلك لن يلتزم به هو أيضا". وأضاف أن "السؤال هو من سيتراجع أولا".


على سبيل المثال، "تقول إسرائيل إنها لن تسحب جميع جنودها من لبنان إلا عندما يتم نزع سلاح حزب الله. ويقول حزب الله إنه لن يفعل ذلك إلا عندما يغادر الجنود الإسرائيليون وتتوقف إسرائيل عن قصف البلاد، وذلك على الرغم من أن إسرائيل تتمتع بتفوق عسكري واضح"، كما يشير وود.

والدولة اللبنانية عالقة في المنتصف، وخلال الأسابيع القليلة الماضية، تعرضت لضغوط متزايدة من إسرائيل والولايات المتحدة.


ويعاني لبنان من   أزمة اقتصادية  منذ نحو سبع سنوات، والجيش اللبناني يعتمد على المساعدات الخارجية. وقد قالت الولايات المتحدة إنها ستقطع تمويله إذا لم يسارع الجيش اللبناني إلى نزع سلاح حزب الله. ولكن إذا تم وقف تمويل الجيش اللبناني، فلن يكون قادرا بطبيعة الحال على القيام بهذه المهمة.
كما تضغط إسرائيل على لبنان، إذ حذر وزير الدفاع إسرائيل كاتس مؤخرا من أنه إذا لم يتقدم نزع السلاح بوتيرة أسرع، فستصعد إسرائيل عملياتها العسكرية في لبنان مرة أخرى.

لكن في الواقع، قد يكون القصف الإسرائيلي يعرقل تلك العملية، بحسب ما يرى نيكولاس بلانفورد، الزميل البارز في برنامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي. وكتب في إحاطة في أكتوبر/ تشرين الأول أن الأعمال العدائية الإسرائيلية، تقوض عملية تحقيق نزع سلاح حزب الله. وأضاف أنه إذا انسحبت إسرائيل من الأراضي اللبنانية وخفضت بشكل كبير أعمالها العسكرية، فسيضع ذلك حزب الله تحت ضغط أكبر بكثير للتخلي عن سلاحه. ويقول حزب الله إن الحكومة اللبنانية لا تفعل شيئا لوقف إسرائيل، ويجادل بأنه يدافع عن البلاد لأن الحكومة الفعلية لا تستطيع أو لا تريد ذلك.


ويشرح بلانفورد أن نتيجة كل هذا هي جمود محتمل. وحتى لو بقي حزب الله متصلبا ورفض تسليم أسلحته، "فإن الحكومة اللبنانية لا تستطيع ولن تفعل شيئا ولا ينبغي لها أن تنشر الجيش اللبناني ضد الحزب، لأن ذلك سيؤدي على الأرجح إلى انهيار الجيش وربما إشعال حرب أهلية. وحتى لو كان الجيش اللبناني قادرا على قتال حزب الله، فلن يكون بمقدوره فعل ذلك خوفا من الإخلال بالتوازن السياسي الدقيق في البلاد"، بحسب رأيه.

وكتبت الصحفية هالة جابر على موقع "ميدل إيست آي" الأسبوع الماضي إن لبنان محاصر بين مجموعة من المطالب المستحيلة. "انزع سلاح الرادع الوحيد، لكن توقع الحماية. اعتمد على الجيش لكن امنعه من السلاح. ثق بالدبلوماسية لكن تقبل القنابل في صباح اليوم التالي. آمن بالوساطة، بينما يقترح الوسطاء ضربات توقع أعدادا كبيرة من الضحايا".

أنصار حزب الله وحركة أمل يتظاهرون ضد قرارات الحكومة.صورة من: Fadel Itani/NurPhoto/IMAGO

وضع لا يمكن احتماله


أظهرت الضربة الإسرائيلية على بيروت في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، التي قتل فيها قائد في حزب الله ، أن الوضع القائم الذي تشكل منذ وقف إطلاق النار يتفكك، كما كتب فادي نيكولاس نصار، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية الشهر الماضي. فهل هناك أي شيء يمكن أن يكسر هذا الجمود قبل الموعد النهائي المقبل؟

في تحليل نشر في أكتوبر/ تشرين الأول لصالح معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، اقترح نصار اتخاذ خطوات تدريجية مع محطات ملموسة لبناء الثقة. فعلى سبيل المثال، يرى أنه إذا قامت الدولة اللبنانية  بنزع سلاح حزب الله خارج المناطق التي فعلت فيها ذلك بالفعل، فقد يساعد ذلك.
هذا الأسبوع، انتقد وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي إيران بسبب دورها السلبي في لبنان، على الرغم من أن الداعم الرئيسي لحزب الله من غير المرجح أن يغير مساره تجاه الجماعة في وقت قريب. كما يجادل حزب الله بأن كلما قدم لبنان تنازلات أكثر، زادت مطالب إسرائيل.

ويعتقد محلل مجموعة الأزمات وود أن التوترات ستتصاعد أكثر مع اقتراب الموعد النهائي في نهاية العام. وقال لـDW إنه استنادا إلى سلوك إسرائيل على مدى أكثر من عام، يبدو من غير المرجح جدا أن يقرر قادة إسرائيل وقف العمليات العسكرية في لبنان طالما يرون نوعا من الميزة الأمنية في استمرارها.
لكنه خلص إلى أن تلك ستكون بالضبط اللحظة التي يمكن للولايات المتحدة، بصفتها الوسيط الرئيسي لوقف إطلاق النار، أن تتدخل فيها وتقول لماذا لا نركز على ما حققه الجيش اللبناني بدلا من ما لم يحققه، وأن تضغط على إسرائيل لعدم المبالغة في رد الفعل والعمل بشكل بناء بدلا من الاستمرار في تقويض ثقة الرأي العام في الدولة اللبنانية.

أعده للعربية: عباس الخشالي (ع.ج.م)

DW المصدر: DW
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا