في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
عمّان- شيع الأردنيون والعلماء مساء الاثنين، جثمان الداعية والعالم المصري الدكتور زغلول النجار ، الذي وافته المنية عن عمر ناهز (92 عاما)، بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي والدعوي امتدت لأكثر من 6 عقود.
وامتلأ مسجد أبو عيشة في العاصمة عمّان بالمصلين الذين قدموا من مدن مختلفة للمشاركة في توديع العالم الذي ملأ الآفاق علما وإيمانا، حتى غدت جنازته مشهدا مهيبا استحضر فيه الحاضرون مسيرة رجل وهب عمره للعلم، وربط بين أسرار الكون ووحي القرآن.
لم يكن الهدوء الذي خيم على أروقة المسجد عاديا، فقد حمل بين طياته مهابة العلم ورهبة الفقد، ارتفعت الأيدي بالدعاء، وتعانقت العيون بالدمع، بينما صدحت أصوات المقرئين بآيات تُذكر بحياة قضاها الراحل في بيان الإعجاز العلمي في القرآن حتى غدا واحدا من أهم الرموز العلمية والدعوية في العالم الإسلامي، ومرجعا بارزا في مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
ترك الدكتور زغلول النجار بصمته في عقول أجيال من الباحثين والطلاب، وفي وجدان كل من استمع إلى دروسه ومحاضراته التي امتدت لأكثر من 60 عاما جمعت بين العلم والإيمان، وفي الدفاع عن رسالة الإسلام في المحافل الأكاديمية والإعلامية.
وتقدّم صفوف المشيّعين ثلة من العلماء والدعاة الذين أثنوا على مسيرة الدكتور زغلول النجار، من بينهم الدكتور همّام سعيد رئيس الائتلاف العالمي لنصرة القدس و فلسطين الذي أكد -للجزيرة نت- أن "الدكتور زغلول النجار كان رجلا من طراز فريد، جاهد بعلمه وفكره، وانتسب إلى الأمة لا إلى عائلة أو بلد، فكان بحق رجلا بأمة، وعالما للأمة جمعاء"، لافتا إلى أن فكره سيبقى حاضرا ما بقي في الأمة من يطلب العلم.
وفي كلمة له في جنازة التشييع، قال الأمين العام لجمعية المحافظة على القرآن الكريم الدكتور سليمان الدقور إن رحيل النجار تجسيد حيّ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء"، معتبرا أن الأمة فقدت أحد أبرز علمائها الذين جمعوا بين العقل والإيمان.
وأضاف أن "الدكتور زغلول النجار كان مدرسة قائمة بذاتها، علّم أجيالا من طلاب العلم أن الجمع بين المعرفة والإيمان هو الطريق إلى نهضة الأمة، لم يكن مؤلفا فحسب، بل مربيا ومجاهدا بالكلمة والبحث والتوجيه، وكان يحرص على أن تبقى شعلة العلم متقدة بين المسلمين".
ويتابع الدقور أن إرث النجار "سيظل منارة تهدي الباحثين عن الحقيقة، بما تركه من مؤلفات ومحاضرات وندوات، مزج فيها بين لغة العلم ودقة البيان القرآني، بأسلوب جمع بين الإقناع العقلي والتأثير الروحي".
أما النائب الأردني الدكتور أحمد الرقب، فرأى أن الراحل النجار "كان صاحب مواقف ثابتة في نصرة قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية".
وقال الرقب -في حديثه للجزيرة نت- إن الدكتور النجار "رفض بصوت مرتفع ومتكرر العدوان على غزة والإبادة الجماعية بحق شعبها، وكان يدافع عنها في كل منبر علمي ودعوي يشارك فيه".
وأضاف الرقب أن "النجار كان يجوب الأرض شرقا وغربا داعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، رغم تقدمه في العمر، وأسلم على يديه آلاف من البشر في قارات عدة، فكان سفيرا للإسلام بعلمه وخلقه".
ومع انصراف المشيعين من المقبرة، بقيت كلمات الدعاء تملأ المكان، وكأنها تُعيد صدى مسيرة امتدت لأكثر من نصف قرن في خدمة الدين والعلم، وبين الحزن والفخر، قال عماد الطوس أحد تلاميذ الدكتور زغلول النجار وهو يغالب دموعه "علّمنا الدكتور زغلول أن نقرأ القرآن بعين الباحث وعقل المؤمن".
جنازة الداعية المصري زغلول النجار رحمه الله في العاصمة الأردنية عمان.
"وما تدري نفس بأي أرض تموت". pic.twitter.com/itxPgIMjIn
— Fayed Abushammalah. فايد أبو شمالة (@fayedfa) November 10, 2025
وأضاف في حديثه للجزيرة نت "رحل العالم زغلول النجار جسدا، لكن فكره سيظل حاضرا في عقول الملايين من محبيه وتلاميذه حول العالم، فقد عاش للعلم والإيمان، ورحل عنهما ثابتا على المبدأ، تاركا إرثا خالدا من المعرفة والدعوة".
وُلد الدكتور زغلول النجار في مصر عام 1933، وتخرّج من كلية العلوم بجامعة القاهرة متخصصا في الجيولوجيا، قبل أن يتدرج في المناصب الأكاديمية في جامعات عربية وغربية، وعُرف بجهوده في مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، وكرّس حياته لبيان توافق النصوص القرآنية مع الحقائق العلمية، بأسلوب جمع بين الدقة البحثية والروح الدعوية.
ترك الراحل عشرات المؤلفات، وألقى مئات المحاضرات في أنحاء العالم، وشارك في مؤتمرات علمية دولية، وساهم في تأسيس هيئات علمية ودعوية مهتمة بالإعجاز العلمي، حتى صار اسمه مرجعا في هذا المجال.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة