المحلل السياسي يوسف عمارة: سقوط #الفاشر يفرض واقعًا جديدًا قد يصعب عكسه بالوسائل الدبلوماسية أو التعاطي معه#رقمي pic.twitter.com/qNEl1czGl7
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 29, 2025
الخرطوم- عدّ خبراء عسكريون ومحللون سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر (عاصمة ولاية شمال ولاية دارفور غرب السودان )، بعد حصارها أكثر من 500 يوم، تحولا في مسار الحرب المستمرة منذ نحو 30 شهرا، ويمكن أن يعيد القتال مرة أخرى إلى وسط البلاد، ويطيل أمده ويرسم خريطة سياسية وإدارية جديدة في المنطقة، أو يدفع نحو إنهاء الحرب بضغوط دولية.
وقال رئيس مجلس السيادة والقائد العام ل لجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إن لجنة الأمن في الفاشر قدّرت بأن تغادر القوات المدينة، نسبة لما تعرضت له من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين، وأن قيادة الجيش وافقت على ذلك، حتى يجنبوا بقية المواطنين والمدينة الدمار.
وأضاف -في كلمة مصورة، الاثنين الماضي- أن ما حدث بالفاشر يُمثّل محطة من محطات العمليات العسكرية، التي فُرضت على الشعب السوداني، مؤكدا القدرة على "قلب الطاولة" واستعادة الأراضي من يد من وصفهم بالخونة.
ويعتقد مراقبون أن من شأن السيطرة على الفاشر احتفاظ الجيش بالسيطرة على المناطق الممتدة على طول نهر النيل والبحر الأحمر في شمال البلاد وشرقها ووسطها، بينما تُهيمن قوات الدعم السريع -بقيادة محمد حمدان دقلو " حميدتي "- على دارفور وأجزاء من ولايات إقليم كردفان الثلاث.
الفاشر هي العاصمة التاريخية والسياسية لإقليم دارفور، وتمثل الثقل السياسي والثقافي والعسكري للإقليم، والصلة بينه وبين شمال السودان والدول الأفريقية المجاورة.
كما تقع المدينة التاريخية عند تقاطعات جغرافية إستراتيجية تربط السودان بدول تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا، مما يجعل السيطرة عليها ورقة تفاوضية تتجاوز الداخل إلى أبعاد إقليمية.
يرى الباحث في الشؤون العسكرية، الأمين محمد الطيب، أن حسم المعركة في الفاشر لصالح الدعم السريع ليس انتصارا عسكريا ومعنويا، بل خطوة فارقة قد تحدد مستقبل البلاد، إما عبر تعزيز وحدتها أو الدفع بها نحو واقع جديد إداريا وسياسيا في غرب السودان، مما يمهد لنسخة معدلة من النموذجين الليبي أو اليمني، لكنه يستبعد انفصال دارفور لتعقيدات عملية واجتماعية.
ويقول الطيب للجزيرة نت إن الفاشر عمق إستراتيجي لولايات كردفان والشمالية ونهر النيل، كما تربط السودان بشريط حدودي واسع يمتد إلى تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
ويعني سقوط الفاشر عمليا -برأيه- أن الدعم السريع بات يسيطر على الشريط الغربي بأكمله من دارفور إلى كردفان ، وهو ما يمنحه قدرة على التحكم في خط الدفاع الغربي للبلاد.
يرى مراقبون أن السيطرة على دارفور تمنح الدعم السريع موقعا تفاوضيا قويا، إذ يشكل الإقليم بوابة السودان نحو 4 دول أفريقية ترتبط بامتدادات قبلية واقتصادية عميقة.
ويُتوقع أن تؤدي هذه السيطرة إلى تصعيد في الهجمات الجوية بين الجانبين، خاصة مع اعتماد الجيش على الطائرات المُسيّرة في محاولة لاستعادة بعض المواقع، خصوصا في كردفان.
يعتقد مراقبون أن هذا التحول قد يدفع باتجاه إعادة رسم خريطة الصراع وربما موازين التفاوض، وتمنح الدعم السريع مكسبا ميدانيا مهمًا دون أن تحقق حسما، ويشجع تلك القوات للتمدد نحو ولايات كردفان.
ويوضح الخبير العسكري ونائب رئيس هيئة أركان الجيش السابق، الفريق محمد بشير سليمان، أن السيطرة على شمال دارفور ستتيح لقوات الدعم السريع تلقي إمداد عسكري ولوجستي عبر ليبيا وتشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، مما يمكنها من التوسع في نشاطها العسكري.
ولم يستبعد الخبير -في حديث للجزيرة نت- أن يعود القتال إلى ولايات وسط البلاد واستهداف الدعم السريع ولاية الخرطوم مجددا ما لم يستطع الجيش إبعادها من ولاية شمال كردفان، خاصة طريق الصادرات من أم درمان إلى بارا، وطردها من مناطق أم بادر وسودري التي توجد بها مهابط للطائرات ستكون مصدر إمداد عسكري لتهديد العاصمة.
يقول الباحث والمحلل السيسي خالد سعد -للجزيرة نت- إن ما جرى تحول سياسي حاد يضع البلاد أمام عدة سيناريوهات محتملة:
يعتقد الكاتب السياسي إبراهيم شقلاوي أنه رغم قتامة المشهد، فإن نافذة سلام حقيقية بدأت تتشكل بفعل عاملين رئيسيين:
في ضوء هذه التحولات -يقول شقلاوي للجزيرة نت- يدخل السودان مرحلة إعادة تموضع سياسي قد تُفضي إلى مفاجآت خلال الفترة القادمة، فالمشهد يتّجه نحو صيغة انتقالية تعبّر عن توازن داخلي جديد فرضه الواقع المتحرك.
ويرى الكاتب أن كل تلك المعطيات تُبرز الحاجة إلى مقاربة وطنية جديدة تحفظ وحدة البلاد وتؤسس لحلّ سياسيّ شامل يشارك فيه الجميع، عبر حوار سوداني سوداني، يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
ويضيف أنه إذا ما بدأ هذا المسار بوتيرة متسارعة، فستجد المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات نفسها مضطرة لإعادة التموضع حفاظا على مصالحها البعيدة المدى في السودان والقرن الأفريقي.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة