آخر الأخبار

بين نفوذ واشنطن وطموح تل أبيب.. من يملك القرار في اتفاق غزة؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

مراقبون: تزايد النفوذ الأميركي في إسرائيل

تشهد الساحة الإسرائيلية هذه الأيام سلسلة من الزيارات المكثفة لمسؤولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مشهد يثير تساؤلات حول طبيعة الدور الأميركي الحقيقي في اتفاق غزة وحدود النفوذ المتبادل بين واشنطن وتل أبيب.

فخلال أيام معدودة، وصل إلى إسرائيل كل من نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، والمبعوثين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، على أن يلتحق بهم وزير الخارجية ماركو روبيو في زيارة تستمر 48 ساعة.

وتطرح هذه الزيارات المكوكية تساؤلات عن أسبابها ودلالاتها: هل هي محاولة أميركية لتثبيت اتفاق غزة، أم لتطويق اندفاعات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؟ أم أنها جزء من لعبة نفوذ متبادلة تحاول من خلالها واشنطن وتل أبيب كلٌ على طريقته توجيه الآخر في مسار السلام؟.

رقابة أميركية على تحركات إسرائيل في غزة

تسريبات من مصادر في الجيش الإسرائيلي كشفت أن أي تحرك عسكري في قطاع غزة يخضع لرقابة مباشرة من القيادة الأميركية الوسطى (سانت كوم) في كريات شمونا، وليس من وزارة الدفاع في تل أبيب، ما يعني أن واشنطن تمارس نوعا من الإشراف العملياتي على الميدان.

وتفيد المعلومات بأن كل عملية عسكرية إسرائيلية في القطاع تحتاج إلى موافقة أميركية مسبقة، في مشهد يعكس تنسيقا عسكريا غير مسبوق.

غير أن هذا التنسيق، وفق مراقبين، لا يخلو من حساسيات سياسية، خصوصًا في ظل تزامن هذه الرقابة مع مساعٍ إسرائيلية لإقرار مشروع قانون “فرض السيادة على الضفة الغربية”، الذي مرّ بالقراءة التمهيدية في الكنيست رغم توصية نتنياهو بتأجيل التصويت عليه خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي إلى القدس.

في مقابلة مع “التاسعة” على سكاي نيوز عربية، وصف الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات حسين عبد الحسين سلوك الإدارة الأميركية تجاه اتفاق غزة بأنه مزيج من الطموح المفرط والواقعية المحدودة.

وقال عبد الحسين:


* ترامب “يصف وقف إطلاق النار شبه العادي بأنه معاهدة سلام أنهت ألوف السنين من الصراع”، رغم أن “الواقع ما زال هشّا، وإسرائيل تسيطر على نصف القطاع، وحماس تحتفظ بقدرات عسكرية نشطة”.
* الرئيس ترامب يربط مفهوم السلام باسمه الشخصي، حتى وإن كان ذلك سلامًا شكليًا، قائلاً إن “ترامب يتعامل مع السلام بمنطق: قلت سلامًا فهو سلام، حتى لو لم يكن كذلك فعليًا”.
* شخصية ترامب تقوم على “المبالغة في الوعود وبيع أكثر مما هو موجود فعلاً”، مستشهدًا بوعوده السابقة بإنهاء حرب أوكرانيا خلال أسبوع، والتي لم تتحقق.

واشنطن تمارس الضغط.. وتل أبيب تحدد الحدود

ويؤكد عبد الحسين أن واشنطن تمارس ضغطا على إسرائيل لتفادي التصعيد في غزة، لكنه يشدد في الوقت نفسه على أن هذا الضغط “يبقى محدودًا”، موضحًا أن إسرائيل “إذا شعرت بتهديد أمني فعلي، سواء من حماس أو حزب الله، فإنها ستتحرك فورًا وربما تبلغ الأميركيين قبل دقائق فقط”.

ويضيف أن دوافع نتنياهو الداخلية تلعب دورًا رئيسيًا في المشهد الراهن، إذ يسعى، بحسب قوله، إلى “إرضاء اليمين الإسرائيلي بعد قبوله وقف إطلاق النار”، وهو ما قد يدفعه لاحقا إلى خطوات تصعيدية تصطدم بالموقف الأميركي الثابت الرافض لأي إجراءات أحادية، سواء من الفلسطينيين أو الإسرائيليين.

اتفاق غزة.. خطوة أولى في خطة ترامب

يرى عبد الحسين أن خطة ترامب للسلام المكوّنة من 20 إلى 21 بندًا “حازت تأييدًا واسعًا من دول عربية وإسلامية، ووافقت عليها إسرائيل، فيما رفضتها حماس”.

وأوضح أن المرحلة الأولى من الخطة شملت تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لكنها لا تمهد بعد لسلام شامل، لأن “المرحلة التالية تتطلب نزع سلاح حماس، وهو ما ترفضه الحركة تمامًا”.

ويضيف أن السؤال المطروح الآن هو: “هل سيتابع ترامب تنفيذ ما تبقى من الخطة رغم العقبات الميدانية والسياسية؟”، مشيرًا إلى أن قدرة واشنطن على التأثير في الشرق الأوسط “تراجعت بقرار أميركي، وليس بسبب ضعف”، إذ ترى الإدارة الأميركية أن الاستثمار في هذه المنطقة “لم يعد مجديًا اقتصاديًا”، ما جعل تركيزها يتحول إلى شرق آسيا والصين.

إسرائيل تملأ فراغ القوة الأميركية

بحسب عبد الحسين، فإن انحسار الدور الأميركي في الشرق الأوسط أفسح المجال أمام صعود إسرائيلي لافت بعد الحرب الأخيرة، إذ “نجحت إسرائيل في إضعاف أذرع إيران وفرض حضور عسكري ودبلوماسي متزايد”.

ويشير إلى أن واشنطن لم تعد تقود الأحداث كما في السابق، بل “تحاول ركوب الموجة الإسرائيلية والاستفادة من قوتها العسكرية”، مؤكدًا أن “القوة الفعلية الآن في أيدي الإسرائيليين، بينما تمارس الولايات المتحدة دور الملاحِق الدبلوماسي الذي يبرر ما يحدث”.

ويضيف أن خروج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط “قرار استراتيجي تدعمه المؤسسة العسكرية الأميركية”، وليس مرتبطًا بتغيّر الإدارات، مذكّرًا بأن القيادة الوسطى الأميركية واجهت حتى صعوبات في تمويل عملياتها خلال الحرب الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة.

بين ترامب ونتنياهو.. تحالف أم تبادل أدوار؟

يصف عبد الحسين العلاقة بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بأنها “شراكة تقوم على تبادل الأدوار أكثر مما هي علاقة قيادة وتبعية”، موضحًا أن “المطلوب من نتنياهو هو تبرير ما تقوم به المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، والمطلوب من ترامب تبرير ما يبرره نتنياهو”.

ويرى أن نتنياهو “شخصية مغلقة يصعب قراءة نواياه”، وأنه من غير الواضح ما إذا كان يسعى فعلًا إلى حل جذري للصراع أم يركّز على أهداف انتخابية داخلية استعدادًا للانتخابات المقبلة. لكنه يلفت إلى أن “المرحلة الحالية تشهد تراجعًا في منطق الحرب وعودة تدريجية للسياسة”، ما قد يفتح الباب أمام “محاولات دفع جديدة باتجاه عمليات سلام بين إسرائيل والدول العربية”.

توازن النفوذ بين واشنطن وتل أبيب

في المحصلة، يبرز من مشهد اتفاق غزة أن النفوذ الأميركي والإسرائيلي بات متداخلًا إلى حد يصعب معه الفصل بين الموجّه والمتلقّي. فواشنطن التي تشرف ميدانيًا على غزة تمارس رقابة وضبطًا لإيقاع الأحداث، فيما تمسك تل أبيب بخيوط القوة العسكرية التي تفرض على الولايات المتحدة مجاراة الواقع الذي تصنعه على الأرض.

وبين “سلام ترامب” الموعود، وسيناريوهات التصعيد المحتملة، يبدو أن الطرفين – واشنطن وتل أبيب – يوجهان بعضهما البعض بقدر ما يحتاج أحدهما إلى الآخر: الأول بحثًا عن صفقة سياسية تحمل اسمه، والثاني عن غطاء دولي يشرّع خطواته.

هكذا تستمر لعبة النفوذ بين الحليفين، حيث لا يُعرف بعد من يوجّه من… لكن المؤكد أن اتفاق غزة، في صيغته الراهنة، ما هو إلا مرآة تعكس ذلك التداخل العميق بين السياسة الأميركية والقرار الإسرائيلي.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا