في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يرى تقرير نشره موقع "وايرد" الأميركي أن الدعم السريع يدير حربه في السودان بمزج نموذجي بين اقتصاد تهريب الذهب والدعاية الرقمية، حيث تموّل المناجم آلة الحرب، بينما تغذّي الخوارزميات الدعاية على الإنترنت.
وقالت كاتبة التقرير ليلى بلحاج محمد إن السودان الذي يمتلك ثالث أكبر احتياطي من الذهب في أفريقيا، بعد جنوب أفريقيا و غانا ، تحوّل إلى مختبر لـ"رأسمالية الحرب"، إذ أصبح الذهب الوقود اللوجستي لقوات الدعم السريع، حيث يُستخدم لدفع رواتب المقاتلين وشراء الوقود والطائرات المسيّرة والأسلحة الخفيفة.
وتضيف الكاتبة أن الذهب أصبح منذ عام 2019 المحرّك الحقيقي للاقتصاد السوداني، حيث يُستخرج نحو 90 طنا سنويا، لكن جزءا ضئيلا فقط يُسجَّل رسميا، وتشير التقديرات إلى أن نحو 70% من الذهب يغادر السودان بطريقة غير مشروعة.
ومن المناطق التي تسيطر فيها قوات الدعم السريع على مناجم الذهب -تضيف الكاتبة-، منطقة جبل عامر بإقليم دارفور ، حيث تعمل الجرافات على استخراج ذهب عالي الجودة يُوجَّه معظمه إلى التهريب.
وورد بالتقرير أن مجلة "ييل إنفايرومنت 360″، ذكرت أن نحو 85% من إنتاج الذهب السوداني يأتي من مناجم تقليدية أو شبه صناعية، يقع كثير منها تحت سيطرة المليشيا والوسطاء.
وتقول الكاتبة إن الذهب يموّل الحرب السودانية على الأرض، بينما يغذيها التضليل الرقمي على الإنترنت، مشيرة إلى أن السودان أصبح واحدا من أكثر الدول الأفريقية التي يراقبها المتخصصون في الأمن السيبراني بسبب كثرة الحملات المنسّقة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تُعد ساحة موازية للصراع بين الأطراف المتحاربة.
ووفقا لـ"موقع وايرد" كشف تحقيق مشترك بين مختبر الأبحاث الجنائية الرقمية التابع للمجلس الأطلسي والمرصد الأفريقي للديمقراطية الرقمية، عن وجود شبكة تضم أكثر من 200 حساب على منصة إكس تقوم بنشر الرسائل ومقاطع الفيديو المؤيدة لقوات الدعم السريع.
ووفقا للباحثين، تعمل هذه الحسابات بشكل متزامن وتستخدم الوسوم ذاتها، وهو سلوك متكرر في عمليات التأثير الرقمي.
كما يوثق التحقيق استخدام برامج لتضخيم عدد المشاهدات وجعل قوات الدعم السريع تظهر كـ"قوة شعبية تستمد شرعيتها من الإجماع عبر الإنترنت".
وتضيف الكاتبة أن قوات الدعم السريع نقلت جزءًا من دعايتها إلى منصّات أقل رقابة مثل تلغرام وتيك توك، حيث تنشر مقاطع لمقاتليها ورسائل تحفيزية، معتبرة أن الحرب في السودان أصبحت أول صراعٍ يترافق فيه الاستيلاء على الأراضي جنبا إلى جنب مع استغلال الخوارزميات.
وترى بلحاج أن الذهب والتأثير الرقمي أصبحا الدعامتين الرئيسيتين للسيطرة على الحكم في السودان، حيث تستثمر قوات الدعم السريع جزءًا من عوائد الذهب في حملاتها الرقمية لتلميع صورتها وتعزيز دعايتها عبر الإنترنت.
ويكشف برنامج الأبحاث "تقرير الذهب الدموي" الذي أُطلق في 2023، أن قوات الدعم السريع تستخدم عائدات تجارة الذهب في تمويل أنشطة إعلامية، حيث إن الشركات التي تدير تجارة الذهب تقوم بشراء خدمات تسويق إلكتروني، وإعلانات موجهة، وتدير شبكات من البوتات.
والهدف حسب التقرير هو إضفاء الشرعية على السيطرة على المناجم عبر تصويرها كـ"حماية للموارد الوطنية"، ومن جهة أخرى الترويج لقوات الدعم السريع كـ"قوة استقرار" في نظر العالم.
وحسب الكاتبة، فإن ما يحدث في السودان هو نموذج للحرب الهجينة التي تشهدها أكثر من دولة أفريقية، حيث تتشابك الثروات الطبيعية مع القوة الإعلامية، وتتقلص فيها الحدود بين الاقتصاد والدعاية.
كما تشير عدة أبحاث إلى أن قوات الدعم السريع دفعت لشركات خاصة بهدف تنظيم حملات منسقة أثناء مفاوضات السلام، ونشر معلومات مضللة تستهدف المدنيين اللاجئين في تشاد .
وحسب الكاتبة، فإن الرقابة الرقمية تحرم الضحايا من الظهور وتُضيّق مساحة التضامن الدولي مع المدنيين، بينما تستغل المليشيا شبكة الإنترنت التي يُحرم منها معظم الشعب السوداني، في ترويج مقاطع الفيديو، وإدارة الحسابات الدعائية، والتحكم في الصورة التي تصل إلى العالم.