آخر الأخبار

ما أبعاد اختيار العريش كمقر لإدارة غزة في خطة ترامب؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

من ضمن بنود خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة ، تبرز مسألة الإدارة المؤقتة التي من المقرر أنها ستشرف في المرحلة القادمة على إعادة إعمار المدينة بعد ما دمّرها الاحتلال الإسرائيلي بالقصف المتواصل طيلة العامين الماضيين.

ووفقا لخطة الرئيس الأميركي التي تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني فإن مدينة العريش المصرية ستكون هي المقر المركزي للإدارة المؤقتة التي سيتولّى رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير رئاستها.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 "آسيان" وحرب غزة.. بين دعم الفلسطينيين وحسابات المصالح مع إسرائيل
* list 2 of 2 كيف تحولت تونس إلى منطلق للهجرة؟ end of list

لكن اختيار العريش بدلا من قطاع غزة المعنية بالأساس يحمل الكثير من القراءات، لأن المدينة المصرية تعتبر نقطة إستراتيجية، تتداخل فيها الجغرافيا بالسيادة، والتاريخ بالأمن و القانون الدولي بالسيادة.

وحول هذه الأفكار والقضايا، نشر مركز "حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية" ورقة تحليلية تحمل عنوان "الدلالات القانونية والسياسية والإستراتيجية لاختيار العريش مقرا لإدارة بلير لغزة وفق خطة ترامب".

وحاولت الورقة تفكيك الخلفيات الجيوسياسية التي دفعت إلى هذا الخيار، وفي هذه المرحلة الحرجة بالذات، والأبعاد القانونية والسياسية لاختيار العريش لإدارة ملف غزة، واستشرفت التداعيات والمخاطر الأمنية التي قد تترتّب على ذلك وخاصة في ظل السياقات الإقليمية الحالية.

أولا: حدود السيادة وتداخل الصلاحيات

من الملاحظ أن اختيار مدينة العريش لتكون مقرا لموضوع يخص قطاع غزة تم من دون إعلان مصري رسمي، وهو ما يطرح تساؤلا حول احترام الخطة للسيادة المصرية.

وقد يكون التساؤل أكثر إلحاحا إذا تم من زاوية أن المجلس الذي سيتم تشكيله يضم شخصيات دولية ويخضع للإدارة الأميركية بدلا من مصر التي يقع على أرضها.

ويفترض أن تكون هذه الخطوة تحتاج إلى تفويض وموافقة من الدولة المضيفة وهي التي تحدّد صلاحيات اللجنة وحدود عملها.

وعلى الصعيد السياسي، فإن العريش تعتبر منطقة رمادية واختيارها قد يعكس رغبة في تنفيذ ما لا يمكن تنفيذه في تل أبيب أو قطاع غزة.

إعلان

وفي ذات السياق، فإن اختيار هذا المكان يعكس رسالة واضحة بإقصاء السلطة الفلسطينية من المشاركة في مسألة إدارة غزة ضمن مرحلة ما بعد الحرب.

إستراتيجية احتواء المقاومة

ولا يخلوا اختيار العريش كمقر لإدارة قطاع غزة من أبعاد ودلالات إستراتيجية واضحة أهمها، أن تحويل مدينة مصرية إلى مركز لإدارة مدينة في فلسطين يمثل قفزة في الدور الوظيفي المصري، دون مقابل سياسي أو أمني حقيقي.

كما أن محاولة فصل غزة عن بعدها الوطني عبر إدارتها من خارج دولة فلسطين، قد يتيح للاحتلال فرصة تطبيق سيناريو "الانفصال الجغرافي" بين غزة والضفة، وتحويل الأولى إلى كيان مستقل فعليا تحت إدارة دولية.

ووفقا لهذه الخطة، ستتحول مصر من دولة ذات وزن راعية للقضية الفلسطينية، إلى شريك لمشروع دولي هدفه الأساسي تحجيم دور المقاومة، وتهيئة المجال لتطبيع موسع مع الاحتلال الإسرائيلي.

وفي هذا السياق، يلاحظ أن الاتفاقيات السابقة المتعلقة بفلسطين كانت تتم داخل أراضيها (أوسلو وما بعدها)، أما الآن فإنها ستتم في دولة عربية، وهو ما من شأنه أن يضعف مركزية القضية الفلسطينية، ويشتّت المرجعيات القانونية والسياسية لها.

المخاطر المستقبلية للأمن القومي المصري والفلسطيني

وتحمل مسألة اختيار الإدارة المؤقتة مخاوف ومخاطر على مستقبل الأمن المصري والفلسطيني، إذ يمكن تجاوز إعادة الإعمار إلى الشؤون الأمنية، ثم إلى الملف السياسي، كما حدث مع الاحتلال في الضفة، وهو ما قد يؤدي إلى تكبيل السيادة المصرية مستقبللا.

وقد يُستغل وجود إدارة دولية داخل مصر للمطالبة بتوسيع نطاق تدخل الأمم المتحدة أو تشكيل قوات متعددة الجنسيات كما في لبنان ، مما يهدد وحدة القرار الأمني والانسجام الداخلي في فلسطين.

وبالإضافة إلى ذلك فإن هنالك مخاطر أخرى تتعلق بالتطبيع الجماهيري، إذ يمكن أن تتحول العريش إلى ساحة تنسيق قد يُستخدم للتطبيع الاجتماعي والإعلامي مع إسرائيل، تحت شعار "إدارة ما بعد الحرب"، وتمهيدا لقبول ترتيبات جديدة تتجاوز الشعب الفلسطيني ومظالمه التاريخية.

توصيات إستراتيجية

وخلصت الدراسة التي أعدها مركز حريات للدراسات الإستراتيجية حول هذا الملف إلى مجموعة من التوصيات أهمها:

1- رفض الإدارة الدولية المؤقتة التي تعمل من داخل مصري، دون تفويض رسمي ُيوضّح في إجراء قانوني وسياسي، ويكون معلنا للجميع.

2 – إعادة التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية كوحدة واحدة، ورفض أي حلول تفصل بين غزة والضفة أو تجعل من سيناء ملحقا وظيفيا لإدارة غزة.

3 – الدعوة لتحالف عربي إسلامي يحول دون تمرير المخطط، ويوحّد الجهود لمقاومة الهيمنة الدولية الجديدة عبر أدوات إغاثية وتنموية مضادة.

4 – تفعيل أدوات الرقابة الشعبية والحقوقية لرصد أي ترتيبات ميدانية في العريش تمس بالسيادة أو تُستخدم لتمرير الخطة الدولية.

وانطلاقا من كل هذه المعطيات، فيمكن القول إن اختيار العريش لتكون مركزا للإدارة المؤقتة لغزة في مرحلة ما بعد الحرب، ليس قرارا عابرا، وإنما يمثل بداية لمشروع يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفقا لما وصفته الدراسة بـ"رؤية الصهيونية الدولية".

وحتى يمكن إسقاط هذه الرؤية الهادفة إلى إعادة تشكيل المنطقة، يتوجب على المصريين والفلسطينيين بناء جبهة إستراتيجية تحميهما معا من هذا المخطط، وتمنع تحويل العريش المصرية من مدينة صامدة على حدود فلسطين، إلى مقر لاستعمار مقنّع بأقنعة إنسانية وتنموية.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا