دمشق- تستعد سوريا لخوض تجربة طال انتظارها والدخول في مرحلة سياسية فارقة، تتمثل في إجراء أول انتخابات لمجلس الشعب السوري، ليكون السلطة التشريعية الأولى بعد سقوط نظام الأسد الذي هيمن عليها لعقود طويلة، فطوال 54 عاما، كان المجلس أداة بيد عائلة الأسد و حزب البعث العربي الاشتراكي ، فاقدا لأي دور تمثيلي حقيقي من الشعب.
واليوم، يترقب الشارع السوري انتقال القرار من أيدي السلطة المطلقة إلى صناديق الاقتراع، لتتمثل السلطة التشريعية باختيار الشعب، والتي ستعمل على صناعة القرار السوري وتلبية احتياجات من انتخبها.
وتأتي هذه العملية الانتخابية بعد 3 أشهر من تشكيل الرئيس السوري أحمد الشرع اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب بتاريخ 13 يونيو/حزيران الماضي، وتقوم على مجموعة من الإجراءات القانونية والتنظيمية التي تهدف إلى بناء ثقة المواطنين في المؤسسات الجديدة، حيث عملت اللجنة على تشكيل لجان فرعية أشرفت على تحديد آلية الترشح والانتخابات.
ويعرض التقرير التالي إجابات حول أبرز الأسئلة المتعلقة بانتخابات مجلس الشعب السوري المرتقبة.
أوضح المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري الدكتور نوار نجمة، في حديث للجزيرة نت أن الانتخابات المقبلة ستتم وفق آليات جديدة، تهدف إلى ضمان مشاركة فعّالة للمواطنين، وتكون ممثلة لجميع شرائح المجتمع السوري لاختيار عضوية المجلس.
وأشار نجمة إلى أن العملية ستبدأ بطريقة اختيارية، حيث يتم اختيار أعضاء الهيئات الناخبة من بين المرشحين لعضويتها، تمهيدا لتشكيل الهيئات بشكل رسمي، والتي ستشرف بدورها لاحقا على الانتخابات واختيار الأعضاء لمجلس الشعب منها.
وأضاف أن هذه الهيئات ستكون مسؤولة عن إجراء الانتخابات على مستواها، مؤكدا أن كل عضو في الهيئة الناخبة يحق له الترشح لعضوية مجلس الشعب، والتصويت لاختيار ممثليه في المجلس.
في حين أوضح أحد أعضاء اللجان الفرعية الانتخابية -فضل عدم الكشف عن هويته- للجزيرة نت، أن اللجان تستقبل طلبات الترشح لعضوية الهيئة العامة للانتخابات، ويحق لأي شخص التقدم ليكون ضمن الهيئات الناخبة، مع وجود عدد محدد لكل منطقة، وذلك من خلال القوائم التي صدرت عن اللجنة العليا للانتخابات بتحديد عدد أعضاء مجلس الشعب لكل محافظة وتقسيم كل محافظة إلى مناطق يتم ترشيح العدد المطلوب منها.
وأضاف أنه في بعض البلدات والقرى يتم التوافق على شخصيات محددة لتمثلها في هذه الانتخابات، بينما لا يحدث توافق في مناطق أخرى فيتم التقديم بشكل فردي، ليتم بعد ذلك اختيار العدد المحدد لهذه المنطقة من قبل اللجنة الفرعية.
قال المتحدث باسم لجنة انتخابات مجلس الشعب السوري إن المشهد الانتخابي في سوريا يواجه تحديات كبيرة، إذ لم تُسنَّ بعد سقوط النظام المخلوع قوانين أحزاب في سوريا، مما يجعل العملية الانتخابية قائمة على الترشيحات الفردية والتصويت الفردي فقط.
من جهتها أشارت الناشطة السياسية من مدينة إدلب سوسن السعيد في تصريح للجزيرة نت، إلى أن فكرة الترشيحات الفردية أكثر واقعية وجدوى في واقع يفتقر لعمل أحزاب منظمة برؤية وبرامج واضحة، تحصل من خلالها على دعم الشارع، من خلال تجسيد أهدافه وتحقيق مطالبه.
وأضافت السعيد أن الترشح كشخصيات تتمتع بثقة المجتمع يعد أكثر جدوى، وأن فكرة تشارك وتكاتف الأحزاب لتحقيق هدف مشترك تعد بعيدة عن الواقع حاليا وغير موجودة، لأن البلاد قد خرجت لتوها من تجربة الحزب الواحد الذي كان يبتلع كل شيء.
أكد نجمة أن إجراء الانتخابات بشكل مباشر يواجه صعوبات لوجستية وديمغرافية كبيرة، وذلك يجعل تنفيذها بشكل مباشر أمرا مستحيلا، وذلك لعدة أسباب أهمها:
وأضاف أن كل هذه العوامل تجعل من الصعب تنظيم انتخابات مباشرة عادلة وشفافة، مما يفرض التفكير بأساليب بديلة لضمان مشاركة المواطنين ضمن الظروف الحالية، وهذه التحديات تتطلب تخطيطا دقيقا وتنظيما يراعي الوضع الديمغرافي واللوجستي للبلاد، لضمان تمثيل المواطنين بأكبر قدر ممكن.
لفت نجمة إلى أن تقسيم النسبة لثلثين للهيئة الناخبة مقابل الثلث للرئيس جاء من خلال آلية الانتخاب عبر الهيئات الناخبة، التي ستختار المرشحين والمتقدمين من المناطق وفق الشروط التي وضعتها الجنة العليا للانتخابات في مجلس الشعب.
وأضاف أن الثلث الذي سيعينه رئيس الجمهورية سيكون استنادا إلى نتائج انتخاب الثلثين الآخرين، وذلك بهدف ضمان مشاركة عادلة ومتوازنة في العملية الانتخابية، ومعالجة أي نقض في التمثيل، سواء على مستوى الفعاليات المجتمعية أو المرأة.
بدوره قال العضو في اللجان الفرعية إن آلية تحديد نسبة الأشخاص الممثلين جاءت استنادا إلى قانون الإدارة المحلية رقم 1378 لعام 2011، الذي يشمل الإحصائية السكانية والتقسيمات الإدارية المعتمدة في سوريا، لذلك تم اعتماده لتقسيم المناطق وتمثيل العدد منها.
أكد نجمة أنه بعد إعلان نتائج الانتخابات سيُدعى مجلس الشعب لعقد أولى جلساته، التي سيتم فيها أداء القسم، وتشكيل مكتب مجلس الشعب، وسيلقي رئيس الجمهورية كلمته أمام الأعضاء الجدد.
قال المتحدث باسم اللجنة العليا إن البداية ستكون من خلال دراسة كل ملفات أعضاء الهيئة الناخبة، وفي حال وجدت أدلة وإثباتات أن أحد أعضاء اللجان الفرعية غير مطابقين للمعايير والشروط الموضوعة في النظام الانتخابي المؤقت سيتم استبعاد ترشيحه فورا.
وأشار إلى أن مدة الطعون 3 أيام، وستكون مفتوحة أيضا أمام كل المواطنين، ضمن أدلة مثبتة وليست كيدية وعشوائية، كما سيتم إصدار اللائحة الأولية لأسماء أعضاء الهيئة الناخبة، وطرحها على الطعون، بعد ذلك تصدر اللائحة النهائية، ومن ثم يتم التحضير لعملية الانتخابات التي ستمر بعدة مراحل وهي:
وستكون مهام اللجان الفرعية: