آخر الأخبار

عسكر إسرائيل يتحفّظ على خطة ترامب

شارك





القدس المحتلة- في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن دفع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، لوقف الحرب على قطاع غزة قدما، برزت أصوات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تبدي تحفظات عميقة على بنودها، خصوصا ما يتعلق بالانسحاب العسكري الإسرائيلي من داخل القطاع، والاكتفاء بالتمركز على طول السياج الأمني.

واعتبر ضباط ميدانيون في القيادة الجنوبية و" فرقة غزة "، إلى جانب محللين عسكريين، أن هذه الصيغة ستعيد تكرار سيناريو 7 أكتوبر ، مُحذِّرين من أن غياب وجود عسكري ثابت داخل غزة سيسمح لحركة المقاومة الاسلامية ( حماس ) بإعادة بناء قوتها العسكرية.

ورجَّح هؤلاء أن الخطة لن تنجح في نزع سلاح المقاومة أو إضعافها، بل ستفتح الطريق أمام إعادة تموضعها بشكل أقوى.

وأشارت التقديرات العسكرية إلى أن الحل الأمثل يكمن في تطبيق "النموذج اللبناني" عبر إبقاء قوات إسرائيلية داخل غزة لضمان السيطرة الميدانية، وهو ما يتعارض مع بنود الخطة الأميركية.

واقع عسكري

وفي المقابل، يرى محللون أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- الذي أبدى موافقة مبدئية على الخطة في البيت الأبيض ، قد يسعى فعليا لإفشالها، مستندا إلى توقعه برفض حماس أو مطالبتها بتعديلات جوهرية، خاصة فيما يخص نزع السلاح ونشر قوات دولية.

ورغم أن استطلاعات الرأي في إسرائيل أظهرت إجماعا شعبيا واسعا على خطة ترامب، فإن التحفظات داخل الجيش والمستوى الأمني تكشف عن فجوة كبيرة بين الرغبة السياسية والقراءة الميدانية للمخاطر الأمنية.

وحذَّر ضباط ميدانيون في الجيش الإسرائيلي من خطورة أن يقتصر التمركز العسكري على طول السياج الأمني فقط، دون وجود قوات ثابتة داخل قطاع غزة، وذلك في تعليقهم على خطة ترامب لإنهاء الحرب.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن هؤلاء الضباط قولهم "يجب ألا نعود إلى 6 أكتوبر، ويجب ألا يرى المزارع الإسرائيلي مقاتلي حماس"، في إشارة إلى أن الاعتماد على السياج وحده لا يكفي لحماية المستوطنات والمزارع في محيط غزة.

إعلان

وبحسب قادة "فرقة غزة"، يكمن التحدي في نقل "النموذج اللبناني" إلى القطاع لمواجهة حماس، أي تبني نهج يُرسِّخ مكاسب عسكرية داخل العمق الغزي، ويحول دون إعادة بناء قدرات الفصائل المسلحة، عبر فرض رقابة ميدانية دائمة على المناطق الحيوية بدلا من الاكتفاء بالحصار من الخارج.

ويرى الضباط أن هذا الهدف يتطلب وجود قوة عسكرية ثابتة أو آليات ردع تمنع عودة التهديدات، مؤكدين أن الحل لا يقوم على السرعة وحدها، بل على مزيج من التمركز الميداني المستدام، والعمل الاستخباراتي، والقدرة على تنفيذ عمليات استباقية تعيق محاولات الفصائل لاستعادة قوتها.

مصدر الصورة رئيس الأركان إيال زامير خلال جولة تفقدية للجيش الإسرائيلي بمدينة غزة عقب إعلان خطة ترامب (الجيش الإسرائيلي)

تحفظ على الانسحاب

في غياب وجود قوة ميدانية دائمة داخل قطاع غزة، يقول المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، يوسي يهوشاع "يخشى ضباط فرقة غزة أن يؤدي الانسحاب لإعادة حماس بسرعة إلى مواقع قوة قادرة على تهديد الإسرائيليين والمستوطنات الحدودية من جديد".

ولفت إلى أنه تجري في هذه المرحلة مناقشات مكثفة داخل القيادة الميدانية بين مسؤولي قيادة المنطقة الجنوبية وقيادة "فرقة غزة" حول طريقة القتال الأمثل في المدينة، فقد دخلت القوات مرحلة عملياتية يصفها قادتها بأنها "خطيرة" لكن محسوبة.

وأشار يهوشاع إلى أن الخطة العسكرية الحالية تميل إلى حملة تدمير بطيئة ومنهجية للبنى التحتية فوق وتحت الأرض، تعطى فيها الأولوية لحماية القوات وتقليل الخسائر البشرية، حتى لو تطلب ذلك إطالة زمن العمليات لشهرين أو أكثر، ما يعكس تحفظا عمليا على فكرة الانسحاب الفوري وفق بنود الخطة الأميركية.

ويُحذِّر الضباط من مغبة العودة إلى سياسة "التموضع عند السياج" كما كان قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ يرون أن الاكتفاء بالحصار والتحصُّن خلف حاجز حدودي لن يمنع إعادة التسلل أو استعادة القدرات العسكرية لدى الفصائل.

بدلا من ذلك، يضيف يهوشاع "هم يطالبون بنهج يضمن وجودا ميدانيا مستداما داخل العمق الغزي"، مع أدوات استخباراتية وعمليات استباقية تحرم على التنظيمات المسلحة إعادة تجميع قوتها، واستنزاف قدرات الخصم قبل أن يصبح قادرا على التهديد مجددا.

ويختم، أن الخلاصة التي ترددها الأوساط الميدانية "لا أمن دائما بلا تثبيت مكاسب عسكرية داخل غزة، والخيار بين الانسحاب أو البقاء بات يقاس اليوم بخطر إعادة إنتاج تهديد بنطاق أكبر".

مناورة نتنياهو

من جهته، يرى المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن إعلان ترامب عن الخطة لإنهاء الحرب، دفع إلى الأمام كسر المعادلة القائمة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، قائلا "الآن ترامب وحده هو القادر على فرض وقف إطلاق النار ، الأمر الذي دفع نتنياهو إلى الانحياز ظاهريا للخطة رغم تحفظاته العميقة".

وأوضح هرئيل أن موقف نتنياهو بالتماهي مع خطة ترامب، يأتي من حقيقة واقعية بسيطة مفادها أن توازن القوى بينه وبين البيت الأبيض لا يمنحه هامش مناورة كبيرا، واضطراره للظهور موافقا لا يعني بالضرورة تبنيه الحقيقي للخطة، بل يعكس محاولة تكتيكية لكسب الوقت وإدارة الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل.

إعلان

ويضيف أن نتنياهو سيحاول استغلال آليات التفاوض لعرقلة التنفيذ أو لإدخال تعديلات تخفف من التزامات إسرائيلية جوهرية، مستخدما معارضته داخل الائتلاف كرافعة ضغط، ومراهنا أيضا على رد فعل سلبي من حماس قد يعطيه مبررا لاتخاذ إجراءات عسكرية لاحقة.

مصدر الصورة الجيش الإسرائيلي يعتمد خطة توغل بشكل بطيء جدا سعيا لتثبيت مكاسب عسكرية في مدينة غزة (الجيش الإسرائيلي)

وشدد هرئيل على أن غياب جداول زمنية واضحة وآليات تنفيذ ملزمة في الخطة الأميركية يزيد من فرص التعقيد السياسي والتأجيل، فعدم تحديد مواعيد انسحاب واضحة أو صلاحيات القوة الدولية يترك ثغرات يمكن استغلالها سياسيا أو عسكريا من قبل نتنياهو.

وحذَّر من أن نجاح أو فشل الخطة لن يعتمد فقط على توقيع ورقي، بل على قدرة واشنطن وترامب على المتابعة والضغط، وعلى مدى حرص نتنياهو ورغبته الفعلية في ترجمة الاتفاق إلى واقع، وفي حال لم يكن الجيش حذرا، فقد تتحول أحداث ميدانية إلى عامل قد يقوّض العملية الدبلوماسية برمتها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا