في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
قالت صحيفة ليبراسيون إن الناشط السياسي الفرنسي الإسرائيلي عوفر برونشتاين اضطلع بدور مهم في دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اتخاذ قرار الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول 2025.
وقد شب برونشتاين، الذي ولد لعائلة يهودية مهاجرة في بئر السبع ، على الرواية الإسرائيلية التي تعتبر العرب أعداء، قبل أن يلتحق بكيبوتس ثم بالخدمة العسكرية.
وهناك بدأ يشكك في تلك الرواية بعد مشاهدته لمواقف مهينة للفلسطينيين، مما ساهم في تحوله إلى ناشط مدافع عن السلام وحقوق الفلسطينيين، ثم الانخراط لاحقا ب حزب العمل الإسرائيلي والتقرب من رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين .
وشارك هذا الشاب -حسب تقرير صوفي دي ديزير للصحيفة- في مفاوضات أوسلو عام 1993، وعمل في تلك المرحلة حلقة وصل بين الطرفين، لعلاقاته القوية مع قيادات فلسطينية، على رأسها الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي منحه جواز سفر فلسطيني، حسب الصحيفة.
وبعد مقتل رابين، انتقل برونشتاين للعيش والعمل في فرنسا، حيث حافظ على اهتمامه بالقضية الفلسطينية، وبدأ بالتقرب من الدوائر السياسية، خاصة بعد صعود ماكرون الذي لم يبد كبير اهتمام بالقضية الفلسطينية بداية مشواره السياسي.
وكان تركيز ماكرون منصبا على العلاقات مع إسرائيل، لكن برونشتاين -من خلال شبكة علاقاته وخبرته- استطاع الدخول تدريجيا إلى محيط الرئيس، وقدم له معلومات واتصالات مهمة، من بينها ترتيب لقاء مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس عام 2017.
وذكرت الصحيفة أن برونشتاين ساهم في لفت انتباه ماكرون إلى القضية الفلسطينية، رغم أن الفريق الدبلوماسي في الإليزيه كان يفضل الاستغناء عنه ويعتبره ناشطا عجوزا، يتفقون معه في الجوهر ولكنه "مشاغب" يصعب كبح جماحه.
وعام 2020، دعي برونشتاين لمرافقة الرئيس في أول زيارة له لإسرائيل. وهناك، أثار إعجاب ماكرون بقدرته على التحدث مع مختلف الأطراف، من المسؤولين الإسرائيليين إلى المجتمع المدني الفلسطيني.
وعلى إثر ذلك، كلفه ماكرون بمهمة غير رسمية للتواصل مع المجتمع المدني في المنطقة وبحث فرص إعادة إطلاق عملية السلام.
واستمر برونشتاين -الذي كان يعتبر في الأوساط الرسمية الفرنسية شخصا "فوضويا" أو "غير قابل للضبط"- في التواصل مع الإليزيه لدفع ملف الاعتراف بفلسطين.
ورغم أنه لم يكن دائما محل ترحيب، فإن ماكرون حافظ على خط اتصال مفتوح معه، وظل يتلقى منه باستمرار مقترحات سياسية.
وبعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، عاد الملف الفلسطيني ليأخذ أولوية سياسية، فسافر برونشتاين مع ماكرون إلى إسرائيل، ثم رام الله والقاهرة، رغم تدهور حالته الصحية.
وفي تلك المرحلة، تكثف تواصله مع الرئيس الفرنسي، وظل يضغط باتجاه اتخاذ موقف واضح تجاه القضية الفلسطينية، مع التأكيد على ضرورة أن يترافق ذلك مع دعوة الدول العربية للاعتراف بإسرائيل أيضا.
وفي 22 سبتمبر/أيلول 2025، أعلن الرئيس الفرنسي رسميا اعتراف بلاده بدولة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطوة عدت تاريخية ونسبت إلى توصية من مستشاريه، إلا أن دور برونشتاين في تشكيل هذا التوجه كان ملفتا.
ورغم ما تعرض له من انتقادات وتهديدات، خاصة من بعض الأوساط داخل الجالية اليهودية، رفض برونشتاين التراجع أو طلب الحماية، مواصلا رسائله المعتادة إلى ماكرون، مشددا على ضرورة التحرك السياسي لإنهاء الجمود القائم.