آخر الأخبار

قطر: من إمارة فقيرة إلى محط أنظار العالم

شارك
مصدر الصورة

عادت العاصمة القطرية إلى واجهة الأخبار العالمية مجدداً، عقب هجوم إسرائيلي استهدف قيادات من حركة حماس هناك يوم الثلاثاء الماضي.

وفي حزيران/ يونيو الماضي، قصفت إيران قاعدة العديد الجوية التي تديرها الولايات المتحدة في قطر، بعد قصف الولايات المتحدة لمواقع جوية داخل إيران.

كما تصدّرت عناوين الصحف خلال الأشهر الماضية، عندما قدّمت طائرة فاخرة من طراز بوينغ 747 للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتستخدم ضمن أسطول الطائرات الرئاسية.

خلال السنوات الأخيرة، أصبحت قطر محط أنظار العالم لأسباب متعدّدة، من بينها استضافتها بطولة كأس العالم لكرة القدم، ودورها في الوساطة الدولية في نزاعات عدة مثل الأزمة الأفغانية والمفاوضات بين إسرائيل وحماس.

لكن صعود نجم هذه الدولة الصغيرة لم يبدأ إلا في منتصف القرن العشرين، حين ساعدت الثروة النفطية والغازية على تعزيز مكانتها الاستراتيجية، قبل أن تتوسع لاحقاً في مسارات السياسة الخارجية والدبلوماسية لتصبح لاعباً محورياً على الساحة الإقليمية والدولية.

من صيد اللؤلؤ إلى النفط والغاز

تحوّلت قطر من إمارة صغيرة فقيرة تعتمد بشكل شبه كامل على صيد اللؤلؤ، إلى واحدة من أغنى دول العالم بفضل الاكتشافات المتسارعة للنفط والغاز منذ أربعينيات القرن الماضي.

وتخضع البلاد لحكم عائلة آل ثاني منذ ما يقرب من 150 عاماً، وكانت تحت الحماية البريطانية حتى عام 1971 حين أعلنت استقلالها، رافضة الانضمام إلى مملكة البحرين أو دولة الإمارات العربية المتحدة الوليدة آنذاك.

وتعود جذور الاستيطان المنظّم في قطر إلى القرن الثامن عشر، حين أسست قبائل عربية مهاجرة عدداً من المدن على سواحل الخليج العربي في شبه الجزيرة القطرية.

في أواخر القرن التاسع عشر اندلعت نزاعات بين قطر والبحرين حول مناطق النفوذ القبلي، لكن أول إشارة إلى قطر بوصفها كياناً مستقلاً جاءت من الجانب البريطاني، الذي كان يفرض سيطرته على معظم مناطق الخليج آنذاك. وبناءً على دعوة من أمير قطر حينها، أقامت الدولة العثمانية حامية عسكرية في المنطقة بين عامي 1871 و1913.

وفي عام 1916، وقّعت قطر اتفاقية مع بريطانيا منحت بموجبها لندن السيطرة على شؤونها الخارجية مقابل ضمان أمن الإمارة واستقرارها. وبعد عقود من الأزمات الاقتصادية، بدأت مرحلة جديدة مع انطلاق الاستكشافات النفطية في أربعينيات القرن الماضي، تبعها اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في خمسينياته، ما مهّد لتحول قطر إلى واحدة من أكبر مصدّري الطاقة في العالم.

مصدر الصورة

الاستقلال

في عام 1968 أعلنت بريطانيا قرارها سحب قواتها من منطقة الخليج العربي، ما دفع قطر إلى الدخول في مفاوضات مع البحرين وإمارات أخرى شكّلت لاحقاً دولة الإمارات العربية المتحدة، في محاولة لتأسيس كيان اتحادي انتهت برفض الدوحة وإعلان استقلالها رسمياً عام 1971.

بعد عام واحد، تولى الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الحكم عبر انقلاب أبيض أطاح خلاله بابن عمه، وسط صراعات داخلية داخل الأسرة الحاكمة. وفي عام 1990، ومع الغزو العراقي للكويت، سمحت قطر بوجود قوات أجنبية على أراضيها، التي شاركت لاحقاً في حرب تحرير الكويت.

وفي عام 1995، تولى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني السلطة بعد انقلاب أبيض على والده، ليبدأ عهد جديد ارتبط بتحولات سياسية واقتصادية عززت من دور قطر الإقليمي والدولي.

مصدر الصورة

في عام 1996 تبنت قطر إطلاق قناة الجزيرة الفضائية، التي قُدمت كمنبر إخباري مستقل، بتمويل مباشر من الأمير آنذاك. وبعد ثلاث سنوات، جرت أول انتخابات بلدية عام 1999، اعتُبرت خطوة رمزية نحو إضفاء طابع أكثر ديمقراطية على النظام السياسي.

وفي 2002، استضافت قطر قاعدة العديد الجوية، التي أصبحت مقراً لقيادة القوات الأمريكية في المنطقة. وبعد عام واحد، صوّت القطريون على دستور جديد نصّ على تشكيل مجلس شورى يضم 45 عضواً، يُنتخب ثلثاهم مباشرة فيما يعيّن الأمير البقية. دخل الدستور حيّز التنفيذ منتصف 2005، ليصبح أول دستور مكتوب في تاريخ البلاد.

وفي السياق الاقتصادي، وقعت قطر عام 2005 صفقة مع الولايات المتحدة بقيمة 14 مليار دولار لإنشاء أكبر مركز للغاز المسال في العالم، كما أصبحت في 2007 مع الإمارات من أكبر المساهمين في بورصة لندن. وفي 2009، قطعت الدوحة علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل بعد أن كانت تستضيف مكتباً تجارياً لها.

عام 2010 مثّل نقطة تحول بارزة بفوز قطر بحق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، لتكون أول دولة عربية تنال هذا الامتياز. وبعد عام، أعلن الأمير حمد بن خليفة عن أول انتخابات برلمانية في تاريخ البلاد، حُدد موعدها عام 2013.

وفي يونيو/ حزيران 2013، جرى انتقال سلمي للسلطة مع تسلّم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الحكم من والده. يشغل الأمير الحالي أيضاً منصب القائد العام للقوات المسلحة، وقد تلقى تعليمه في بريطانيا، حيث درس في مدرستي شيربورن وهارو قبل أن يتخرج من أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية.

مصدر الصورة

طموحات إقليمية ودولية

تستخدم قطر عائداتها الضخمة من احتياطيات الغاز لتمويل مشاريعها وطموحاتها الإقليمية والدولية.

تلعب قطر منذ سنوات دوراً محورياً كوسيط في النزاع المتكرر بين إسرائيل وحركة حماس، إذ وفّرت قناة اتصال غير مباشرة بين الطرفين خلال الحرب التي نشبت في قطاع غزة بعد هجمات 7 أكتبور/ تشرين الأول 2023، وغالباً ما نسّقت جهودها مع مصر والأمم المتحدة لتثبيت اتفاقات تهدئة مؤقتة أو تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

لكن الهجوم الإسرائيلي الأخير على قيادات من حماس في الدوحة أثار تساؤلات حول مستقبل هذا الدور، بعدما أكدت قطر أن مثل هذه العمليات "تُقوّض" جهود الوساطة الجارية لوقف إطلاق النار. وتقول الدوحة إن تحرّكاتها تندرج في إطار التزامات إنسانية ودبلوماسية أوسع، تشمل المساعدات والإغاثة في مناطق النزاع.

ورغم إشادة أطراف دولية بقدرة قطر على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة، تواجه الدوحة انتقادات من بعض الحكومات التي ترى أن استضافتها لقيادات حماس يمثّل دعماً سياسياً للحركة.

حصار قطر

في 5 يونيو/حزيران 2017، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، متهمةً إياها بإيواء معارضين سياسيين ومنحهم منبراً عبر قناة الجزيرة الممولة من الحكومة.

واتهمت الدوحة أيضاً بدعم جماعات مثل الإخوان المسلمين وتنظيم الدولة والقاعدة، وهي اتهامات نفتها قطر ووصفتها بأنها "غير مبررة".

وطالبت هذه الدول بإغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر وخفض مستوى العلاقات مع إيران، فيما أُغلقت الحدود البرية والجوية والبحرية كوسيلة للضغط على الدوحة.

مصدر الصورة

تسببت العقوبات التي فرضتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر عام 2017 في أزمة مواد أساسية بقطر، التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجات سكانها البالغ عددهم نحو 2.7 مليون نسمة. وسرعان ما تدخلت كل من إيران وتركيا بزيادة صادرات المواد الغذائية والسلع الأخرى إلى الدوحة.

ورغم المقاطعة، نجحت قطر في تنويع شراكاتها التجارية، خصوصاً مع سلطنة عمان وإيران وتركيا. وأشار صندوق النقد الدولي في تقرير صدر في مارس/آذار 2018 إلى أن الأثر المالي المباشر للأزمة تلاشى إلى حد كبير.

وفي خضم الأزمة، تداولت صحف سعودية مقترحاً لشق قناة بحرية على طول الحدود بين البلدين، عُرفت باسم "قناة سلوى"، ما كان سيحوّل قطر إلى جزيرة، ووصفت الفكرة حينها بأنها جزء من "مشروع سياحي"، لكنها لم تُنفّذ.

وفي الرابع من يناير/كانون الثاني 2021، أُعلن التوصل إلى اتفاق مصالحة في قمة "العلا" بالسعودية بوساطة كويتية ودعم أمريكي. أعادت الرياض فتح حدودها مع قطر، لتلتحق بها لاحقاً الإمارات والبحرين ومصر في مسار تطبيع العلاقات.

فازت قطر في عام 2010 بحق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، لتصبح أول دولة عربية وشرق أوسطية تنظم هذا الحدث العالمي، وهو ما اعتُبر محطة فارقة في تاريخها الحديث.

لكن الاستضافة رافقها منذ البداية جدل واسع، خاصة حول أوضاع العمالة الوافدة وظروف العمل في مشاريع البنية التحتية الضخمة، إلى جانب النقاشات المتعلقة بالحريات والقوانين المحلية. ودفعت هذه الانتقادات السلطات القطرية إلى إدخال سلسلة من الإصلاحات في قوانين العمل، بينها إلغاء نظام الكفالة وتحديد حد أدنى للأجور.

وعلى الرغم من استمرار الانتقادات من منظمات حقوقية دولية، رأى كثيرون أن البطولة شكّلت لحظة تاريخية للمنطقة، إذ أتاحت للعالم الاطلاع على الثقافة العربية والإسلامية عن قرب. كما حظيت قطر بإشادة واسعة على المستويين التنظيمي واللوجستي، بعدما نجحت في إدارة بطولة وُصفت بأنها مميزة، ما عزز صورتها كدولة ذات حضور متزايد على الساحة الدولية.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا