آخر الأخبار

مصر تشكو إثيوبيا في مجلس الأمن بعد افتتاح سد النهضة

شارك

دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN ) -- افتتحت إثيوبيا رسميًا الثلاثاء سد النهضة ، الذي أثار منذ انطلاقه خلافات مع دولتي المصب مصر والسودان، خشية من تهديده حصصهما التاريخية من مياه النيل.

وفي أول رد رسمي، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا شديد اللهجة، أعلنت خلاله توجيه خطاب إلى مجلس الأمن الدولي أكدت فيه رفضها "لأي إجراءات أحادية" من الجانب الإثيوبي، معتبرة أن تشغيل السد دون اتفاق قانوني "يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والأعراف الحاكمة للأنهار الدولية، ويشكل تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار المنطقة بأسرها" .

وشدد البيان على أن مصر "بذلت طوال السنوات الماضية أقصى درجات ضبط النفس، واختارت طريق الدبلوماسية عبر المفاوضات واللجوء إلى المنظمات الدولية، ليس تخليًا عن حقوقها التاريخية، وإنما انطلاقًا من إيمانها الراسخ بأهمية الحلول السلمية التي تحقق التنمية المستدامة لجميع شعوب حوض النيل".

وأكدت القاهرة أن "الخطوات الأحادية الأخيرة من أديس أبابا تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في التعامل مع أزمة وجودية تمس حياة أكثر من مائة مليون مواطن مصري وسوداني"، مؤكدة أنها "لن تقبل بسياسات فرض الأمر الواقع، وستتخذ كافة التدابير المشروعة للدفاع عن مصالحها المائية الوجودية" .

وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، إن مصر تكبدت خسائر مائية جسيمة منذ بدء التخزين الأول لبحيرة سد النهضة عام 2020، حيث خُصمت كميات كبيرة من حصتها السنوية، ليصل إجمالي ما خزنته إثيوبيا إلى نحو 74 مليار متر مكعب في بحيرة السد، ما أدى إلى فقدان مصر ما يقارب 100 مليار متر مكعب من مواردها المائية .

وأضاف شراقي أن الدولة اضطرت لتعويض هذا العجز بتدابير مكلفة، شملت الاعتماد على مخزون السد العالي، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، وحفر نحو 5 آلاف بئر جوفي، إلى جانب تغيير أنماط الزراعة وخفض المساحات المزروعة بالأرز، وهي إجراءات بلغت تكلفتها نحو 500 مليار جنيه .

وأشار شراقي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إلى أنه مع اكتمال بناء السد ستظل مصر تعاني من تغير في مواعيد وصول المياه عن النمط الطبيعي خلال فصل الصيف، حيث سيتم تمرير المياه عبر بوابات مفيض بعد امتلاء البحيرة أو من خلال تشغيل التوربينات، وهو ما يستدعي وجود تنسيق مباشر بين مصر وإثيوبيا لتحديد كميات المياه ومواعيد وصولها.

ورأى شراقي أن غياب هذا التنسيق يضع صعوبات كبيرة أمام إدارة الموارد المائية المصرية والسودانية، مؤكدًا أن السودان يواجه خطرًا أكبر نظرًا لقربه من بحيرة السد وما ترتب على ذلك من فيضانات متكررة .

وحذّر شراقي من أن إقدام إثيوبيا على بناء سدود ضخمة جديدة دون التوصل إلى اتفاق مسبق مع مصر سيؤدي إلى تصعيد التوترات، ”خاصة أن أديس أبابا استغلت أحداث ثورة يناير 2011 لزيادة السعة التخزينية لسد النهضة من 11 مليار متر مكعب إلى 74 مليار متر مكعب"، مضيفًا أن أي مشروع جديد من هذا النوع يجب أن يخضع لتوافق بشأن فترات الملء والتخزين، لتجنب تصاعد الأزمات في المنطقة .

وأكد شراقي أن مصر مازالت متمسكة بالحلول السلمية من خلال التفاوض والحوار، مع التمسك بحقها القانوني في مياه النيل وفق القواعد الدولية المنظمة للأنهار المشتركة، وأن مصر تحتفظ بجميع الطرق الشرعية لضمان حقوقها المائية عبر اللجوء إلى مجلس الأمن، ولكن استمرار التعنت الإثيوبي قد يمنح القاهرة المبررات والدوافع لاتخاذ أي خطوات تحفظ مصالحها المائية والوجودية، مشددًا في الوقت نفسه على أن مصر مازالت تراهن على الدبلوماسية كخيار رئيسي لمعالجة هذه الأزمة .

وقال مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، جمال بيومي، إنه مطمئن تجاه قضية سد النهضة الإثيوبي، مستندًا إلى دراسته العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه التي أوضحت له أن مصر لن تتأثر بشكل كبير بالسد. وأوضح أن الهدف الأساسي من السد هو توليد الكهرباء، وهو ما يتطلب تمرير المياه عبر التوربينات، وبالتالي استمرار تدفق حصة مصر المائية .

وأضاف بيومي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن إثيوبيا تتمتع بوفرة مائية هائلة تُقدَّر بنحو ألف مليار متر مكعب من الأمطار سنويًا، ما يجعلها تعتمد على الأمطار في ري أراضيها وليس على مياه النيل، كما أن موقع السد في شمال إثيوبيا لا يسمح باستخدام مياهه لري الأراضي في الجنوب، الأمر الذي يجعل تصريف المياه عبر السد أمرًا حتميًا .

وبيّن بيومي أن الخلاف الجوهري كان حول فترة ملء بحيرة السد، إذ طالبت مصر بأن يمتد الملء على سبع سنوات بدلًا من ثلاث، وهو ما تحقق عمليًا بسبب غزارة الأمطار في تلك الفترة التي تسببت أيضًا في فيضانات بالسودان، لافتًا أن زيادة ارتفاع جسم السد من 40 إلى 72 مترًا زاد من المخاطر الجيولوجية، فقد يؤدي إلى زلازل أو انهيارات نتيجة طبيعة التربة الطفيلية في المنطقة، مما يضاعف الضغط على السد .

ولفت بيومي أن مصر رفعت خطابًا إلى مجلس الأمن للتأكيد على حقوقها المائية، والتحذير من أن أي اعتداء على حصة مصر في نهر النيل سيقابل برد فعل قوي من جانبها.

سي ان ان المصدر: سي ان ان
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا