في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في أعقاب زيارة دونالد ترامب للشرق الأوسط في مايو/أيار الماضي، التي اشتملت على توقيع اتفاقيات شراكات كبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، صرح ديفيد ساكس، مسؤول الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض ، بأن تلك الصفقات الضخمة لبيع الرقائق المتقدمة التي وقّعها ترامب مع دول خليجية تُمثِّل ضربة موجعة للصين، ومكسبا كبيرا للولايات المتحدة وشركائها.
من وجهة نظر ساكس، فإن تلك الصفقات تُمثِّل تثبيتا لاعتماد التكنولوجيا الأميركية معيارا عالميا، وتمنع المنافسين (يقصد الصين) من اللحاق بالولايات المتحدة.
وجاءت تلك التصريحات في أعقاب تصريحات أخرى لا تقل حِدّة أدلى بها مايك والتز قبل أن يتولى منصب مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية (الذي أُطيح به من منصبه مبكرا في وقت لاحق)، إذ قال إن بلاده ستبدأ بفرض تكاليف عالية، وستعرقل أكثر الدول التي تواصل التجسس علينا (يقصد الصين أيضا)، وهي التصريحات التي عقّبت عليها "فورين بوليسي الأميركية" بأنها تأتي في إطار توجه للإدارة الأميركية يدعو دول العالم صراحة إلى الاختيار دون مواربة بين حزمة التقدم التكنولوجي الأميركي ونظيراتها الصينية دون محاولة مسك العصا من المنتصف.
تُعد تلك التصريحات حلقة في سلسلة الصراع الكبير الذي ربما سيُشكِّل جانبا كبيرا من التنافس الجيوسياسي خلال النصف الأول من القرن العشرين، إنه صراع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، الذي لا نبالغ إذا قلنا إنه أحد أكبر التحديات التي تواجهها أميركا حاليا.
فإما أن تحافظ على ريادتها في هذا المجال، وإما أن تفتح الطريق لقفزة صينية سيعقبها سيطرة على مجالات حساسة وحاسمة، أو كما يقول ديفيد ساكس، كبير مستشاري الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية للبيت الأبيض، فإن جيوش عالم المستقبل ستكون مُشكَّلة من طائرات بدون طيار وروبوتات، وسيكون المُتحكِّم فيها بشكل تام هو الذكاء الاصطناعي، ومن ثم فإن الريادة الأميركية لن تتحقق بحسبه إلا بتوحد العالم كله تحت المظلة التقنية الأميركية.
مَن كان يتابع تطور الصين في تسعينيات القرن الماضي ربما لم يكن ليتخيل أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه الآن، حيث تهدد الدولة الآسيوية ريادة الولايات المتحدة الأميركية التكنولوجية، وبحسب صحيفة "كوريا تايمز" الكورية الجنوبية، فإن الصين مرّت بثلاث مراحل أساسية لتصل إلى ما وصلت إليه الآن بوصفها منافسا قويا يهدد الولايات المتحدة في حلبة الذكاء الاصطناعي.
في البداية، كانت الولايات المتحدة هي التي قادت ثورة الإنترنت في العالم وهيمنت عليها بابتكارات سريعة غزت أسواق الكوكب، وفي تلك الفترة في تسعينيات القرن العشرين لم تكن الصين أكبر من مجرد متفرج في هذا العالم الجديد، قبل أن تحاول التقرب منه على استحياء من خلال استثمارات كبيرة لتوسيع ابتكاراتها في مجال الاقتصاد الرقمي.
وحتى في تلك المرحلة، كانت الصين تنسخ وتقلد التقنيات الغربية (يُطلق على هذه المرحلة مرحلة التقليد) أكثر من كونها تبتكر التقنيات الخاصة بها، ثم بدأت الصين في الفترة بين عامي 2005-2015 الانتقال إلى المرحلة الثانية من نهضتها التكنولوجية وهي مرحلة "التحسين"، بعد أن أطلقت خدمات عديدة على الإنترنت حفَّزها النمو الهائل في أعداد المستخدمين للشبكة العنكبوتية.
وبمرور الوقت، شرعت الشركات التكنولوجية الصينية في تحسين خدماتها بعد أن فهمت تماما طبيعة السوق وطبيعة المستخدمين، وهو ما هيَّأها لدخول المرحلة الأخيرة التي تبلورت خلالها النهضة التكنولوجية الصينية.
إذ لم تعد الشركات الصينية في هذه المرحلة تركز على التقليد والاتباع ومحاولة محاكاة الإبداعات الغربية، بل بدأت هي الأخرى في ابتكار نماذج رقمية جديدة تقارب أو تناظر أو حتى تتفوق على نظيرتها الأجنبية، وكان النجاح منقطع النظير لتطبيق "تيك توك" لشركة "بايت دانس" مثالا واضحا على ذلك، ومن هنا بدا واضحا في الغرب أن الصين قد انطلقت إلى مرحلة جديدة لم تعد تقبل فيها بمكانة التابع والمقلد، ولكنها تشغل موقف المنافس الساعي للحصول على موقع الريادة.
ظهر ذلك أكثر ما ظهر في فضاء الذكاء الاصطناعي. فبعد الضجة العالمية الكبيرة التي أثارها إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي "شات جي بي تي" في عام 2022، استطاعت الصين مطلع عام 2025 أن تُخرج للنور ابتكارها في مجال الذكاء الاصطناعي المنافس لـ"شات جي بي تي" وهو "ديب سيك آر وان"، وهو الخبر الذي أعقبه هبوط حاد في أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية وخسائر تريليونية في بورصات التكنولوجيا الغربية.
مَثَّل "ديب سيك" صدمة حقيقية بكل المقاييس، وكان نذيرا لا لبس فيه بتغير قواعد اللعبة في سوق الذكاء الاصطناعي الذي ظنه الجميع حكرا على العمالقة الغربيين. ففي حين تُدرِّب شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة عالميا روبوتات الدردشة الخاصة بها باستخدام حواسيب عملاقة تستخدم ما يصل إلى 16,000 رقاقة متطورة من رقاقات شركة "إنفيديا"، لم يتطلب تدريب "ديب سيك" أكثر من 2000 رقاقة فقط.
وبينما احتاجت شركة "أوبن إيه آي" المطورة لـ"شات جي بي تي" إلى إنفاق 5 مليارات دولار لتنتج نموذجها من الذكاء الاصطناعي، لم تحتج الشركة الصينية إلى إنفاق أكثر من 5.6 ملايين دولار على نموذجها.
حقق "ديب سيك" نتائج مميزة، وترك صدمات بالغة على سوق التكنولوجيا الغربي، وبينما يُعد استخدامه أرخص بـ30 إلى 50 مرة من نموذج شركة "أوبن إيه آي" الأميركية، استطاع بعد شهر من إطلاقه أن يقلص فجوة الأداء بين أفضل النماذج الصينية والأميركية من 9.3% إلى 1.7% فقط، واستطاع أن يصل إلى 100 مليون مستخدم في سبعة أيام، في حين احتاج "شات جي بي تي" إلى شهرين للوصول إلى الرقم ذاته.
وقد دفع ظهور "ديب سيك" الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى القول بوضوح إن إطلاق الصين لتطبيق الذكاء الاصطناعي منخفض التكلفة بمنزلة جرس إنذار للشركات الأميركية، هذا الإنذار، بحسب ترامب، عليه أن يوقظ الصناعة التكنولوجية الأميركية للتركيز بشكل حاد من أجل الفوز في تلك الحلبة.
وعمليا، اجتمع دونالد ترامب في البيت الأبيض بمسؤولين في شركة "أوبن إيه آي" و"أوراكل" و"سوفت بانك" لمناقشة استثمارات تصل إلى 500 مليار دولار في نموذج ذكاء اصطناعي جديد يُدعى "ستارغيت"، باعتبار أن الولايات المتحدة الآن في حالة طوارئ لمواجهة منافستها الصين.
وفي الصورة الأكبر، من الواضح أن الولايات المتحدة اعتبرت "ديب سيك" تهديدا يتعلق بأمنها القومي، لدرجة أن الكونغرس الأميركي أصدر قرارا بمنع استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني داخل مكاتبه، وناقش مشروع قانون لحظر استخدام التطبيق على أي جهاز حاسوب أو هاتف نقال في المؤسسات الحكومية. وفي خلفية ذلك التهديد تقبع مشكلات وتحديات عميقة تهدد التفوق التقني الأميركي.
على رأس هذه التحديات الفجوة المتزايدة باستمرار في أعداد المهندسين والتقنيين، فبحسب "كوريا تايمز" تُخرِّج الصين أربعة أضعاف من تُخرِّجهم الولايات المتحدة سنويا في مجالات التكنولوجيا والعلوم والهندسة والرياضيات، وتسود فيها أخلاقيات عمل صارمة وجادة، فضلا عن قاعدتها الصناعية المتنوعة وتوليدها لكميات هائلة من البيانات.
كل هذا ولم نذكر تفوقها الحاسم على صعيد الطاقة المطلوبة لدفع الصناعات التكنولوجية. ففي عام 2023، أنتجت الصين 9,456 تيرا واط في الساعة من الكهرباء، أي أكثر من ضِعْف ما تنتجه الولايات المتحدة الأميركية، وما يعادل 32% من الإنتاج العالمي، ما يعني أن لديها قدرة استثنائية على تشغيل مراكز البيانات واسعة النطاق التي تحتاج إليها بشدة نماذج الذكاء الاصطناعي.
كما يتضح مما سبق، فإن الصين صارت منافسا مخيفا للولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتبدو وكأنها تجسر الهوة بينها وبين أميركا بسرعة متزايدة وتكاليف أقل بكثير.
ومن الواضح أيضا أن دونالد ترامب وإدارته منتبهون لهذا الأمر، ويحاولون عرقلة مساعي بكين، بل إن كلا الحزبين في الولايات المتحدة منتبهان لهذا الخطر، وهذا ما يجعلهما بحسب موقع "أكسيوس" الأميركي يصمتان تماما بشأن قضية تهديد تطور الذكاء الاصطناعي للوظائف ودوره في تصاعد البطالة، لعلمهم بخطورة هذا الملف فيما يتعلق بالأمن القومي الأميركي والسيادة الأميركية، رغم تصريح الرئيس التنفيذي لشركة "أنثروبيك" الشهيرة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي الذي حذَّر فيه من أن الذكاء الاصطناعي سيرفع معدلات البطالة إلى 20% خلال السنوات الخمس القادمة (وهو ما يعادل خمسة أضعاف المعدلات الحالية)، وأنه سيزيل ما لا يقل عن نصف الوظائف المكتبية منخفضة المستوى.
لكن رغم هذا الاهتمام من إدارة ترامب، فهناك وجهة نظر قوية تقول إن سياسات الرئيس الأميركي في هذا الملف ربما تأتي بنتائج عكسية، وإن ترامب يمهد -دون قصد- الطريق أمام الصين للفوز في معركة الذكاء الاصطناعي المحتدمة بين الطرفين.
حين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين الأجانب لبلاده، كانت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي من أكبر الخاسرين من قراره، وقد أفردت المنصات والصحف الأميركية والغربية والمحللون حينها مساحات واسعة للحديث عن الأضرار المحتملة التي ستلحق بقطاع الذكاء الاصطناعي جراء هذا القرار، في وقت يريد فيه ترامب لأميركا أن تفوز بهذا السباق مع الصين.
على سبيل المثال، صرّح مؤلف الكتاب الشهير "حرب الرقائق الإلكترونية" كريس ميلر بأن تلك الرسوم تجعل بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي أكثر تكلفة بكثير، لأن خوادم الذكاء الاصطناعي تكون مستوردة عادة، ومن ثم ستواجه رسوما جمركية، فضلا عن العديد من المعدات الأخرى في مراكز البيانات بما فيها المعدات الأساسية للتبريد والطاقة.
وبحسب ما قاله مختصون لمجلة "تايم" الأميركية حينها، فإن الرسوم الجمركية ستجعل تكاليف قطاع الذكاء الاصطناعي عالية للغاية، للدرجة التي قد تدفع بعض شركات هذا القطاع إلى بناء مراكز البيانات الخاصة بها خارج الولايات المتحدة، كما تنبأت "تايم" حينها بأنه حتى في حال اتخذ ترامب إجراءات وقائية للتخفيف من حِدّة الأعباء التي ستُلقى على عاتق قطاع مراكز البيانات، فإن التأثير الكلي لحربه التجارية على المناخ الاقتصادي عموما ستضر في الأخير بشركات الذكاء الاصطناعي لأنها ستؤدي إلى تعزيز الركود وقلة السيولة لدى تلك الشركات في النهاية، وانهيار الطلب على الذكاء الاصطناعي.
وفي الخلاصة، فإن احتدام الحرب التجارية والإسراف في استخدام التعريفات الجمركية يُشكِّل خطرا كبيرا فيما يتعلق بسباق الولايات المتحدة مع الصين في حلبة الذكاء الاصطناعي.
على جانب آخر، تشير العديد من التحليلات إلى مسألة أعمق، وهي أن فرض تعريفات جمركية عقابية على الصين منذ وقت الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بغرض وضع ضوابط على المنتجات التكنولوجية الأميركية المبيعة للصين، وتحديدا رقائق الحاسوب الإلكترونية من شركة "إنفيديا"، أدت في نهاية المطاف إلى تعزيز إمكانيات التطور الصيني على عكس هدفها الأصلي.
وبحسب صحيفة "أكسيوس" الأميركية، فإن الرئيس التنفيذي لشركة "إنفيديا" جنسن هوانغ قد وصف خطة ضوابط التصدير الصارمة بأنها "فاشلة"، وأعطت الصين حافزا داخليا لتطوير صناعتها التكنولوجية حتى لا تحتاج ولا تخضع للهيمنة الأميركية، محذِّرا من أنه لو استطاعت الصين استبدال شرائح "إنفيديا" بشرائح هواوي وحققت استقلالية كاملة في تدريب الذكاء الاصطناعي، فستتمكن من استبدال التقنيات الأميركية عالميا بشكل شامل، ومن ثم ستنهار المزايا التكنولوجية الأميركية.
وبحسب مقال بحثي لمركز "كارتر" للأبحاث في يونيو/حزيران، فإن مجتمع الأعمال الأميركي عموما يعتقد أن ضوابط التصدير العقابية على الصين لن تؤدي إلا إلى تعزيز اعتماد الصين على نفسها وتطورها في مجال الرقائق الإلكترونية.
وبالمثل يعزو تقرير مرئي لـ"تي آر تي وورلد" سر ظهور "ديب سيك" بهذه القوة إلى جهود الولايات المتحدة لمنع الصين من التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، حين وضعت الولايات المتحدة ضوابط صارمة تمنع تصدير الرقائق المتقدمة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي للصين منذ عام 2022، سامحةً فقط بتصدير الرقائق ذات الجودة المنخفضة، ومن ثم أجبرت تلك الضوابط الأميركية الصين على أن تصبح قائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وليست تابعة فقط. وهكذا دفعت قواعد الولايات المتحدة الصارمة مؤسسي "ديب سيك" إلى تطورات إبداعية كبيرة أتت في المحصلة بثمارها الصادمة للغرب.
أكثر من ذلك، وبحسب "فورين بوليسي" الأميركية، فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب باتت تدفع مشهد التكنولوجيا الرقمية العالمي إلى منطقة خطيرة، فلم يعد هناك مجال للدبلوماسية التكنولوجية متعددة الأطراف، وإنما تعتمد الإدارة الأميركية على مبدأ "أميركا أولا" في إدارة هذا الشأن، فهي تهدف إلى الهيمنة التامة لا التعاون، ومن ثم تمهد الولايات المتحدة بذلك لعالم تسوده أفكار "القومية التكنولوجية" يقوم فقط على المنافسة الشرسة.
ونتيجة لذلك، فإن العديد من دول العالم، بما في ذلك الدول الحليفة للولايات المتحدة في أوروبا وحتى كندا، بدأت تتحدث عن بناء مراكز بيانات ونماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها.
وقد عينت المفوضية الأوروبية على سبيل المثال مسؤولة لملف السيادة التكنولوجية هي هينا فيركونين، في حين اعتمد البرلمان الهولندي صراحة قرارات تهدف إلى تقليل الاعتماد على البرمجيات الأميركية، وهو الأمر الذي حدث أيضا في كندا، حيث أعلنت البلاد أنها ستقلل اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية.
وترى "فورين بوليسي" في تحليلها أن سياسة ترامب قد تجلب مكاسب قصيرة الأجل، لكنها لن تتمكن من الحفاظ على الهيمنة العالمية لوقت طويل، إذ ستحفّز السياسة الأميركية الدول المختلفة للسعي نحو مستقبلها التكنولوجي القومي.
بالمثل يرى المحللون في موقع "أكسيوس" الأميركي أن سياسة ترامب تحاول أن تضع دول العالم تحت ضغط شديد وتُخيّرهم ما بين التعاون مع الصين أو معها، ومن ثم تجعلهم يستسلمون لريادتها، لكن بحسب هؤلاء المحللين فإن هذه السياسة مقامرة قد لا تؤدي إلى نتيجة جيدة، وقد تؤثر بشدة على مكانة الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي مع الصين، فأوروبا وكندا وشركاء الولايات المتحدة التقليديون يستشعرون الحنق تجاه سياسات ترامب التجارية، وهم أقرب إلى التعاون فيما بينهم من التعاون مع الولايات المتحدة، كذلك يخلق هذا المناخ بين الولايات المتحدة وشركائها ثغرة قد تستغلها الصين، وقد يؤدي الأمر في النهاية إلى تعاون صيني أوروبي تحت مبدأ "عدو عدوي صديقي"، وهو ما سيضر بشدة الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل.
أخيرا، يشير مقال بحثي لمنصة "كوريا تايمز" إلى نقد جذري لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتأثيرها المحتمل على قدرة الولايات المتحدة في الفوز بسباق الذكاء الاصطناعي، إذ يرى المقال أن سياسات ترامب تُمثِّل انقلابا على الانفتاح الأميركي الذي أرسى قواعد ريادة الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا عموما.
وعلى سبيل المثال، فقد سرّحت إدارة ترامب، بحسب المنصة الكورية، في شهر فبراير/شباط الماضي 170 موظفا في وكالة المؤسسة الوطنية للعلوم كان من بينهم خبراء في الذكاء الاصطناعي، واقترحت الإدارة الأميركية أيضا تخفيض ميزانية الوكالة لأكثر من 50%، هذا بالإضافة إلى تجميد ما يقارب 2.2 مليار دولار من المنح الفيدرالية لجامعة هارفارد ، ولم نذكر بعد سياسات ترامب المعادية للمهاجرين التي قد تحرم الولايات المتحدة من العديد من العقول والمواهب المهمة في ظل احتمالات حدوث موجات هجرة عكسية للعقول التقنية، وفي ظل انفتاح الصين وقطاع الذكاء الاصطناعي بها على الشراكات في الوقت الذي تمارس فيه الولايات المتحدة سياسات انغلاقية.
بحسب المقال، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في أن سياسة ترامب المبنية على تخفيضات تمويل الأبحاث، وتعزيز قيود الهجرة، بالإضافة إلى تعزيز مكانة الشركات الكبرى على حساب الشركات الصغرى في مجال الذكاء الاصطناعي، كلها ستصب على المدى البعيد في صالح الصين، وقد تمنحها أفضلية في سباق الذكاء الاصطناعي، على النقيض مما يسعى إليه ترامب وإدارته ويتعهدون به على الدوام.