آخر الأخبار

ضرب قلب القرار الإيراني.. كيف اخترقت إسرائيل حصون طهران؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

الحرب الإيرانية الإسرائيلية

في مشهد غير مسبوق في تاريخ الصراع بين إسرائيل وإيران، كسرت تل أبيب كل الخطوط الحمراء، حين اخترقت أهم معاقل صنع القرار الأمني الإيراني، مستهدفة اجتماعًا بالغ السرية للمجلس الأعلى للأمن القومي بحضور الرئيس مسعود بزشكيان ورؤساء السلطات الثلاث.

الصواريخ التي سقطت على المبنى المشيّد لتحصين القيادة من المفاجآت، لم تكن مجرد رسالة عسكرية، بل إعلان مدوٍ عن فشل الجدران الاستخباراتية التي طالما تباهت بها طهران.

العملية التي وُصفت بأنها "نقطة تحوّل" في قواعد الاشتباك، فجّرت أسئلة خطيرة: كيف وصلت إسرائيل إلى هذا العمق؟ من سرّب المعلومات؟ وهل باتت القيادة الإيرانية مكشوفة بالكامل أمام الموساد؟ في هذا التقرير، نُحلل أبعاد الحدث غير العادي، ونستعرض فرضيات الاختراق، ودلالاته الإستراتيجية كما وردت على المحلل الخاص لسكاي نيوز عربية دكتور محمد صالح صدقيان خلال حديثه في برنامج "التاسعة".


ضربة في قلب النظام

فجر السادس عشر من يونيو، لم يكن عاديا في طهران. ففي لحظة خاطفة، اخترقت ستة صواريخ دقيقة مداخل ومخارج مبنى سري يعتقد أنه استُخدم لعقد اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بحضور الرئيس المنتخب حديثا، مسعود بزشكيان، ورؤساء السلطات الثلاثة.

الانفجارات لم تسفر فقط عن إصابات طفيفة طالت كبار المسؤولين، بل كشفت هشاشة أكبر مؤسسة أمنية في البلاد أمام ضربات إسرائيلية دقيقة.

الهجوم لم يكن عشوائيًا، بل محكما من حيث التوقيت والمكان والأسلوب. وقد شبّهته مصادر إسرائيلية بعملية اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصرالله، من حيث التكتيك وضخامة الذخائر المستخدمة. هذه المقارنة ليست عابرة، بل تحمل مؤشرا على أن إسرائيل تعاملت مع الحدث باعتباره هدفًا إستراتيجيا من الدرجة الأولى، لا يقل في أهميته عن اغتيال رأس محور "الممانعة" في لبنان.

روايتان للاختراق.. جاسوس أم ذكاء اصطناعي؟

في تفسير هذا الاختراق غير المسبوق، تتنافس روايتان في الوسطين الأمني والسياسي:

الرواية الأولى: وجود اختراق داخلي عبر عملاء للموساد داخل أجهزة الدولة الإيرانية، قد يكون بينهم شخصيات في الدوائر الحساسة، أو فنيون مرتبطون بالبنية التحتية التكنولوجية، وربما أمنيون سابقون تم تجنيدهم سرا.

الرواية الثانية: تفيد بأن إسرائيل اعتمدت على الذكاء الاصطناعي في متابعة تحركات القيادات الإيرانية على مدى أكثر من ستة أشهر – وربما سنة – مستخدمة تقنيات التعرف على الوجه والتنبؤ بالتحركات والأنماط اليومية، ما سمح برسم خارطة دقيقة لمواقع الاجتماعات السرية، ومن بينها الاجتماع الذي تم استهدافه.

ويرى الدكتور صدقيان أن الرواية الثانية أكثر ترجيحا من الناحية التقنية، نظرا لأن "اختراق اجتماع سري بهذا المستوى من خلال جاسوس بشري فقط يبدو شبه مستحيل"، ما يعني أن إسرائيل ربما أصبحت تقود مرحلة جديدة من الحرب، تستخدم فيها أدوات رقمية لا تقل فتكا عن الصواريخ.

حرب الظلال تتحوّل إلى واقع

الهجوم على اجتماع الأمن القومي لم يكن إلا فصلًا من عملية أكبر أطلقت عليها إسرائيل اسم "نارنيا"، وهي سلسلة ضربات شبه متزامنة نفذتها أجهزة الأمن الإسرائيلية داخل إيران. ووفقًا لمصادر إسرائيلية، تمكنت تل أبيب من اغتيال 30 قياديًا في الحرس الثوري، بينهم قادة بارزون كـ حسين سلامي وأمير علي حاجي زادة، إلى جانب تصفية 15 عالما نوويا، واستهداف علي شمخاني مستشار المرشد، الذي أصيب في إحدى الغارات.

الأخطر، كما يشير التقرير، أن إسرائيل أنشأت "قاعدة خفية للمُسيرات المفخخة داخل إيران" لتعطيل الدفاعات الجوية ومنصات الصواريخ الإيرانية، مما يفسر الدقة العالية في الضربات التي طالت أهدافًا محصنة وشديدة الحراسة.

من الاغتيال إلى إسقاط النظام؟

في حديثه لبرنامج "التاسعة"، لفت د. صدقيان إلى ما وصفه بـ"الخطة الكبرى" التي قادتها إسرائيل، والتي لم تكن مجرد حملة اغتيالات، بل محاولة لإسقاط النظام السياسي بالكامل. وتحدث عن استهداف قيادات سياسية وعسكرية، وصولا إلى الهجوم على سجن إيفين الشهير، في محاولة لتحرير السجناء السياسيين، على أمل إشعال انتفاضة داخلية تقود إلى تفكيك الجمهورية.

ومن اللافت أن اسم رضا بهلوي، نجل شاه إيران السابق، ورد في تسريبات الخطة الإسرائيلية كمرشح لقيادة مرحلة ما بعد النظام، وهو ما يشير إلى أن ما حدث يتجاوز مجرد "ردع عسكري" إلى تصوّر واضح لتغيير شامل في بنية الدولة الإيرانية.

"يوم الصدمة".. ثم الرد الإيراني

مع حلول اليوم الرابع من الحرب، تغيرت المعادلة. وفقًا لصدقيان، تمكنت إيران من تفعيل منظوماتها الصاروخية الذكية، وسد الثغرات الأمنية التي استغلها الموساد في الضربة الأولى. وأطلقت إيران موجات من الصواريخ الذكية والفرط صوتية، ما أدى إلى تغيّر في الميدان السياسي والأمني داخل إيران، بل وحتى في العمق الإسرائيلي.

وما بين 12 و14 يونيو، كانت تل أبيب تقترب من تنفيذ خطة إسقاط النظام الإيراني، إلا أن الرد السريع – رغم الصدمة – حال دون تحول الضربات إلى ثورة داخلية. واللافت أن الضربة الأولى لم تزعزع النظام فحسب، بل وحدت الداخل الإيراني.

كما أشار صدقيان خلال حديثه الى "الالتفاف غير المسبوق" للإيرانيين، من أنصار ومعارضين، حول بلادهم. فحتى الشخصيات التي عانت من الإقصاء أو السجن، مثل أساتذة الجامعات أو سياسيين منفيين، عبّروا عن رفضهم لما اعتبروه خطة خارجية لتقسيم إيران، وليس فقط إسقاط النظام.

هذا الوعي الجماعي بالخطر، كما يقول صدقيان، أنقذ إيران من الانزلاق إلى فوضى شاملة، وأجهض الرهانات الإسرائيلية والأميركية على استثمار الصدمة الأمنية في تأليب الشارع.

ما بعد نارنيا.. مرحلة جديدة من الصراع

الهجوم على قادة القرار في إيران ليس مجرد عملية نوعية، بل بداية لمرحلة جديدة من الصراع بين تل أبيب وطهران، تدار بذكاء اصطناعي بقدر ما تقاد بالأيدي الخفية للموساد. وفيما تحقق إسرائيل اختراقات غير مسبوقة في الداخل الإيراني، يبدو أن طهران استوعبت الدرس، وتتحرك الآن نحو تحصين نظامها من الداخل، ليس فقط عسكريًا، بل سياسيا وشعبيا.

لكن يبقى السؤال: هل تنجح الجمهورية الإسلامية في سد الثغرات؟ أم أن "نارنيا" كانت مجرد مقدمة لما هو أعظم؟

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا