آخر الأخبار

كيف أنقذ الجمهوريون بمجلس الشيوخ قانون "ترامب الكبير"؟

شارك





بعد مناورات سياسية وصدامات علنية وخلف الكواليس، نجح الجمهوريون في مجلس الشيوخ ، مساء الثلاثاء، في إقرار مشروع " القانون الكبير والجميل " الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، ويتضمن حزمة من الإصلاحات الضريبية وخفضا في الإنفاق الحكومي.

التصويت لم يكن سهلا، فأعضاء المجلس من الحزب الجمهوري كانوا يسابقون الزمن لإقرار المشروع ليوقّع عليه الرئيس الأميركي بحلول 4 يوليو/تموز، وهو الموعد الذي اختاره ترامب للإعلان عنه بصورة رسمية.

لكن، لم يكن الوقت وحده الذي صعّب المهمة، فقد كانت هناك الانشقاقات داخل الحزب التي بلغت ذروتها عصر الثلاثاء، عندما انتهى التصويت بنتيجة متقاربة جدا، 51 صوتا مقابل 50، بعد أن تدخل نائب الرئيس جيه دي فانس ليرجّح الكفة لصالح الشيوخ الجمهوريين.

انشقاق ومفاوضات مرهقة

مع بداية التصويت، سعت قيادة الحزب الجمهوري في احتواء الاعتراضات الداخلية، إلا أن مهمة زعيم الأغلبية، جون ثون، اصطدمت بعقبات جدية بعدما تمسّك عدد من الجمهوريين بمطالبهم بإجراء تعديلات على النسخة القادمة من مجلس النواب .

ولتفادي عرقلة المشروع، سارع الرئيس ترامب، بحسب تقارير إعلامية، إلى الاتصال بالشيوخ الجمهوريين هاتفيا، ودعا بعضهم إلى لعب الغولف معه خلال عطلة نهاية الأسبوع لضمان تمرير قانونه.

ولم يكتفِ ترامب باللقاءات الاجتماعية، بل لجأ إلى وسائل التواصل ليحذّر المعارضين من أعضاء حزبه بأن "لا تُبالغوا!"، مذكّرًا إياهم بأنه "لا يزال عليكم إعادة انتخابكم".

مصدر الصورة جون ثون زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ يتحدث إلى الصحافة بعد أن أقر المجلس مشروع "القانون الكبير والجميل" (رويترز)

خالف 3 أعضاء جمهوريين التيار، واتفقوا على أن مشروع القانون سيحرم ملايين الأميركيين من الرعاية الصحية التابعة لبرنامج "الميديكيد".

إعلان

وعبرت السيناتورة سوزان كولينز من ولاية مين عن مخاوف عميقة من تأثير التخفيضات على ثلث سكان ولايتها، وحذّرت من تداعيات كارثية على المستشفيات الريفية ودور الرعاية.

ولم تيأس السيناتورة وحاولت أن تجري تعديلا على الحزمة عبر اقتراح لزيادة في التمويل، لكن اصطدمت بمعارضة ديمقراطية، مما جعلها تصف موقفهم بـ"النفاق السياسي".

وفي تصريح ينم عن الإحباط، قالت كولينز بعد مفاوضات مطولة مع قادة الحزب الجمهوري إن الصعوبات التي تواجهها مع مشروع القانون "تتجاوز بكثير ما يمكن حله" لتصوت بعدها ضد القانون وتصبح واحدة من 3 جمهوريين انضموا إلى الأعضاء الديمقراطيين في رفضه.

وفي صباح السبت، أصدرت إدارة ترامب بيانا دعت فيه الشيوخ الجمهوريين إلى تمرير مشروع القانون، مع التوضيح بأن "الرئيس ترامب ملتزم بالوفاء بوعوده، وأن الفشل في تمرير هذا القانون سيكون بمثابة الخيانة العظمى".

مصدر الصورة توماس تيليس يتحدث إلى الصحفيين في الوقت الذي بدأ فيه الجمهوريون محاولتهم الأخيرة للمضي قدمًا في "المشروع الكبير" (أسوشيتد برس)

ومن بين الجمهوريين الذين طالتهم نيران ترامب، السيناتور توم تيليس من ولاية نورث كارولينا، الذي لم يتوان في إبداء معارضته الصريحة لمشروع القانون، ورأى أن تمريره سيُعرّض ولايته لخسارة تقدر بـ26 مليار دولار من مخصصات برنامج "ميديكيد"، ما يعارض الوعد الذي قطعه لناخبيه.

وقبل التصويت النهائي، صعّد الرئيس ترامب من ضغوطه، مستهدفا السيناتور تيليس عبر منشور على منصة "تروث سوشيال"، توعّد فيه بالبحث عن منافس جمهوري ودعمه في الانتخابات التمهيدية لعام 2026.

لكن تيليس، الذي بدا أنه قد حسم خياره الأخلاقي، وأعلن في اليوم التالي أنه لن يسعى لإعادة انتخابه، هذا الإعلان منحه، كما قال لاحقا "الحرية المطلقة في معارضة القانون"، ليصبح بذلك من أقوى الأصوات الجمهورية التي صوّتت ضد المشروع.

أما الجمهوري الأخير الذي صوّت بـ"لا"، فهو السيناتور راند بول من كنتاكي، الذي جادل في الجوانب المالية للمشروع، معتبرا أنه سيؤدي إلى تضخم العجز الوطني، كما عارض زيادة سقف الدَّين بمقدار 5 تريليونات دولار.

وأكد بول أنه كان يعمل طوال فترة التصويت "لمنع الكونغرس من زيادة ديوننا"، وكشف في منشور على منصة إكس أنه التقى نائب الرئيس جيه دي فانس وحاول تقديم تسوية تتضمن خفضا جذريا في سقف الدَّين بنسبة 90%، لكن عرضه قوبل بالتجاهل، في حين اختار الكونغرس "التخلي عن دافعي الضرائب"، بحسب ما ذكر.

مصدر الصورة راند بول صوّت بـ"لا" على المشروع وجادل في الجوانب المالية (رويترز)

صوت حاسم

الصوت الذي كان من الممكن أن يغيّر المعادلة ويفشل مشروع ترامب العظيم، هو صوت السيناتورة الجمهورية ليزا موركوفسكي من ألاسكا، التي كان التركيز عليها عاليا من قادة الحزب الجمهوري الذين كثّفوا جهودهم لاستمالتها، بينما تولّى السيناتور ليندسي غراهام مهمة إقناعها خلف الأبواب المغلقة، مقدما الضمانات بشأن قسائم الطعام المخصصة لولايتها.

وبالفعل، نجح الجمهوريون في حسم تأرجحها في دعم مشروع ترامب وقبول المساومة لتصوّت في النهاية لصالح المشروع.

إعلان

لكن تلك الخطوة لم تمر دون انتقاد، إذ حمّلها بعض المعارضين من الحزب الديمقراطي في المجلسين مسؤولية تمرير القانون، وهو ما أشار إليه السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، بصورة غير مباشرة: "كان بإمكان صوت جمهوري واحد أن ينقذ ملايين الأطفال من الجوع".

وأشار تقرير صادر عن مكتب الميزانية في الكونغرس قدر أن 11.8 مليون أميركي إضافي سيفقدون التأمين الصحي بحلول عام 2034 إذا أُقِرّ القانون.

كما توقع المكتب أن يضيف المشروع ما يقرب من 3.3 تريليونات دولار إلى العجز الوطني خلال السنوات العشر المقبلة.

مصدر الصورة ليزا موركوفسكي حمّلها بعض المعارضين من الحزب الديمقراطي مسؤولية تمرير قانون ترامب (رويترز)

مقاومة تشريعية وتكتيك انتخابي

بالطبع، صوّت الديمقراطيون بالإجماع ضد القانون، وكانوا مدركين أنهم الأقلية في الكابيتول ولا استطاعة لهم في عرقلة المشروع، لكن لم يمنعهم ذلك من المماطلة واستنزاف الوقت عبر عدة طرق، من ضمنها قراءة النص التشريعي الذي تجاوز الألف صفحة خلال الـ16 ساعة، بالإضافة إلى اقتراح تعديلات على بعض الحزم لتأخير التصويت، رُفضت جميعها.

واعتبر الديمقراطيون أن تمرير القانون "خيانة للشعب الأميركي"، بحسب تعبير زعيم الأقلية تشاك شومر، الذي صرّح بعد التصويت بأن الجمهوريين "جلبوا لمجلس الشيوخ العار وسيطاردهم هذا التصويت لسنوات مقبلة".

من ناحية أخرى، يستعد هؤلاء لاستخدام القانون بعد إجازته بشكل نهائي، في تعزيز حظوظهم لاستعادة السيطرة على الكونغرس من خلال الاستفادة منه في حملتهم ضد الحزب الجمهوري خلال انتخابات التجديد النصفي لعام 2026.

ويرى مراقبون أن الفرصة مواتية للديمقراطيين للاستفادة من التحولات داخل الحزب نتيجة رفض مشرعين جمهوريين الانسياق خلف أجندة ترامب، مثل إعلان السيناتور توم تيليس، والنائب دون بيكون من نبراسكا، عدم الترشح، مما يخلق مقاعد شاغرة في الولايتين.

مصدر الصورة دون بيكون نائب جمهوري من نبراسكا (الفرنسية)

ويعوّل المعارضون للقانون بأنه لا يحظى بدعم كاف من الأميركيين، فالاستطلاعات حملت إشارات تحذيرية للجمهوريين، خاصة الحزم المتعلقة بالتخفيضات على برنامج "الميديكيد" لتوفير 350 مليار دولار لتأمين الحدود والأمن القومي، بما في ذلك عمليات الترحيل.

أظهر استطلاع رأي أجرته جامعة كوينيبياك في الفترة من 22 إلى 24 يونيو/حزيران، أن 55% من الناخبين يعارضون مشروع القانون، بينما يؤيده 29%.

ولم يُبدِ 20% آخرون رأيهم، بينما كشف استطلاع آخر أجرته صحيفة "واشنطن بوست" في نفس الشهر، عن رفض 42% له مقابل تأييد لا يتجاوز 23%.

لجنة قواعد مجلس النواب برئاسة فيرجينيا فوكس (وسط) تجتمع لمناقشة "قانون مشروع القانون الكبير والجميل" بعد أن أقره مجلس الشيوخ (الفرنسية)

ما الخطوة التالية؟

بعد تمريره في مجلس الشيوخ، عاد المشروع بصيغته المعدلة مرة أخرى إلى مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وقد أجازه المجلس يوم أمس الخميس بفارق ضئيل، وبذلك أحيل المشروع للرئيس ترامب للتصديق عليه ليصبح قانونا.

وقال البيت الأبيض إن ترامب سيوقع على مشروع القانون غدا الجمعة في تمام الساعة الخامسة من مساء اليوم الجمعة.

وكان رئيس مجلس النواب مايك جونسون قد أكد أن الجمهوريين في مجلس النواب مستعدون "لإنهاء المهمة"، لكن عبّر عن عدم رضاه بما فعله الشيوخ من تعديلات على نسخة مجلس النواب التي أُقرت في أواخر مايو/أيار الماضي، بأغلبية ضئيلة جدا بعد صعوبات لا تختلف عن التي جرت في الجانب الآخر من الكابيتول في الأسابيع الماضية.

وأجرى الشيوخ الجمهوريون تخفيضات كبرى على برنامج الرعاية الطبية، وفي الاعتمادات الضريبية لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، مع إضافة مئات المليارات من الدولارات إلى العجز مقارنة بخطة مجلس النواب.

وعلى خلاف نبرته السابقة، خاطب ترامب نواب حزبه بأسلوب أقل حدة هذه المرة، إذ يرى أن مسار المشروع سيكون سهلا في مجلس النواب "إذا توحد الجمهوريون وتجاهلوا المتباهين"، حاثا إياهم على الإسراع في تمرير النسخة النهائية ليوقعها قبل عطلة عيد الاستقلال.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا