آخر الأخبار

إلى ماذا تستند اتهامات ربط قادة الجيش السوداني بسلاح إيران؟

شارك
أرشيفية لقصف على بورتسودان

تتزايد المخاوف من أن يؤدي ارتباط محتمل للجيش السوداني بعمليات تسليح وعلاقات عسكرية إيرانية واسعة النطاق لتعقيد الأوضاع الأمنية المتردية في البلاد جراء الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023.

وقالت 5 تقارير دولية إن إيران رفعت خلال الفترة الأخيرة من وتيرة تزويد الجيش السوداني بأسلحة متطورة، في حين أشارت إحدى تلك التقارير إلى نقل أسلحة ومعدات إيرانية إلى قاعدة جبلية في شمال الخرطوم في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا نهاية 2024.

يأتي هذا فيما حذرت صحيفة "جيروزاليم بوست" من تحول السودان إلى بيئة خصبة للإرهاب وراعي للأنشطة الإيرانية، مطالبة بحملة منسقة "لإزاحة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان واستبدال نظامه بنظام مناهض للإرهاب وإيران".

ومع دخول الحرب عامها الثالث، كشف تقرير لموقع "بلومبيرغ" أن شحنات الأسلحة الإيرانية للجيش السوداني ظلت مستمرة منذ الأشهر الأولى لاندلاع القتال، لكن تقريرا صدر في مايو عن صحيفة "جيروزاليم بوست" مضى إلى أبعد من ذلك، وعزز ما قالته قناة "إي إن إس" العراقية التي عرضت صورا لموقع جبلي يضم منصات إطلاق صواريخ وأجهزة تخصيب إيرانية، قالت إنه يقع على بعد 80 كيلومترا شمال الخرطوم.

دور متزايد

في الأشهر الأخيرة، أشارت العديد من التحقيقات إلى تزايد الدور العسكري الإيراني في السودان، وقال موقع "إيران إنترناشونال" إن طائرة شحن إيرانية تابعة للحرس الثوري الإيراني نقلت أسلحة إلى الجيش السوداني.

ووفقا للموقع، فقد أفاد مصدر استخباراتي أوروبي بأن طائرة بوينغ 747، تابعة لشركة "فارس إير قشم"، غادرت طهران في 17 مارس وهبطت في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر وهي تحمل شحنة تحتوي على معدات عسكرية، بما في ذلك أنواع مختلفة من الطائرات المسيرة.

وحسب المصدر نفسه، فقد أرسلت طهران قبل ذلك طائرات مُسيّرة من طرازي أبابيل-3 ومهاجر-6، وهما طرازان معروفان بقدراتهما الاستطلاعية والهجومية. كما أظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي مواقع عسكرية لصواريخ الصاعقة-2 المضادة للدروع.

وفي العام الماضي، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن إيران عرضت على السودان تزويد الجيش بسفينة حربية مقابل إنشاء قاعدة بحرية دائمة لإيران على ساحل البحر الأحمر.

وفي ديسمبر، أكد موقعا "بلومبيرغ" و"إيران إنترناشونال"، تقريرا صادرا عن "مرصد الإرهاب العالمي" أشار إلى أن إيران تدعم الجيش السوداني بالأسلحة والطائرات المسيرة. وأفاد "بلومبيرغ" بأن إيران سلمت أسلحة للجيش السوداني وزودته بعشرات الطائرات المسيرة.

علاقات قديمة

وفي هذا السياق، يشير مهدي داود الخليفة وزير الدولة الأسبق بالخارجية السودانية إلى أن علاقات السودان بالتسليح الإيراني تعود إلى أوائل التسعينيات، لكنها اتخذت بعدا آخرا منذ بداية الحرب الحالية، حيث "ظهرت مؤشرات قوية على تجدد العلاقة، تمثلت في زيارات متبادلة لمسؤولين عسكريين من الطرفين، واجتماعات غير معلنة".

وينبه الخليفة في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن تلك العلاقة تضر بعلاقات السودان مع محيطه الإقليمي والدولي وتضعه في خط مواجهة محتملة مما يعقد من فرص الدعم الاقتصادي والدبلوماسي الذي يحتاجه.

ويوضح: "أي تعاون عسكري مع طهران، خصوصًا في البحر الأحمر أو شرق السودان، قد يجعل السودان هدفا مباشرا في هذا الصراع، خاصة إذا تم استخدام أراضيه لنقل أو تخزين معدات إيرانية".

لكن الخليفة يشكك في إمكانية استمرار تلك العلاقة، ويقول إن إيران ستصبح مشغولة بإعادة ترتيب بيتها الداخلي في أعقاب الضربة الإسرائيلية الأخيرة مما سيؤدي إلى تراجع في قدرتها اللوجستية على دعم السودان في ظل فقدانها ميزة الردع والمرونة الاستراتيجية.

اتهامات خطيرة

وفقا لصحيفة "جيروزاليم بوست" فإن ميناء بورتسودان يتحول بهدوء إلى عقدة رئيسية في شبكة طهران الإقليمية للأسلحة.

وأوضحت: "من خلال الشحنات البحرية السرية والعقود العسكرية، بدأت إيران في توريد طائرات بدون طيار إلى الجيش السوداني، شبيهة بالأنواع التي يستخدمها الحوثيون لاستهداف السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر".

ورأت الصحيفة أن الجيش السوداني "أصبح بمثابة جناح مسلح لجماعة الإخوان، وقد يصبح قريبا منصة انطلاق لهجوم جديد على إسرائيل".

وأضافت: "لم يعد السودان مجرد ساحة حرب أهلية جديدة، بل بؤرة ناشئة في حملة إيران الإرهابية العالمية ضد إسرائيل والغرب.. ويقف قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في قلب هذا التحول".

وتابعت: "البرهان ليس قوة استقرار، بل يعمل على تمكين التطرف، وهو حليف للإخوان، والأخطر من ذلك، أداة طوعية لتوسيع نفوذ إيران في إفريقيا والشرق الأوسط".

دعم من كبار الضباط

يقول خبراء إنه منذ تسعينيات القرن الماضي، ظلت إيران تتمتع بعلاقة وثيقة مع نظام الإخوان بزعامة عمر البشير والذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019، قبل أن يعود التنظيم للسيطرة على السلطة مجددا بعد الانقلاب الذي نفذه البرهان.

وبعد قطع العلاقات بينهما في العام 2016، أعاد البلدان علاقاتهما في أواخر عام 2023.

ويحظى دعم إيران للبرهان والجيش السوداني بدعم من كبار الضباط المنتمين لتنظيم الإخوان والذين يشكلون الغالبية العظمى في الجيش السوداني.

ومنذ تسلم الإخوان السلطة في السودان في العام 1989، ظل للجيش السوداني سجلا طويلا من التعاون مع طهران، شمل تدريبا عسكريا إيرانيا لقوات الدفاع الشعبي السودانية.

وفي العام 2008 بدأت إيران بتزويد السودان بطائرات بدون طيار، مما سمح للجيش السوداني ببناء ترسانة صغيرة من طائرات أبابيل-3 المسيرة، التي تتمتع بقدرات عالية في حرب المدن الشائع في الصراع السوداني الدائر.

ما المقابل؟

يثير تصاعد الدعم العسكري الإيراني للجيش السوداني، مخاوف من رغبة طهران في إنشاء قاعدة بحرية في السودان تشكل نقطة انطلاق تمكن إيران من تهديد حركة الشحن في البحر الأحمر بشكل أكبر.

ومع تمركز حركة الحوثيين الموالية لإيران في اليمن بالقرب من مضيق باب المندب الضيق في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، بدأت إيران، وفق خبراء، تولي اهتماما جديدا للسودان وساحله المطل على البحر الأحمر، والذي يبلغ طوله 465 ميلا.

وفي مارس، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن أحمد حسن محمد، وهو مسؤول استخباراتي رفيع ومستشار للبرهان، أن إيران ضغطت على السودان دون جدوى للحصول على إذن لإنشاء ميناء بحري على البحر الأحمر مقابل أسلحة متطورة وطائرات مسيرة وحاملة مروحيات بحرية.

ورغم نفي سلطات بورتسودان لتلك التصريحات، إلا أن تقرير مرصد الإرهاب رجح أن تكون إيران قد طرحت إمكانية استخدام ميناء على ساحل البحر الأحمر خلف أبواب مغلقة، إذ أن من شأن وجود قاعدة عسكرية إيرانية أو منفذ مائي على الساحل الغربي للبحر الأحمر - إلى جانب الحوثيين الموالين لإيران على الجانب الشرقي من البحر الأحمر، أن يسهل على طهران وجودا مسلحا على طول أحد أهم الطرق البحرية في العالم. وفي المقابل قد تجذب قاعدة إيرانية اهتماما عسكريا غير مرغوب فيه من قوى أخرى، ويضع السودان امام خطر تضرر أو تدمير مينائه البحري المهم ومدخله التجاري الرئيسي.

"أسلحة تثير القلق"

ووفقا للمحلل السياسي الصحفي محمد المختار، فإن المعلومات التي تتحدث عن علاقات التسليح بين الجيش السوداني وإيران تعيد تعريف الحرب وتكشف ما وراء الأقنعة.

ويوضح لموقع "سكاي نيوز عربية": "يعزز وجود الأسلحة الإيرانية نظرة أطراف خارجية للسودان كمهدد استراتيجي بالنظر للشعارات والظهور الطاغي لكتائب الإخوان وخاصة كتيبة البراء التي صرح قائدها المصباح طلحة بأن لديهم مشروعا يتجاوز السودان لنصرة المستضعفين في أي مكان في العالم".

ويضيف: "تشير تقارير موثوقة إلى أن معظم السلاح الإيراني الذي حصل عليه الجيش يقع تحت سيطرة الكتائب الإخوانية التي باتت تمتلك أسلحة نوعية واستراتيجية تثير القلق في الداخل قبل الخارج".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا