دعت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في قتل إسرائيل لـ 15 من مسعفي الطوارئ جنوب غزة.
ونشرت الجمعية الفيديو الكامل الذي عُثر عليه في هاتف أحد مسعفيها الثمانية، الذين لقوا حتفهم عندما أطلق الجيش الإسرائيلي النار على قافلة من سيارات الإسعاف في 23 مارس/ آذار الماضي، ووصفة الجمعية الهجوم بأنه "جريمة حرب مكتملة الأركان". ودعت إلى محاسبة المسؤولين.
وصرح الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين بأن تحقيقاً أولياً أشار إلى أن القوات "أطلقت النار بسبب تهديد محتمل عقب مواجهة سابقة في المنطقة، وأن ستة من القتلى في الحادث حُددوا على أنهم إرهابيون من حماس"، دون تقديم أي أدلة.
وصرح الجيش الإسرائيلي في البداية بأن قواته أطلقت النار على "مركبات مشبوهة" كانت تسير وأضواؤها مطفأة.
ويوم السبت، أقرّ بأن الرواية الأولية للأحداث كانت "مخطئة" بعد نشر الجزء الأخير من فيديو المسعف الذي يُظهر استخدام القافلة لأضواء الطوارئ.
وتم انتشال جثث مسعفي الهلال الأحمر الثمانية، وستة من المسعفين الأوائل من الدفاع المدني، وموظف واحد من الأمم المتحدة من قبر ضحل بعد أسبوع من وفاتهم، بمجرد أن تمكنت الأمم المتحدة من تأمين ممر آمن إلى المنطقة.
صور الفيديو الذي تبلغ مدته 18 دقيقة، المسعف رفعت رضوان ونشره يوم الاثنين .
وفي بداية المقطع، يُسمع صوته وهو يتحدث مع زميله أسعد النصاصرة، الذي لا يزال مصيره مجهولاً، بينما تسير سيارة الإسعاف على طريق مظلم ليلاً.
ثم تقترب سيارة إسعاف ثانية من الاتجاه الآخر، ويقرر رضوان والنصاصرة مرافقتها على شكل قافلة بعد التحدث مع سائقها.
ولاحقاً، تُرى سيارة إطفاء وسيارة إسعاف ثالثة، جميعها بأضواء طوارئ وامضة واضحة للعيان، تتجاوزان سيارة رضوان قبل وصولهما إلى شاحنة صغيرة على جانب الطريق.
وتتوقف سيارات الطوارئ ويبدأ صوت إطلاق نار فور خروج رضوان من مركبته، ويستمر لأكثر من خمس دقائق، ويُسمع رضوان وهو يردد دعاءه الأخيرة، قبل أن تُسمع أصوات جنود إسرائيليين يقتربون.
وصرح الهلال الأحمر الأربعاء، بأن الفيديو يظهر "أن هذا لم يكن حادثاً عشوائياً ولا خطأً فردياً، بل سلسلة من الهجمات المتعمدة".
وقال "أولها إطلاق النار على سيارة إسعاف كانت في طريقها لإجلاء المصابين بعد قصف منزل في منطقة الحشاشين".
وأضاف "تبع ذلك هجوم مباشر على قافلة إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني، رغم التزام الفريق بجميع إجراءات السلامة، ثم تم استهداف سيارة إسعاف رابعة كانت متجهة لدعم القافلة".
وأصرّت جمعية الهلال الأحمر على أن الجيش الإسرائيلي لم يصنف المنطقة "منطقة حمراء"، مما يعني عدم الحاجة إلى تنسيق مسبق للوصول إلى الموقع، وأن الفيديو أظهر عدم وجود مركبات عسكرية إسرائيلية في المنطقة.
وأوضحت أن التقارير الأولية للطب الشرعي أظهرت أن المسعفين قُتلوا "بجروح ناجمة عن طلقات نارية متعددة في الأجزاء العلوية من الجسم"، ووصفت ذلك بأنه "دليل إضافي على القتل المتعمد".
وفي مؤتمر صحفي عُقد في الضفة الغربية المحتلة يوم الاثنين، دعا رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، الدكتور يونس الخطيب، إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في الحادثة ومحاسبة المسؤولين عنها.
وقال "سنتابع هذه القضية حتى النهاية. بالنسبة لنا، يمثل هؤلاء الرجال الخمسة عشر جميع من قُتلوا من أجل إنقاذ الأرواح، من أجل الإنسانية".
وأضاف "لم تُنصفهم العدالة، لكن نأمل هذه المرة، ومن خلال هؤلاء الرجال الخمسة عشر، أن نتمكن من تحقيق العدالة".
ورفض الخطيب تحقيق الجيش الإسرائيلي، قائلاً إن الجمعية لا "تثق" به لتقديم جميع الإجابات حول ما حدث، بسبب "تجربة سابقة".
كما رفض اتهام الجيش الإسرائيلي بوجود عناصر من حماس بين القتلى، قائلاً إنه فشل "في إثبات ولو مرة واحدة خلال 50 عاماً أن الهلال الأحمر أو طاقمه يحمل أو يستخدم أسلحة".
لاحقاً، أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي في بيان له أن رئيس أركانه إيال زامير، قد اطلع على نتائج التحقيق الأولي في الحادث، وأمر بمتابعته "بشكل أعمق واستكماله في الأيام المقبلة من قبل آلية التحقيق التابعة لهيئة الأركان العامة".
وأضاف البيان، "سيتم فحص جميع الادعاءات المتعلقة بالحادث من خلال الآلية، وعرضها بشكل مفصل وشامل لاتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع الحدث".
وكان الجيش الإسرائيلي شنّ حملةً لتدمير حركة حماس، رداً على هجومٍ غير مسبوق عبر الحدود في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي قُتل فيه نحو 1200 شخص وأُخذ 251 آخرون كرهائن.
ووفقاً لوزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس، قُتل أكثر من 50.750 شخصاً في القطاع منذ ذلك الحين.