في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
نشأ لواء فاطميون تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني ليكون قوة مقاتلة عقائدية تحمي نظام الأسد وتعزز النفوذ الإيراني في سوريا.
وتم تجنيد عناصر اللواء فاطميون من المجتمعات الأفغانية الشيعية، لا سيما اللاجئون في إيران الذين جندتهم طهران للحرب في سوريا تحت شعارات عقائدية مثل الدفاع عن "المقدسات".
وساهمت مليشيات "فاطميون" في معارك كبرى مثل حلب والغوطة الشرقية، وأصبحت جزءا من شبكة المليشيات التي تدعمها إيران في المنطقة.
وبهذا الصدد اعتبر محمد جواد ظريف مستشار الرئيس الإيراني أن إيران دعمت فاطميون لمواجهة العدو المشترك للجميع، وهو تنظيم الدولة الإسلامية، وقال "لقد دعمنا من واجهوا داعش والتطرف في سوريا حتى لا يضطروا إلى مواجهته في كابول وقندهار".
ووفقا لتقرير صادر عن إذاعة صوت أميركا "في عام 2015، أفادت إحدى وسائل الإعلام التابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أن لواء فاطميون تمت ترقيته من لواء إلى فرقة، مما يشير إلى أنه كان لديه ما بين 10 آلاف و20 ألف جندي". وحسب التقرير في عام 2018، قال مسؤول في لواء فاطميون إن ألفين من مقاتليهم قُتلوا وجُرح 8 آلاف.
وبحسب تقرير لقناة إيران إنترناشيونال "كانت الانتقادات الموجهة لأساليب التجنيد الإيرانية واسعة النطاق، حيث أدان المراقبون ونشطاء حقوق الإنسان استغلال الظروف المزرية للاجئين الأفغان للانخراط في صراعات إقليمية، بما في ذلك الصراع الدائر في سوريا".
يقول فيليب سميث الباحث في شؤون المجموعات المسلحة التابعة لإيران استخدم الحرس الثوري مزيجا من الحوافز لتجنيد اللاجئين والمهاجرين الأفغان، وقد عُرضت على الأفغان غير المسجلين أموال ووعود بترتيب الوضع القانوني، وتم إخراج بعضهم من السجون ووعدوا بمحو سجلاتهم الجنائية إذا انضموا إلى اللواء.
وعن مصير مليشيات فاطميون بعد سقوط نظام بشار الأسد، يؤكد سميث في إشارة إلى إيران "إنهم بحاجة إلى قوات مثل هذه لأنه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على حزب الله اللبناني كما لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الكثير من الشركاء الإقليميين الآخرين، لذلك أعتقد أنه إذا نظرنا إلى هذا الأمر، فإنهم يجب ألا يستمروا في ذلك فحسب، بل سيتعين عليهم أيضا تطويره بطريقة مختلفة".
ورغم نجاحاته العسكرية، فإن التطورات الأخيرة التي تمثلت في سقوط نظام الأسد وانسحاب القوات الإيرانية ومليشياتها، بما في ذلك لواء فاطميون من سوريا، وضعت مليشيات فاطميون أمام مفترق طرق.
ويرى المراقبون أن بعد سقوط نظام بشار الأسد ومغادرة مليشيات فاطميون الأراضي السورية هناك سيناريوهات عدة حول مستقبل هذه المليشيات التي ما زالت تحت سيطرة إيران.
مع انسحاب القوات الإيرانية من سوريا، يمكن لإيران أن توجه مقاتلي لواء فاطميون إلى نزاعات إقليمية أخرى مثل اليمن لدعم الحوثيين، أو العراق لتعزيز الفصائل الشيعية، أو حتى لبنان ضمن ما يُعرف بمحور المقاومة ضد إسرائيل.
وهذا السيناريو يبدو منطقيا بالنظر إلى إستراتيجية إيران في استخدام المليشيات كأداة لتعزيز نفوذها الإقليمي وإمكانية تحقيقه مرتفع نسبيا، خصوصا مع استمرار التوترات الإقليمية.
ومع ذلك، قد تواجه إيران عقبات مثل تراجع التمويل وصعوبة إقناع المقاتلين بخوض صراعات جديدة بعيدة عن قضاياهم الأصلية.
قد تلجأ إيران إلى تفكيك اللواء تدريجيا وإعادة دمج المقاتلين في المجتمع الإيراني أو الأفغاني.
ويمكن أن يشمل ذلك منحهم الجنسية أو الإقامة في إيران أو دمجهم في وحدات الحرس الثوري الإيراني ويرى بعض لمراقبين أن تفكيك اللواء يتطلب موارد وجهودا لإعادة تأهيل المقاتلين اجتماعيا، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل التحديات الاقتصادية الإيرانية.
يمكن أن يبقى لواء فاطميون قوة عسكرية صغيرة تعمل كوحدات احتياطية في مناطق أخرى، يتم تفعيلها عند الحاجة. هذا الخيار يتماشى مع سياسة إيران في الاحتفاظ بمليشياتها نشطة بأقل تكلفة ممكنة.
ولا يستبعد لجوء طهران إلى هذا الخيار نظرا لكون إيران تعتمد هذا الأسلوب في إدارة أذرعها العسكرية في المنطقة.
ويستبعد الكاتب الأفغاني برتو نادري قيام إيران بحل لواء فاطميون ويقول "رغم أنه من الصعب للغاية التنبؤ بالوضع السياسي في المنطقة مع هذه التطورات، فإنه يمكننا إثارة القلق من أن الحكومة الإيرانية ستستخدم هذا الجيش في أفغانستان وتركيا والعراق في الخطوة الثانية لتحقيق أهدافها السياسية".
قد يعود بعض مقاتلي لواء فاطميون إلى أفغانستان، إما كأفراد يحاولون الاندماج في مجتمعاتهم، أو كقوة مسلحة يمكن أن تشكل تهديدا لحكومة طالبان لكن هذا السيناريو محفوف بالمخاطر بسبب انعدام الثقة بين طالبان وقومية الهزارة الشيعة التي تشكل البنية الأصلية لمليشيات فاطميون.
هذا الخيار ممكن ومتصور مع صعوبات، خاصة مع محدودية الخيارات المتاحة أمام المقاتلين، لكن الخوف من انتقام طالبان يشكل عائقا كبيرا.
وقد تحاول إيران تحويل عناصر فاطميون إلى قوة سياسية أو اجتماعية تخدم أهدافها في أفغانستان ويحتاج تنفيذ هذا الخيار وقتا كما يتطلب استقرارا نسبيا وموارد مالية.
ويقول بعض الخبراء الأفغان إنه الآن، بعد انتهاء الحرب في سوريا، سيتم الاحتفاظ بهؤلاء المقاتلين في مراكز التجنيد والتدريب العسكرية الرئيسية في مدينتي قم ومشهد في إيران، وسيتم استخدامهم ضد المصالح الوطنية لأفغانستان بشكل خاص.
ويشكل وجود لواء فاطميون إحدى نقاط الخلاف في العلاقات بين أفغانستان وإيران لأن النفوذ الإيراني التقليدي وسط الأقلية الشيعية في أفغانستان، ويعتبر مصدر قلق للحكومة الأفغانية ومصدر خطر للأمن القومي الأفغاني.
وفي دراسة لمركز الدراسات الإيرانية إيرام، أشار عدد من الخبراء والأكاديميين إلى أن "مليشيات فاطميون تمثل الآن تهديدا كبيرا للأمن في أفغانستان، خاصة بعد اكتسابها خبرات ميدانية في المدن السورية على مدار السنوات الماضية، وارتباطها الوثيق بنظام طهران، وبشكل خاص بقوات الحرس الثوري الإيراني.
وتؤكد الدراسة أن "إيران عازمة على استغلال هؤلاء المقاتلين في فرض نفوذها في دولهم بعد انتهاء الحرب في سوريا، مما يعني أن آلاف الأفغان المقاتلين في سوريا قد يشكلون تهديدا كبيرا على أفغانستان حال عودتهم إليها، كما توجد احتمالات بنقل هذه المليشيات إلى مناطق نزاعات أخرى، أو منحهم الجنسية الإيرانية وتوطينهم في إيران".
وفي هذا السياق، يقول محمد إكرام الكاتب السياسي الأفغاني "إن تشكيل قوة فاطميون القتالية من المهاجرين الشيعة الأفغان في إيران من قبل طهران هو أمر خطأ، لأن تجنيد مواطني دولة ما، دون اتفاق رسمي وقانون للحرب في دولة ثالثة هو أمر غير قانوني، ومخالف للمعايير والقواعد الدولية، وعمل غير أخلاقي، وبعد انتهاء الحرب السورية، فإن عودة جيش فاطميون هو أكبر تهديد لاستقرار وأمن أفغانستان".
وبحسب إكرام فإن "تجربة الحرب مع الاتحاد السوفياتي في الثمانينيات في أفغانستان فيما يتعلق بالمقاتلين العرب في هذه الحرب تظهر مدى جدية وحقيقة هذا الخطر، فقد تشكلت القاعدة وتنظيم الدولة من بين هؤلاء".
بناء على المعطيات الحالية، يبدو أن السيناريو الأول -أي إعادة التوظيف في نزاعات أخرى- هو الأكثر ترجيحا على المدى القريب، إذ ستسعى إيران إلى توظيف فاطميون في نزاعات تضمن استمرار نفوذها الإقليمي، خصوصا في اليمن والعراق. وقد يتم تنفيذ السيناريو الثالث -أي استمرار فاطميون كمليشيا غير رسمية- بالتوازي، حيث يبقى لواء فاطميون كقوة احتياطية تُفعل عند الحاجة.
أما السيناريو الخامس -أي التحول إلى قوة سياسية أو اجتماعية- فهو خيار إستراتيجي محتمل على الأمد البعيد، لكنه يتطلب ظروفا مواتية واستقرارا.
ومهما كانت السيناريوهات المحتملة، فالذي لا شك فيه أن التطورات الأخيرة في سوريا والمنطقة تفرض تحديات وفرصا جديدة أمام لواء فاطميون، ورغم أن سقوط نظام الأسد وانسحاب إيران من سوريا يقلص من دور اللواء العسكري، فإن إيران لن تتخلى بسهولة عن أداة إستراتيجية كهذه.