تابعت صحيفة لوبس الفرنسية حركة هروب الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وأنصاره من سوريا منذ بداية دخول قوات المعارضة المسلحة للعاصمة دمشق.
وتقول لوبس إن "جزار دمشق" -كما سمته- أخفى حتى اللحظة الأخيرة، نيته الفرار من البلاد عن أقرب المتعاونين معه، بل طمأنهم على أن المدد الروسي قادم، مشيرة إلى أنه كان في موسكو الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما شنت قوات المعارضة هجومها على حلب في شمال سوريا، وكانت الأخبار الواردة من الكرملين غير جيدة، إذ لن تكون هناك مساعدات عسكرية.
والاثنين (الثاني من ديسمبر/كانون الأول) استقبل الأسد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في دمشق، وبدا مستاءً بشكل واضح، واعترف بأن جيشه أضعف من أن يخوض مقاومة فعالة، وكانت طهران تخشى أن تستخدم إسرائيل تدخلها كذريعة لاستهداف قواتها، وبالتالي أدرك الأسد أن مصيره محتوم، وقرر مغادرة البلاد التي تحكمها عائلته منذ عام 1971.
أراد الأسد في البداية اللجوء إلى الإمارات -حسب 3 من أفراد حاشيته- لكن الإماراتيين رفضوا استقباله، وطلب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من تركيا وقطر ضمان رحيل الأسد الآمن إلى روسيا.
عقد الأسد اجتماعا لنحو 30 قائدا عسكريا في وزارة الدفاع يوم السبت (السابع من ديسمبر/كانون الأول)، وقال لقادته ورفاقه -وهو يكذب عليهم حسب الصحيفة- إن الدعم العسكري الروسي قادم، ولم يبلغ شقيقه الأصغر ماهر، بخطة خروجه، ليضطر ماهر إلى الفرار على متن طائرة هليكوبتر إلى العراق، ومن هناك تمكن من الوصول إلى روسيا.
بقي أبناء خال الأسد، إيهاب وإياد مخلوف في الخلف عندما سقطت دمشق في أيدي المعارضة -حسب ما ذكره مساعد سوري ومسؤول أمني لبناني- موضحا أن الرجلين حاولا الفرار بالسيارة إلى لبنان، لكنهما تعرضا لكمين في الطريق نصبه مقاتلو المعارضة الذين أطلقوا النار على إيهاب وأصابوا إياد.
وفي نفس اليوم، اتصل الأسد عصرا بمستشارته السياسية بثينة شعبان وطلب منها إعداد خطاب له وتقديمه إلى اللجنة السياسية التي كان من المقرر أن تجتمع صباح الأحد، وفي العاشرة مساءً عاودت الاتصال به لكنه لم يرد على الهاتف.
وقال مدير الإعلام في رئاسة الجمهورية كامل صقر للصحافيين إن "الرئيس سيدلي ببيان قريبا جدا" وبعد منتصف الليل اتصل به ضابط مخابرات ليخبره أن الجميع قد غادروا المبنى، ويقول: "لقد صدمت. كان القصر شبه فارغ وكنا في حالة ارتباك كبير"، مضيفا "عندما وصلنا إلى ساحة الأمويين، كان هناك الكثير من الجنود الهاربين. كانوا يأتون من المجمع الأمني ووزارة الدفاع والأفرع الأمنية الأخرى. علمنا أن رؤساءهم أمروهم بالفرار. كان المشهد مخيفا".
وقال محمد الجلالي، آخر رئيس وزراء للأسد، إنه تحدث هاتفيا مع الأسد مساء السبت عند الساعة العاشرة والنصف مساء، و"خلال مكالمتنا الأخيرة أخبرته بمدى صعوبة الوضع وأن هناك حركة كبيرة من حمص إلى اللاذقية… وأن هناك ذعرا ورعبا في الشوارع، فقال سنرى غدا. غدا كانت آخر ما قاله لي".
وفي اليوم الموالي، لم يعد الأسد موجودا لاستئناف المحادثة، فقد هرب من دمشق، ولم يلاحظه أحد مع إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال بالطائرة التي أقلته، لقد سافر إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في مدينة اللاذقية الساحلية ثم إلى موسكو، منهيا بهذا الخروج الدراماتيكي حكمه الذي دام 24 عاما، ونصف قرن من السلطة المتواصلة لعائلته.