في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
هل تساءلت يوما كيف يتم تسعير الدواء الذي تتناوله عند المرض؟ ولماذا يباع العقار نفسه بأسعار مختلفة؟ ولماذا تختلف أسعار الأدوية بين الدول؟
هذه الأسئلة وغيرها طرحتها "عيادة الجزيرة" على الدكتورة سمر ذياب، الأستاذة المشاركة وعميدة كلية الصيدلة في جامعة العلوم التطبيقية في الأردن. وتحمل الدكتور سمر درجة الدكتوراه في التحليل الصيدلاني من جامعة ليفربول جون مورس في بريطانيا.
يوجد أسباب لارتفاع أسعار الدواء، أولها وأهمها وجود تكاليف تتحملها شركات الأدوية أثناء تطوير واكتشاف دواء للمرة الأولى لمرض معين. اكتشاف الدواء يحتاج من 10 إلى 15 عاما، خلال هذه الفترة لا يدر الدواء على الشركة أي أموال، بل بالعكس تدفع الشركة أموالا على الدراسات المخبرية والدراسات على البشر، مع احتمال أن ينتهي هذا كله بالفشل، فقد لا تصل الشركة لدواء ذي فعالية أو ربما يكون للمركب سمية عالية، وبالتالي ينتهي هذا الاستثمار بالفشل.
ولذلك عند الوصول للدواء تأخذ الشركة براءة اختراع ويكون لها وحدها الحق في تصنيع الدواء، وهذا ما يجعل سعره مرتفعا، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل عدد الأشخاص المستفيدين من الدواء، وطبيعة المرض الذي يعالجه، وكلفة التصنيع بعد عملية التطوير والاكتشاف بالشكل الصيدلاني النهائي.
في البداية تدرس الشركة طبيعة المرض الذي تريد تصنيع دواء له لتعرف ما الذي يتغير داخل الجسم حتى يحدث هذا المرض، وكيف يمكن استهدافه وتحقيق الفائدة العلاجية، بعد ذلك يتم البحث عن الصيغة الكيميائية المناسبة للهدف، ويمكن أن تقوم بتصميم هذه المادة، أو البحث في الأدوية الموجودة أصلا وإحداث تغيرات كيميائية عليها لتحقق فعالية أكبر أو آثار جانبية أقل، أو استخلاص هذه المواد من مصادر طبيعية مثل النباتات، وبعد ذلك يتم تعديلها كيميائيا لتصل لشكل نهائي مقبول، ويبدأ الباحثون بعدد كبير من المركبات التي قد تظهر فعالية، بعد ذلك يتم اختبار هذه المركبات في المختبر على الخلايا أو الأنسجة، ثم ننتقل للمرحلة ما قبل السريرية التي يتم فيها تجريب المركب على حيوانات المختبر.
وبعد التأكد من فعالية الدواء وأن سميته محدودة، تتم دراسة الدواء على البشر في دراسات سريرية، ويتم بداية تجريبه على أعداد قليلة من متطوعين أصحاء. وبعد التأكد من أن الدواء ليس له آثار جانبية، يتم تجريب الدواء على عدد أكبر من المشاركين المصابين بالمرض.
إذا نجحت المرحلة الثانية يتم الانتقال للمرحلة الثالثة، التي تتم على أعداد أكبر من المرضى من أعراق وأعمار مختلفة، ويتم ذلك بإشراف طبي حثيث. وهذا كله مكلف جدا، ويتم تطوير الشكل الصيدلاني للوصول للشكل النهائي، وبعد ذلك يتم تسجيل الدواء في الجهات الرقابية في الدولة، وبعد الموافقة عليه يتم الترويج له.
يكلف تطوير دواء من الصفر تقريبا ملياريْ دولار.
حسب الإحصاءات الأخيرة الدواء هو "هيوميرا" (Humira)، وهو دواء يعالج أمراض المناعة الذاتية مثل الروماتزم والصدفية ومرض كرونز، وقد كلف تطويره ملياري دولار، وحقق أرباحا تقدر بـ200 مليار دولار.
الدواء الأصيل هو الدواء الذي اكتشفته شركة للمرة الأولى وتمتلك براءة اختراعه لمدة 20 عاما وتعطيه الاسم التجاري المناسب وتحتكر بيعه. بعد انتهاء فترة براءة الاختراع، يحق لأي شركة صناعة المادة الفعالة للدواء، ويسمى هذه الدواء دواء جنيسا.
وتقوم الشركات بالتحقق من التكافؤ الحيوي لدواء الجنيس مع الدواء الذي صنعته الشركة الأم. ويباع الدواء الجنيس بأسعار أقل.
أغلب الدول تنظم أسعار الأدوية بما فيها البلدان العربية. في الولايات المتحدة السوق حر، ولا تتدخل الدولة في تسعير الأدوية، بل تضع شركات الأدوية الأسعار التي تراها مناسبة، في بعض الدول يكون لنقابة الصيادلة دور في تسعير الأدوية.
يتم تسعير الأدوية انطلاقا من عدة نقاط، منها كم كانت تكلفة الدواء؟ وإذا كان الدواء مستوردا، كم تكلفة استيراده والجمارك؟ وكم عدد الأشخاص المستفيدين منه؟ وطبيعة الحالة المرضية التي يعالجها هذا الدواء، بالإضافة إلى الدعم الحكومي للأدوية إن وجد، والاتفاقيات بين الدواء والشركات الصانعة، وهامش الربح للصيدليات والمستودعات.
المواد الخام تلعب دورا، الشكل الصيدلاني النهائي والمواد المطلوبة لتحضير هذا الشكل الصيدلاني تلعب دورا أيضا، وطبيعة المرض الذي يتم علاجه. كما أن الأدوية التي تعالج أمراضا نادرة تكون أغلى من الأدوية التي تعالج أمراضا شائعة، لأن الشركات تسعى للريح وتعويض ما دفعته خلال مرحلة التطوير.
كما يلعب ثبات الدواء (الوقت الذي يحتاجه قبل أن يفسد) وتكلفة التصنيع دورا في سعر الدواء.
يوجد عدد من العوامل تشمل القوانين والتشريعات في الدولة، ووجود دعم حكومي للأدوية، وأسعار الجمارك، وتكلفة الاستيراد، ووجود صناعة محلية، وجود نظام تأمين صحي.
قد يكون دورها من خلال السعر الذي تشتري به الأدوية، هذا الأمر يشكل عامل ضغط. ويختلف دورها من دول إلى أخرى، في البلدان التي يوجد فيها قوانين صارمة لا يمكن أن تقوم بدور، لكن في الدول التي لا يوجد فيها تنظيم يمكن لشركات التأمين أن تؤثر على سعر الدواء.
نعم يوجد حملات حول العالم من جهات مختلفة، مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدود، لضمان وصول هذه الأدوية لمن يحتاجها. ويوجد سياسة في أغلب الدول تضمن وصول الأدوية المهمة لكل من يحتاجها، ولكن هذا لا يحدث في كل البلدان.
المصدر:
الجزيرة