يشهد محرّك غوغل مؤخرا بحثاً متزايداً عن متحور جديد من فيروس كورونا يحمل اسم "إكس إي سي" XEC، وسط مخاوف من ارتفاع حالات الإصابة خلال فصل الشتاء.
وظهر المتحور الجديد لأول مرة في يونيو/حزيران الماضي بألمانيا، قبل أن يتم رصده في الولايات المتحدة وكندا وفي دول أوروبية، مثل بريطانيا والدنمارك وغيرها.
وفي مصر، وصفت الممثلة تيسير فهمي هذا المتحوّر بالـ "شرس"، قائلة على صفحتها عبر فيسبوك إن أعراضه لا تشبه أبداً أعراض الإصابة بالبرد العادي.
وعادة ما تصل أعداد الإصابات بكوفيد، منذ ظهوره، إلى ذروتها في شهرَي ديسمبر/كانون الأول ويناير كانون الثاني، وفقاً للمركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وتتسبب برودة الطقس في لجوء الناس إلى قضاء أوقات أطول داخل أماكن مغلقة مع أشخاص آخرين، ما يوفّر بيئة مواتية للإصابة بالفيروسات المُعدية.
وفي حديث لبي بي سي، قال أسامة عبد اللطيف، أستاذ الحساسية والمناعة بجامعة عين شمس، إن "إكس إي سي، هو أحدث متحورات فيروس كوفيد-19، وهو متحور عن أوميكرون الشهير".
وحتى هذه اللحظة، لا يُعدّ إكس إي سي، أكثر المتحورات انتشارا؛ "فهناك طفرات أكثر انتشارا منه اليوم. لكنْ من المتوقَع خلال هذا الشتاء أن يصبح إكس إي سي الأكثر انتشارا، وذلك لما يتميز به من سرعة انتشار أعلى بكثير من كل المتحورات الموجودة حتى الآن"، بحسب عبد اللطيف.
وتزيد سرعة انتشار إكس إي سي بنسبة 13% على أكثر المتحورّات شُهرةً وهو (KP.3.1.1).
هذه المقدرة على الانتشار تترك إكس إي سي، مرشحاً لأن يكون المتحور السائد عالميا في الفترة المقبلة.
يقول مدير معهد سكريبس للبحوث في كاليفورنيا، إيريك توبول، إن "متحور إكس إي سي لا يزال في بدايته، وقد بدأ يسيطر على المشهد، ويبدو أنه سيكون المتحور السائد. ولكن ذلك قد يستغرق شهورا".
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من التعامل مع وباء كورونا باعتباره "تاريخاً" مضى، وقال المدير العام للمنظمة تيدروس غبريسوس: "لا يمكننا الحديث عن كوفيد في الزمن الماضي؛ إنه لا يزال حاضراً معنا، ولا يزال يسبب مرضاً شديداً ... ولا يزال يقتل".
وفي بريطانيا، سُجّلت 122 وفاة مرتبطة بالإصابة بكوفيد، خلال الأسبوع المنتهي في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وسط ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد في البلاد، وفقا لبيانات وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة.
وربط خبراء بريطانيون بين ارتفاع أعداد الإصابة بكوفيد وظهور متحور إكس إي سي.
على أن هذا المتحور الجديد ليس مختلفاً بشكل جذري عن المتحوّرات الأخرى.
إكس إي سي، هو ناتج امتزاج جينيّ بين متحورّين متمايزين من متحورات كوفيد-19، وفقاً للمركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.
ويعتبر تحوّر الفيروسات وتطوّرها جينياً طوال الوقت من الأمور الطبيعية والمتوقعة، ونتيجة لهذه العملية المستمرة تنشأ "متحوّرات" تبدو بمظهر جديد كما لو كانت فيروسات جديدة للجهاز المناعي للأشخاص المعرّضين للإصابة.
ويتخفّى المتحوّر في هذا المظهر الجديد، ويتمكّن من خداع الجهاز المناعي ويهرب منه، ليهاجم بعد ذلك خلايا الجسم ويخترقها مسببا المرض.
ولا يزال "سارس-كوف-2"، الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19، مستمراً في التحوّر، حتى يستطيع التهرّب دائماً في صورة متحوّر جديد من الجهاز المناعي للجسم.
الثابت حتى الآن، أن متحور إكس إي سي أكثر انتشاراً من المتحورات الأخرى، لكنْ لم يثبت بعدُ أنه أكثر خطورة منها، وفقاً لأسامة عبد اللطيف، أستاذ الحساسية والمناعة بجامعة عين شمس.
ويستدرك عبد اللطيف قائلا: "لكنْ بطبيعة الحال، هذا الفيروس بكل متحوراته هو أكثر خطورة على كبار السن وذوي الأمراض المزمنة وخصوصا تلك الأمراض التي تؤدي إلى ضعف المناعة، وكذلك الأمراض السرطانية والفشل الكلوي وفشل الكبد والفشل التنفّسي وفشل القلب".
نزلة البرد العادية تكون أعراضها في الجهاز التنفسي العلوي- من رشَح، وآلام في الحلق، واحتقان في الحلق، وسُعال.
لكن الإصابة بهذا المتحور الجديد إكس إي سي، تكون أعراضها أكثر ارتفاعاً في درجة حرارة الجسم، مصحوبة برعشة وصداع، مع فقدان حاسة الشم والتذوق في كثير من الأحيان، وفقاً لأسامة عبد اللطيف.
ويضيف أستاذ الحساسية والمناعة: "في الفترة الأخيرة، شاهدنا مرضى المناعة الذاتية كالروماتويد والذئبة الحمراء والأرتيكاريا المزمنة تنتابهم أعراض عبارة عن زيادة واشتداد أعراض المرض الأساسي الذي يعانون منه، كزيادة التهاب المفاصل في الذئبة الحمراء، وزيادة أعراض الجلد في حالات الأرتيكاريا المناعية المزمنة".
ويرى عبد اللطيف أن "هذا يكون غريبا بعض الشيء؛ ففي بعض الحالات لا تظهر أعراض البرد العادي ولكنّ أعراض الإصابة تتمثل فقط في اشتداد المرض الأساسي من أمراض المناعة الذاتية".
ويميّز خبراء بريطانيون بين نزلة البرد العادية والإصابة بمتحور إكس إي سي، بأن الأخير يكون فيه التهاب الحلق مصحوباً بأربعة أعراض أخرى هي السُعال الجاف، والإجهاد، والحمّى، وفي بعض الأحيان فقدان حاسة التذوق والشم.
وفقاً للمركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، لا يزال التطعيم بالأمصال يعدّ أفضل حماية، لا سيما بالنسبة للأشخاص الأكثر عُرضة للتأثر الشديد حال الإصابة بالفيروس.
ويوصي المركز بالحصول على اللقاح المحدّث لعام 2024-2025 للحماية من خطر الإصابة المتجدد بالفيروس.
ويرى أسامة عبد اللطيف أن اللقاحات الأحدث، لا سيما تلك التي طُوّرت للوقاية من متحور أوميكرون، "حتى وإنْ لم تقدّم حماية كاملة ضد المتحوّر الجديد، لكنها تبقى مفيدة في الحدّ من شدّة أعراضه".
وبجانب اللقاحات، تظل طرق الوقاية المعروفة بالغة الأهمية، كالحفاظ على اتباع سلوكيات صحية، لا سيما تلك المتعلقة بالنظافة، كغسل اليدين المتكرر بالماء والصابون، وتنظيف الأسطح التي تُلمَس بشكل متكرر.
أيضاً، الحفاظ على التباعد عن الآخرين، حتى غير المصابين، وتجنُّب الأماكن المغلقة أو الوجود في أماكن مزدحمة، واستخدام الكمامات، لا سيما في حالات ضعف المناعة أو أمراض الحساسية والربو الشُعبي.
وكذلك اتخاذ خطوات من أجل هواء أنقى، للوقاية من فيروسات الجهاز التنفّسي.
وينصح الأطباء مَن تظهر عليه أعراض هذا المتحوّر الجديد أو غيره، بأن يُلازم بيته فترة ارتفاع الحرارة على الأقل أو لمدة أسبوع لكي لا يكون مصدر عدوى للآخرين.