آخر الأخبار

سوريا.. محاربة المخدرات لبناء الثقة الاقتصادية مع الخارج

شارك

تعمل الحكومة السورية على تكثيف جهودها للحد من تهريب المخدرات عبر المعابر البرية والمرافئ البحرية، في ظل بيئة إقليمية معقدة وتصاعد الضغوط الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة.

وتندرج هذه الجهود ضمن إستراتيجية تهدف إلى إعادة تنظيم حركة الدخول والخروج من البلاد، وضمان سلامة سلسلة الإمداد التجاري، وتعزيز الرقابة على الصادرات والواردات، في مسعى لاستعادة الثقة بالمنظومة الجمركية.

ويشهد مرفأ اللاذقية ، كمركز حيوي لحركة الشحن، تطبيق مجموعة من الإجراءات الرقابية المشددة، من بينها تفعيل وحدة الكلاب البوليسية المدربة (كيه 9)، التي أصبحت جزءا أساسيا من عمليات التفتيش اليومية.

وتشير مصادر ميدانية إلى أن هذه الوحدة تؤدي دورا محوريا في رفع كفاءة اكتشاف المواد الممنوعة، لا سيما في الشحنات التجارية والطرود غير المعلنة.

وإلى جانب الدور الأمني، ساهمت هذه الإجراءات في تحسين بيئة العمل داخل المنافذ، من خلال تنظيم حركة البضائع، وتقليص مدة المعاينات، وضبط عمليات التخليص الجمركي، مما يعزز الثقة بين الدولة والمستوردين والمستثمرين.

ويُسجل تراجع واضح في محاولات التهريب نتيجة تفعيل أنظمة التفتيش الحديثة وزيادة التنسيق بين الجهات الأمنية والجمركية.

إجراءات رقابية مشددة وتحديث للبنية التحتية

وفي تصريح خاص للجزيرة نت، قال مازن علوش، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، إن الهيئة تبذل جهودا متواصلة لتعزيز منظومة مكافحة تهريب المخدرات ضمن إستراتيجية شاملة تهدف إلى حماية الأمن القومي، وضمان سلامة حركة التجارة المشروعة، في ظل تحديات إقليمية متزايدة وضغوط دولية متصاعدة.

مصدر الصورة وحدة الكلاب البوليسية أصبحت جزءا أساسيا من إستراتيجية التفتيش الجمركي في ميناء اللاذقية (الجزيرة)

وأضاف علوش أن الإجراءات الرقابية شهدت تعزيزا واضحا من خلال نشر وحدات الكلاب البوليسية المدربة (كيه 9) وتفعيلها بشكل يومي في عمليات تفتيش الحاويات والشحنات، مشيرا إلى أن هذه الخطوة أسهمت بشكل فعال في رفع كفاءة الكشف عن المواد المخدرة وإحباط محاولات تهريبها، لا سيما عبر الشحنات التجارية والطرود غير المصرح بها.

إعلان

وأوضح أن الهيئة تعمل على رفع كفاءة المنافذ من خلال تحديث البنية التحتية، وتزويدها بأنظمة فحص رقمية متطورة، إلى جانب برامج تدريبية مكثفة للعاملين، بهدف تنفيذ عمليات التفتيش بطريقة مهنية وسريعة تحد من أي ثغرات محتملة.

وأشار علوش إلى أن تلك الإجراءات انعكست بشكل إيجابي على مؤشرات الأداء، حيث لوحظ "تراجع ملموس في محاولات التهريب، بالتوازي مع تحسين بيئة العمل الجمركي وتسريع حركة البضائع، مما عزز ثقة الفاعلين الاقتصاديين بالمنظومة الوطنية للمنافذ".

استعادة السيطرة وتحسين سمعة المرافئ

وقبل سقوط نظام الأسد، ارتبط اسم مرفأ اللاذقية بتهريب المخدرات، حتى بات يُعرف في أوساط عديدة بـ"معبر الحشيش والكبتاغون"، نتيجة لتمركز قوات الفرقة الرابعة فيه، والتي حولته إلى نقطة لتصدير المواد المخدرة نحو دول الخليج وأوروبا، وفق مراقبين.

وأدت هذه الممارسات إلى تدهور سمعة المرافئ السورية، ووضعتها على قوائم المراقبة الدولية.

ويقول علي عدرا، مدير العلاقات العامة في مرفأ اللاذقية، في حديث للجزيرة نت، إن الوضع تغير بشكل جذري بعد استعادة السيطرة الأمنية على المرفأ، حيث تمكنت قوات الأمن من ضبط مستودعات كبيرة لتصنيع المخدرات داخل معامل محيطة بالمرفأ، كانت خاضعة لسيطرة الفرقة الرابعة. وكانت هذه المستودعات تُستخدم في تصنيع الحبوب المخدرة التي تُصدر لاحقا إلى الخارج عبر السفن التجارية.

مصدر الصورة إدارة المرفأ تعمل على رفع مستوى عمليات التصدير والاستيراد (الجزيرة)

ويضيف أن الإدارة الجديدة للمرفأ تبنت سلسلة من الإجراءات لحماية الصادرات والواردات من خطر التلوث بشحنات ممنوعة، مشيرا إلى أن التفتيش عبر الكلاب البوليسية هو إحدى مراحل متعددة ضمن خطة رقابية متكاملة تهدف إلى إعادة الثقة الدولية بالمرفأ وتحسين سمعته.

بناء الثقة الاقتصادية

ويرى الخبير الاقتصادي أسامة العبد الله، المتخصص في قضايا التهريب والتجارة الإقليمية، أن التحولات الجارية في المنافذ الجمركية السورية، خصوصا البحرية منها، تعكس توجها إستراتيجيا لا يقتصر فقط على الجانب الأمني، بل يمتد نحو إعادة بناء الثقة الاقتصادية مع المحيطين الإقليمي والدولي.

ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن أي مرفق يُربط اسمه بتهريب المخدرات يفقد قيمته كمنفذ تجاري، وتتجنبه شركات الشحن والمستثمرون، مما يفاقم العزلة الاقتصادية.

ويؤكد العبد الله أن الإجراءات الرقابية التي تم تطبيقها، مثل استخدام الكلاب البوليسية، وتحديث أنظمة التفتيش، وتدريب الكوادر، تمثل بنية تحتية ضرورية لاستئناف علاقات تجارية مستقرة وآمنة.

كما يرى أن تحسين بيئة العمل الجمركي لا يسهم فقط في تقليص التهريب، بل يقلل أيضا من التكاليف التشغيلية ويوفر بيئة أكثر شفافية، وهو ما يعزز بدوره فرص استقطاب استثمارات جديدة في قطاعي التصدير والاستيراد.

ويؤكد أحمد سرور، وهو تاجر يعمل في مجال الاستيراد والتصدير عبر مرفأ اللاذقية، أن التغير في الإدارة انعكس مباشرة على أداء المرفأ، موضحا أن إجراءات التخليص الجمركي أصبحت أسرع وأكثر احترافية، بينما خفّت مستويات الفساد والابتزاز التي كانت تفرضها جهات عسكرية سابقة.

إعلان

ويضيف أن التاجر اليوم يشعر بثقة أكبر في التعامل مع المرفأ، رغم تشدد الرقابة، لأن الإجراءات باتت واضحة وشفافة، دون وسطاء أو تدخلات.

ويرى أن الضبط الأمني الجدي ساعد على تحسين صورة المرفأ إقليميا، وفتح مجددا أبوابا كانت مغلقة في بعض الأسواق بسبب المخاوف من شحنات مشبوهة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار