آخر الأخبار

بسبب الخبز.. شهدت ميلانو الإيطالية حمام دم

شارك
لوحة تجسد دخول الجيش لميلانو

على الرغم من توحيدها عام 1861، ظلت إيطاليا منقسمة بشكل لافت للانتباه. فبينما وصف الشمال الإيطالي بالمتحضر بسبب تركز أغلب الصناعات والبنى التحتية به، حافظ الجنوب الإيطالي على نمط حياة فلاحي وفقير ومجتمع هيمن عليه مالكو الأراضي.

من جهة ثانية، لم تجلب الوحدة الإيطالية الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي الذي لطالما تغنى به المنادون بالوحدة سابقاً حيث عانى المجتمع الإيطالي من فوارق شاسعة بين مختلف طبقاته. ووصف كثيرون النظام الإيطالي الجديد بالمركزي وغير العادل والاستبدادي.

إلى ذلك، خلقت الثورة الصناعية فئة أخرى من العمال الفقراء الذين تركزوا بكبرى المدن. وفي تلك الفترة، عانت هذه الطبقة من الفقر وساعات العمل الطويلة وظروف العمل القاسية. وفي السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، كان الوضع بإيطاليا على وشك الانفجار.

صور لأحد الأحياء الذين تم اغلاقهم من قبل المحتدين بميلانو

غلاء سعر الخبز

وما بين عامي 1897 و1898، عانت أوروبا، وإيطاليا خاصة، من نقص بالقمح بسبب الأجواء المناخية وقلة المحاصيل. وضمن إجراء احترازي، لجأت السلطات الإيطالية لزيادة الرسوم الجمركية على القمح المستورد أملاً في حماية المنتجين الإيطاليين.

إلى ذلك، ساهمت هذه الإجراءات في ارتفاع كبير بسعر القمح وهو ما أدى أيضاً لارتفاع سعر الخبز الذي مثل حينها الغذاء الرئيسي للطبقة الفقيرة بإيطاليا.

من جهة ثانية، تزامنت هذه الأزمة الفلاحية بإيطاليا مع أخرى اقتصادية ومالية. وارتفعت نسبة البطالة بكبرى المدن وخاصة بمدينة ميلانو التي وصفت حينها بالقلب الصناعي الإيطالي. وبسبب تراكم هذه الظروف، شهدت إيطاليا بداية من ربيع العام 1898 احتجاجات طالب خلالها المتظاهرون بالخبز والعمل.

جنود إيطاليون بميلانو خلال قمع الإحتجاجات

العمل النقابي ودعم الفقراء

وأواخر القرن التاسع عشر، شهدت إيطاليا تغييرات عديدة حيث ظهرت بالبلاد النقابات العمالية وكسبت تأييداً كبيراً بين الفقراء، كما تزامن ذلك مع اكتساب التيار الأناركي لقاعدة شعبية هامة. وشهد العام 1892 ظهور الحزب الاشتراكي الإيطالي الذي أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن طبقة الفقراء.

ومع اعتماد السلطات الإيطالية لسياسة قمعية ضد المتظاهرين وتزايد حالة الغضب الشعبي، تخوف الجميع حينها من ظهور حركات تمرد بالمدن الإيطالية شبيهة بأحداث كومونة باريس سنة 1871.

صورة للجنرال بيكاريس

استدعاء الجيش

ويوم 6 مايو (أيار) 1898، تجمهر بشوارع مدينة ميلانو الإيطالية الآلاف من المحتجين، من العمال والفلاحين، للمطالبة بالخبز والاحتجاج على غلاء سعره. وعلى الرغم من سلمية الاحتجاجات، لجأت شرطة ميلانو لاستخدام القوة المفرطة لقمع المحتجين.

وبسبب ذلك، اندلعت أعمال عنف حيث لجأ عدد كبير من سكان المدينة لإغلاق الشوارع بحواجز قاموا بإنشائها وعمدوا لقذف رجال الشرطة بالحجارة.

ومع عجز رجال الشرطة عن استعادة الاستقرار، طالب رئيس قسم الأمن بميلانو بتدخل الجيش. ويوم 7 مايو (أيار) 1898، أعلنت الحكومة الإيطالية حالة الحصار والأحكام العرفية بميلانو ولجأت لإرسال الجنرال فيورينزو بافا بيكاريس (Fiorenzo Bava Beccaris) لضبط الأمن بالمدينة. ولإنجاح مهمته، اعتمد هذا الجنرال الإيطالي على 12 ألف عسكري إضافة لمدافع ثقيلة ورشاشات.

لوحة تجسد دخول الجيش لميلانو

عدد كبير من القتلى والجرحى

وبدلاً من التفاوض مع المحتجين، لجأ فيورينزو بافا بيكاريس لقصف الأحياء السكنية بالمدافع قبل أن يرسل جنوده لاقتحامها وملاحقة المحتجين.

وبسبب ذلك، قتل عدد كبير من الأطفال والنساء بعمليات القصف. وبحلول يوم 9 مايو (أيار) 1898، أعلن عن نهاية الحركة الاحتجاجية بميلانو.

وفي الأثناء، أسفرت عملية قمعها عن مقتل ما بين 200 و400 شخص وإصابة نحو 4 آلاف آخرين. ولاحقاً، باشرت القوات الإيطالية بعمليات اعتقال واسعة طالت عدداً كبيراً من المشاركين بالاحتجاجات والنقابيين وأفراد الحزب الاشتراكي.

وفي لقطة أثارت غضب كثيرين، عمد الملك الإيطالي لتكريم الجنرال فيورينزو بافا بيكاريس لقمعه احتجاجات ميلانو. وقد جاءت هذه الحركة لتسبب أزمة في إيطاليا وتؤدي لسقوط الحكومة الإيطالية خلال الأشهر التالية.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار