لم يتوقع صناع فيلم "مع سبق الإصرار" أن يوافق النجم نور الشريف على المشاركة في العمل، من خلال الدور الأصغر بين الأبطال، وترددوا كثيرا قبل التواصل معه. تلك القصة التي رواها الكاتب الراحل مصطفى محرم في مذكراته "حياتي في السينما"، التي تحدث فيها عن كواليس الأعمال التي قدمها.
وتطرق محرم إلى ما حدث في فيلم "مع سبق الإصرار" المأخوذ عن رواية "الزوج الأبدي" لدوستويفسكي، إذ طلب من بشير الديك أن يكتب الحوار الخاص بالفيلم، فيما تولى هو وضع السيناريو. وبعد أن انتهى الديك من كتابة الحوار، راجعه مصطفى محرم وقام بحذف وإضافة ما يلزم، وبعدها اجتمع محرم وبشير الديك مع المخرج أشرف فهمي، من أجل تنفيذ المشروع.
اتفق الثلاثي على قيام محمود ياسين بدور وكيل النيابة، وهو البطل الحقيقي للفيلم، على أن تقدم ميرفت أمين دور زوجته، وبات الدور الخاص بالزوج المخدوع هو المشكلة العويصة، إذ يتطلب ممثل صاحب قدرات تمثيلية عالية للغاية.
واستقر صناع العمل على ترشيح فريد شوقي من أجل الدور، حتى يكون هناك مبرر للزوجة من أجل خداع زوجها في أحداث الفيلم، باعتباره يكبرها كثيرا في العمر.
لكن المخرج أشرف فهمي فاجأ مصطفى محرم، وأخبره أنه يرغب في إرسال السيناريو إلى نور الشريف، وهو ما جعل محرم يتهمه بالجنون، لأن الدور صغير للغاية، ويحتوي على 36 مشهداً فقط، فيما يقدم وكيل النيابة دوره في أكثر من 60 مشهداً.
طلب المخرج أن يقوم بهذه المحاولة، خاصة أنه لن يخسر شيئاً في حال قام بها، وبالفعل أرسل السيناريو إلى نور الشريف، وبعد يومين تلقى فهمي اتصالاً من النجم نور الشريف.
ظل أشرف فهمي لـ5 دقائق لا يستطيع الحديث خلال الاتصال، وهو ما جعل مصطفى محرم يشعر بالقلق الشديد، قبل أن ينظر إليه أشرف فهمي ويشير إليه بعلامة مطمئنة.
وبعد انتهاء الاتصال أخبره أشرف فهمي أن نور الشريف طلب أمراً واحداً فقط، وهو ألا يتم حذف أي مشهد من المشاهد التي قرأها، ولهم مطلق الحرية في إضافة أية مشاهد أخرى لصالح محمود ياسين أو ميرفت أمين.
ووافق الثنائي على الأمر، لكنهما لم يخبرا محمود ياسين أن نور الشريف هو من سيقوم بالدور، وأخبراه أن فريد شوقي هو صاحب الدور، وبعدها أخبراه أن فريد شوقي اعتذر لصغر مساحة الدور.
علم محمود ياسين أن نور الشريف هو من سيقوم بالدور في أول أيام التصوير، وحينما قابل محرم، أخبره أنه سيتوجه إلى المخرج كي يعتذر عن المشاركة في الفيلم، ولامه لأنه لم يخبره أن نور الشريف هو من سيقوم بالدور.
وصل الثنائي إلى موقع التصوير، وأبلغ مصطفى محرم المخرج بما ينوي محمود ياسين القيام به، وبالفعل جلس المخرج مع محمود ياسين لنصف ساعة، قبل أن ينجح في إقناعه بعدم الاعتذار.
وحقق الفيلم نجاحا جماهيريا كبيرا، وحصل محمود ياسين على جائزة عن دوره، فيما حصد نور الشريف 3 جوائز رغم صغر دوره، كما تم ترشيح الفيلم للمشاركة في مهرجان مونتريال.