مع بداية ثمانينيات القرن الماضي، استقبلت دور العرض السينمائية واحدا من أهم الأفلام التي تم إنتاجها، وصارت علامة في تاريخ السينما المصرية.
حيث عرض فيلم "الباطنية" الذي قامت ببطولته نادية الجندي وفريد شوقي وأحمد زكي ومحمود ياسين، وهو من تأليف مصطفى محرم وإخراج حسام الدين مصطفى.
الكاتب الراحل مصطفى محرم تحدث في الجزء الثالث من مذكراته "حياتي في السينما" عن "كواليس مثيرة" وقعت خلال التحضير لهذا الفيلم.
وجاءت بدايتها مع اختيار الأبطال، حيث استقروا على اختيار نور الشريف في دور "برعي"، وعند اختيار دور "الضابط المتنكر" في دور "سفروت"، رشح المخرج حسام الدين مصطفى الفنان محيى الدين إسماعيل من أجل القيام بالدور، لكن الاقتراح لاقى رفضا من المؤلف.
واقترح محرم أن يلعب أحمد زكي الدور، لكن نادية الجندي لم تكن تعلم من هو أحمد زكي، وظل محرم يذكرها بأعماله، حتى أخبرها أنه من قام بدور الطالب الفقير في مسرحية "مدرسة المشاغبين".
لكن نادية الجندي رفضت الاقتراح، ووصفت زكي بأوصاف "تثير الاشمئزاز" – حسب ما ورد في المذكرات -، حتى إنها قالت إن مظهره يوحي بأنه لم يستحم منذ عام، وهو ما شدد محرم على كونه يخدم الدور المرشح له.
وقتها، طلبت بطلة الفيلم منهم أن يبحثوا عن ترشيح آخر، لكن محرم أصر على اختيار أحمد زكي، وهدد بإعادة الأموال التي تقاضاها منهم والحصول على السيناريو الخاص به.
بعدها بدأت رحلة التفاوض مع النجوم، حيث ذهب محرم ومعه المنتج محمد مختار إلى نور الشريف، الذي طلب مهلة يومين من أجل القراءة واتخاذ القرار.
وأخبرهم نور الشريف بموافقته على الدور، وطلب إعداد العقد من أجل التوقيع، لكن الأمور تغيرت بعد يومين، حيث ذهبت نادية الجندي بصحبة محمد مختار إلى مصطفى محرم، وسألته عن الأنسب لدور "برعي" هل هو محمود ياسين أم نور الشريف؟
رد محرم بأن الأمر لا يجوز حاليا بعد الاتفاق على كل شيء مع نور الشريف، لكنها ألحت في سؤالها عن الأنسب للدور بغض النظر عن أية أمور أخرى، ليجيب محرم بأن الأنسب هو محمود ياسين، لكن الأمر غير جائز "أخلاقيا".
تم الاستقرار على محمود ياسين، وحينما التقى محرم بنور الشريف أخبره بكل ما حدث، ليخبره نور الشريف أنه لن يعمل مع نادية الجندي وزوجها محمد مختار في أي عمل فني طيلة حياته.
ذهب السيناريو إلى محمود ياسين، وأبدى حماسا شديدا لكنه تراجع بعد يومين، دون أن يبدي أي أسباب للرفض، وتوقع محرم أن تكون زوجته شهيرة هي السبب حتى لا يعمل مع نادية الجندي، لتحدث مفاجأة جديدة بعد أيام قليلة، حينما عاد محمود ياسين ووافق على المشاركة في الفيلم.
خلال تصوير الفيلم طلب المنتج من الكاتب أن يضيف بعض الجمل الشعبية للسيناريو ويسمح للبطلة بالرقص والغناء، حتى تتواجد التوليفة الخاصة بنادية الجندي، لكنه رفض بشكل قاطع.
لتقرر نادية الجندي أن تسند تلك المهمة لكاتب آخر، وهو ما أغضب محرم الذي توجه إلى القضاء، وكانت هناك دعوى قضائية حكم فيها في النهاية بعدم الاختصاص، لتنتصر نادية الجندي في هذه المعركة، وتضيف ما تريد عبر الكاتب شريف المنباوي.
وكشف محرم عما جرى خلال تصوير الفيلم، بعد أن وقعت مشاجرة كبيرة بين أحمد زكي ونادية الجندي ومحمد مختار، وتبادلوا فيها السباب، كما قام المنتج بضرب أحمد زكي ووصفه "بالكومبارس"، ليقرر مخرج الفيلم مغادرة موقع التصوير اعتراضا على ما يحدث.
وفي حوار تلفزيوني عرض قبل سنوات تحدثت نادية الجندي عما جرى مع أحمد زكي، لتؤكد أن هناك مشاجرة وقعت بين محمد مختار وأحمد زكي، بسبب كثرة إعادته للمشاهد، حيث كان يرغب في الظهور بأفضل صورة، لكن الأمر كان مكلفا إنتاجيا، وهو السبب فيما جرى مع المنتج.
بالعودة إلى مذكرات الراحل مصطفى محرم، تحدث الكاتب عما جرى وقت عرض الفيلم، حيث كانت هناك تظاهرات جماهيرية من أجل محاولة الحصول على تذكرة، وهو ما استدعى تدخل قوات الأمن لفض التجمعات.
وكشف عن رؤيته للمنتجة الراحلة ناهد فريد شوقي وهي تبكي، وحينما سألها عن السبب، أخبرته أنها عرضت على والدها شراء الفيلم وإنتاجه، لكنه رفض وأخبرها أن الفيلم لن ينجح جماهيريا، رغم حماسه الشديد للمشاركة في بطولته، ليؤكد المؤلف أن الفيلم حقق نحو المليون جنيه في أول فترة لعرضه، وهو رقم ضخم للغاية.