يحتفل العالم في 22 أبريل/نيسان من كل عام بيوم الأرض، وهو مناسبة تهدف إلى الدعوة لبيئة صحية وآمنة وعادلة، وعالم مستقر.
بدأ الاحتفال بيوم الأرض عام 1970، حين أطلقه السيناتور الأمريكي غايلورد نيلسون للمرة الأولى في 22 أبريل/نيسان من ذلك العام.
ففي عام 1969، وخلال زيارة نيلسون ومساعده، طالب الدراسات العليا في جامعة هارفارد دينيس هايز، إلى مدينة سانتا باربارا بولاية كاليفورنيا، شاهدا كميات ضخمة من النفط تلوّث مياه المحيط الهادئ بالقرب من السواحل الأمريكية، وتمتد لعدة أميال، في مشهد يهدد حياة الأسماك والطيور البحرية.
وعندما عادا إلى واشنطن، قدّم السيناتور نيلسون مشروع قانون لجعل يوم 22 أبريل/نيسان من كل عام عيدا قوميا للاحتفال بكوكب الأرض.
كانت الفكرة من "يوم الأرض" أن يكون وسيلة لإشراك المواطنين في قضايا البيئة، ودفع تلك القضايا إلى صدارة الأجندة الوطنية.
وشهد أول يوم أرض مشاركة نحو 20 مليون شخص خرجوا إلى شوارع المدن الكبرى في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
وفي عام 1990، أصبح "يوم الأرض" حدثا عالميا، يشارك فيه الآن أكثر من مليار شخص من مختلف الأعمار، موزّعين على نحو 200 دولة، وفقًا للمنظّمين.
وفي العام نفسه، تأسست منظمة دولية ضمّت 141 دولة، بهدف تعزيز الاهتمام ببيئة كوكب الأرض. ويُحتفل حاليا بهذا اليوم في 184 بلدا حول العالم.
وتقول رئيسة منظمة "يوم الأرض"، كاثلين روجرز: "إن الاحتفال بيوم الأرض غالبًا ما يكون أول عمل بيئي يقوم به الكثير من الناس".
وسرعان ما ظهرت حملات كبرى ركّزت على قضايا تغيّر المناخ، مثل ظاهرة الاحتباس الحراري والطاقة النظيفة.
وفي عام 1997، اعترف قادة العالم، خلال اجتماعهم في كيوتو باليابان، بأن أحد أبرز أسباب تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري هو استمرار انبعاثات الكربون الناتجة عن استهلاك الوقود الأحفوري، مؤكدين ضرورة التصدّي لتلك الانبعاثات المضرّة بكوكب الأرض.
أفاد تقرير نُشر في دورية "لانسيت" الطبية بأن التلوّث كان سببا في وفاة تسعة ملايين شخص حول العالم في عام 2015.
وأوضح التقرير أن الغالبية العظمى من هذه الوفيات وقعت في دول ذات دخل منخفض أو متوسط، حيث كان التلوث مسؤولا عن نحو 25% من الحالات. وكانت بنغلاديش والصومال من بين الدول الأكثر تضررًا.
وقد شكّل تلوث الهواء العامل الأكبر، إذ تسبّب في نحو ثلثي الوفيات المرتبطة بالتلوث.
في المقابل، سجّلت بروناي والسويد أقل معدلات الوفاة المرتبطة بالتلوث.
وأشار التقرير إلى أن معظم حالات الوفاة نتجت عن أمراض غير معدية مرتبطة بالتلوث، مثل أمراض القلب، والسكتة الدماغية، وسرطان الرئة.
قال معدّ التقرير، الأستاذ الجامعي فيليب لاندريغان، من "كلية إيسان للطب" التابعة لمستشفى "ماونت سيناي" التعليمي في نيويورك، إن "التلوث ليس مجرد تحدٍّ بيئي، بل يمثل تهديدا عميقا وواسع النطاق يؤثر على جوانب متعددة من الصحة والرفاهية البشرية".
وأشار التقرير إلى أن تلوث الهواء، باعتباره عامل الخطر الأكبر، كان السبب في وفاة 6.5 مليون شخص بشكل مبكر، ويشمل هذا التلوث الخارجي الناتج عن الغازات والجسيمات العالقة في الهواء، بالإضافة إلى التلوث داخل المباني، الناجم عن حرق الوقود والفحم.
وجاء تلوث المياه في المرتبة الثانية من حيث الخطورة، حيث تسبب في وفاة نحو 1.8 مليون شخص، في حين أسفر التلوث في أماكن العمل عن وفاة 800 ألف شخص حول العالم.
وأورد التقرير أن نحو 92% من هذه الوفيات وقعت في الدول الأفقر، وكان التأثير الأشد تركّزًا في البلدان التي تشهد نموًا اقتصاديًا سريعًا، مثل الهند التي سجّلت خامس أعلى معدل وفيات بسبب التلوث، والصين التي حلّت في المرتبة السادسة عشرة.
يتغير شعار يوم الأرض كل عام وفقا لما تراه منظمة يوم الأرض.
وهذا العام، يسعى يوم الأرض إلى التركيز على الطاقة المتجددة للأسباب التالية:
بعد بضع سنوات من أول احتفال بيوم الأرض في عام 1970، تم تأسيس وكالة حماية البيئة الأمريكية، كما تم إصدار أو تعزيز العديد من القوانين البيئية، مثل قانون الهواء النظيف.
وشملت الفعاليات الأخيرة زراعة مئات الملايين من الأشجار، ودعم المزارعين من خلال تبني ممارسات زراعية مستدامة، بالإضافة إلى بدء مشاريع محو الأمية المناخية في مختلف أنحاء العالم.
ويشير بعض المراقبين أيضا إلى أهمية يوم الأرض في دفع القضايا البيئية إلى جداول الأعمال الوطنية والدولية.
ويقول الأمين التنفيذي السابق لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ إيفو دي بوير: "في ظل وجود مجموعة من القضايا التي تدفع بالتحديات البيئية إلى أسفل قائمة أولويات المجتمع، تُذكّرنا أحداث مثل يوم الأرض بالتكلفة طويلة المدى للسياسات قصيرة المدى".
وفي عام 2016، تم اختيار يوم الأرض بشكل رمزي للتوقيع الرسمي على اتفاق باريس التاريخي للمناخ، الذي تم الاتفاق عليه في أواخر عام 2015.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتفق فيها دول العالم بشكل جماعي على أهداف لمحاولة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
يحذر بعض النقاد من أن هذه الإنجازات قد تعطي إحساسا زائفا بالتقدم.
فالكثير من المؤشرات البيئية – من درجات الحرارة العالمية إلى انقراض أنواع من الكائنات الحية – تتغير بسرعة بسبب الأنشطة البشرية. وقد فشلت الجهود المبذولة حتى الآن في وقف هذه الاتجاهات أو عكس مسارها.
كما اتُهم بعض الأفراد والشركات باستغلال يوم الأرض كفرصة للترويج المضلل لمراعاتهم وحمايتهم للبيئة دون إجراء التغييرات الحقيقية المطلوبة، وهو ما يُعرف بـ "الغسل الأخضر".
وعلى سبيل المثال، في عام 2022، غردت الناشطة المناخية غريتا ثونبيرغ بأن يوم الأرض "تحول إلى فرصة للأشخاص الممسكين بزمام السلطة لنشر حبهم للكوكب، وفي الوقت نفسه تدميره بأقصى سرعة".
وقالت رئيسة منظمة يوم الأرض كاثلين روجرز لبي بي سي: "نعلم جميعًا أن الغسل الأخضر يحدث، وهو أمر مثير للغضب".
وأضافت: "إنها ليست مشكلة تسببنا فيها، ولكننا نعلم أن يوم الأرض يتم استغلاله بشكل ساخر من قبل بعض الشركات لإساءة استخدام روح الاستدامة من أجل تحقيق مكاسب خاصة بها. يتعين على الحكومات أن تتخذ إجراءات صارمة ضد أي شركة أو صناعة تكذب على المستهلكين".
في عام 1992، مهّد ضغط يوم الأرض الطريق لعقد قمة الأرض للأمم المتحدة في ريو دي جانيرو، حيث احتلت المخاوف البيئية مركز الصدارة. وكان إنشاء صندوق توفير الطاقة جزءا من استجابة المملكة المتحدة لهذه القمة.
وكانت قمة الأرض لعام 1992 هي أول اجتماع رسمي للأطراف المنخرطة في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخية، الذي عرف لاحقا بـ مؤتمر الأطراف السنوي (كوب). وقد حضرت جميع الدول التي وقّعت على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ هذا المؤتمر.
وفي عام 1994 أيضا، تم التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ التي أدخلت قيودًا غير ملزمة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وكان من أبرز مؤتمرات الأطراف في السنوات الأخيرة مؤتمر الأطراف الحادي والعشرون (كوب 21)، الذي عُقد في باريس عام 2015. حيث تم الاتفاق على مجموعة من "القواعد" لمعالجة تغير المناخ، والتي أصبحت تُعرف باسم اتفاقية باريس. وشملت هذه التوصيات:
- خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
- زيادة مصادر الطاقة المتجددة
- الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية