غزة- مع قسوة تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة المستمرة منذ 21 شهرا، وصل الحال ببعض الرياضيين إلى بيع أدواتهم ومستلزماتهم في محاولة، ولو كانت متواضعة، لتوفير قوت أطفالهم ومساعدة عائلاتهم.
حمادة صالح لاعب أهلي غزة صدم عشاق كرة القدم في القطاع، حين شارك منشورا عبر حسابه الرسمي على موقع " فيسبوك " يوم 19 يوليو/تموز الماضي، عرض فيه حذاءه للبيع.
وكتب صالح (25 عاما) على صورتين لحذائه بكل حسرة "للأسف.. آخر ما تبقّى لي من ذكريات كرة القدم للبيع".
هذا المنشور وقع كالصاعقة على متابعيه وغالبيتهم من سكان غزة الذين يعيشون ظروفا مأساوية لم يتخيلوها حتى في أسوأ كوابيسهم، ورغم ذلك كانت كلمات صالح أكثر قسوة من صواريخ الاحتلال.
وقال محمد قشطة مدير الكرة في أهلي غزة للجزيرة نت إن اللاعب حمادة صالح لم يبع حذاءه حتى الآن، وربما كانت محاولة يائسة لإيصال رسالة إلى القائمين على الرياضة الفلسطينية مفادها أن اللاعبين وصلوا بالفعل إلى الحضيض وأصبحوا عاجزين عن توفير أبسط احتياجاتهم من مأكل ومشرب.
صالح لم يرتدِ طوال مسيرته سوى قميص أهلي غزة، حيث بدأ حياته الكروية فيه وتدرج في جميع فئاته العمرية وصولا إلى الفريق الأول، وكانت كرة القدم مصدر رزقه الوحيد.
ورغم صغر سنه، يعد صالح المعيل الوحيد لأسرة مكونة من 7 أفراد بمن فيهم زوجته ووالداه وأشقاؤه. علما بأن بيت العائلة دمر كليا خلال إحدى العمليات العسكرية البرية للاحتلال الإسرائيلي في منطقة الكرامة شمال القطاع، بما في ذلك شقته الصغيرة التي كان يعمل على تجهيزها قبل الحرب. وقد اضطر للإقامة في خيمة لفترة قصيرة قبل أن يستأجر منزلا متواضعا.
قبل الحرب كان صالح ينتظر بفارغ الصبر بداية كل موسم كروي، حيث كانت تلك الفترة تمثل انفراجة مادية له من خلال مقدم عقده مع ناديه، إضافة إلى بعض المنح المالية وإن كانت محدودة، أبرزها تلك التي يقدمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة عبد السلام هنية، إلى جانب الشركات الراعية لبطولة الدوري.
ويؤكد قشطة أن نادي أهلي غزة لم يدخر جهدا في توزيع ما يصله من مساعدات نقدية أو إنسانية على اللاعبين رغم قلتها.
يمكن القول إن صالح كان الرياضي الوحيد الذي قرع جدار الخزان وصرخ بصوت عال معلنا أزمته المادية الخانقة، لكن الواقع أن هناك آخرين ساروا على خطاه بصمت.
تواصلت الجزيرة نت مع لاعب كرة طائرة لأحد الأندية، اشترط عدم ذكر اسمه، تحدث عن تجربة لا تقل مرارة عن تجربة صالح، فقد وصل به ضيق الحال إلى بيع جزء من ممتلكات منزله فقط لتأمين الطحين.
وقال اللاعب "لم يأكل أولادي الأربعة خبزا لمدة 4 أيام. الطحين كان شحيحا وغاليا بشكل لم نعهده من قبل. انتظرت على أمل أن تتحسن الظروف أو تدخل المساعدات الإنسانية، لكن شيئا لم يحدث".
وأضاف "اضطررت في النهاية إلى بيع الثلاجة وجهاز التلفزيون. فلا حاجة لنا بهما حاليا خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي عن القطاع منذ بداية حرب الإبادة".
وختم اللاعب قائلا "إذا استمرت الأزمة ولم تدخل المساعدات ولم يهبط سعر الطحين في الفترة المقبلة، قد أجد نفسي مجبرا على بيع المزيد من أثاث المنزل، وقد يشمل ذلك الغسالة أو ما تبقى من الأثاث".