في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
وضعت دولة قطر مؤخرا حجر الأساس لمشروع مصنع الأمونيا الزرقاء بمدينة مسيعيد الصناعية جنوب العاصمة الدوحة. ومن المتوقع أن يدخل المصنع، الذي يعدّ أول وأكبر مشروع أمونيا زرقاء في العالم، طور الإنتاج في الربع الثاني من عام 2026، بطاقة إنتاجية تصل إلى 1.2 مليون طن سنويا.
وخلال الحفل الذي حضره الشيخ عبد الله بن حمد آل ثاني نائب أمير قطر، تم استعراض مدى أهمية المشروع الواعد، ودخول قطر مجال الطاقة المستدامة.
وتعتبر الأمونيا الزرقاء شكلا من أشكال الأمونيا التي يتم إنتاجها مع انبعاثات كربونية منخفضة، وإلى جانب احتجاز ثاني أكسيد الكربون الناتج أثناء إنتاجها، لذا فإنها تعدّ مصدرا مهما للطاقة النظيفة، وطريقة ملائمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر الذي يمكن استخدامه كوقود نظيف أيضا.
يُستخدم حوالي 80% من إجمالي الإنتاج العالمي للأمونيا في إنتاج الأسمدة النيتروجينية، مثل اليوريا ونترات الأمونيوم، وبالتالي فهي تدعم إنتاج الغذاء لنحو نصف سكان العالم.
وفي حديث للجزيرة نت يوضح الاستشاري في نطاق الكيمياء وعضو اتحاد الكيميائيين العرب، الدكتور أبوبكر سالم، طبيعة الأمونيا واستخداماتها، حيث تعتبر مركبا كيميائيا مكوّنا من النيتروجين والهيدروجين، وتستخدم على نطاق واسع في الصناعة والطب والزراعة، وفي إنتاج العديد من المواد الكيميائية، مثل النترات والسيانيد.
كما تستخدم الأمونيا أيضا في أنظمة التبريد بسبب قدرتها على امتصاص الحرارة، وفي صناعة بعض المستحضرات الطبية مثل معالجة الحروق، وبعض منتجات التنظيف بسبب قدرتها على إذابة الدهون والشحوم.
وبحسب سالم، فإن إنتاج الأمونيا تقليديا يتم من خلال تفاعل "هابر-بوش" حيث يتفاعل الهيدروجين والنتروجين باستخدام عامل محفّز، ولا تزال هذه العملية مسؤولة عن إنتاج كل الأمونيا تقريبا في العالم، بالإضافة إلى مشتقات مثل اليوريا ونترات الأمونيوم.
ويمزج كل من الهيدروجين والنيتروجين معا بنسبة 1:3 مع التسخين لدرجة حرارة تتراوح بين 400 و550 درجة مئوية تحت ضغط عالٍ، ثم تنتقل العملية إلى مرحلة التقطير الأخيرة لتحسين نقاوة الأمونيا الناتجة، بحسب سالم.
تستهلك عملية إنتاج الأمونيا بالطرق التقليدية قدرا كبيرا من الطاقة، وينتج عنها أطنان من الانبعاثات الكربونية، فبحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية يتطلب إنتاج الأمونيا قدرا كبيرا من الانبعاثات، إذ تبلغ الانبعاثات المباشرة من إنتاج الأمونيا حاليا 450 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل إجمالي انبعاثات نظام الطاقة في جنوب أفريقيا.
الأمونيا الزرقاء على الجانب الآخر هي شكل من أشكال الأمونيا يتم إنتاجه باستخدام الغاز الطبيعي كمادة خام أساسية، ولكن مع وجود تحول حاسم في طريقة التحضير، حيث يتم التقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتج أثناء إنتاج الأمونيا وتخزينه (وهي عملية تُعرف باسم احتجاز الكربون وتخزينه)، ويعطي ذلك الأمونيا الزرقاء مزايا عدة:
يعد تغيّر المناخ وزيادة الانبعاثات الكربونية من أحد أبرز الأزمات التي تواجه كوكب الأرض إلى جانب التلوث البيئي وفقدان التنوع الإحيائي.
وكما أنقذت الأمونيا كوكبنا قبل نحو قرن من الزمن من مجاعة وشيكة، مع بدء الاعتماد على الأسمدة النيتروجينية بدلا من الأسمدة الطبيعية التي لم تعد قادرة على مواكبة النمو السكاني المتزايد والحاجة إلى المزيد من المحاصيل الزراعية، فقد تأتي الأمونيا مجددا هذه المرّة لإنقاذ العالم من تبعات تغيّر المناخ والمساهمة في تقليل الانبعاثات الغازية بتخزين الهيدروجين وشحنه لاستخدامه في خلايا الوقود والتوربينات الخالية من الانبعاثات، كما تجري جهود لحرق الأمونيا مباشرة في محطات الطاقة ومحركات السفن.
ويجمع العلماء في نطاق التغير المناخي على أن النشاط البشري هو العامل الأساسي المسبب للاحتباس الحراري الذي تختبره الأرض حاليا، ويتمثل هذا النشاط بشكل أساسي في استخدام الوقود الأحفوري الذي ينفث ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي.
يتسبب ذلك في ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية عاما بعد عام، الأمر الذي جعل السنوات العشر السابقة الأشد حرارة في تاريخ القياس، الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع في معدلات وطول وشدة الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الموجات الحارة وموجات الجفاف والعواصف والأعاصير غير المسبوقة.