رصدت عدسات الكميرات مشهدا لافتا في ولايد فلوريدا الأميركية حيث تلونت السماء باللون الأرجواني قبل لحظات من وصول الإعصار الكارثي "ميلتون" إلى اليابسة، مساء الأربعاء الفائت.
ونعت السكان المحليون هذه الظاهرة بأنها "ساحرة" و"مقلقة"، وقد تم التقاط الصور الأولى لها قبل ساعات فقط من وصول العاصفة من الفئة الثالثة إلى اليابسة.
كما شوهدت السماء الأرجوانية في جميع أنحاء الولاية، بما في ذلك "بالم بيتش" و"فورت مايرز"، أثناء وبعد العاصفة أيضا.
وقد تبدو هذه الظاهرة وكأنها غير طبيعية، لكنها نتاج الطبيعة حقا. ويحدث هذا الأمر عندما تكون الظروف الجوية مناسبة تماما، وعادة ما تتزامن هذه الظاهرة مع الأعاصير.
Purple sky seen during Hurricane Milton in Florida.
— Kindness and knowledge (@Ezekle1) October 10, 2024
The only explanation I can think of is that when sunlight or lightning illuminates the tons of rain droplets the light can get further refracted, causing something like this.. pic.twitter.com/Y4872s62sW
ولفهم سبب ظهور هذا اللون الأرجواني في السماء العاصفة، ينبغي معرفة كيفية تفاعل الجسيمات الجوية مع الضوء لإنتاج ألوان مختلفة.
تصدر الشمس إشعاعات قصيرة الموجة ضمن طيف الضوء المرئي (الجزء من الطيف الكهرومغناطيسي الذي يمكن للعين البشرية رؤيته). وعندما تصل جسيمات الضوء المرئي إلى الغلاف الجوي للأرض، تخضع لعملية تُعرف باسم تشتت Rayleigh، تحدث عندما تتفاعل جسيمات الإشعاع مع جسيمات الغلاف الجوي التي تكون أصغر منها بكثير، حيث تتناثر الأطوال الموجية القصيرة، مثل اللونين الأزرق والأرجواني، بسهولة أكبر من الأطوال الموجية الأطول.
وقال عالم الأرصاد الجوية في AccuWeather، بريت روسيو: "هذا هو السبب في أن السماء تبدو زرقاء في يوم مشمس لطيف".
وعندما تغرب الشمس، تتغير زاوية سقوط الضوء على الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى تغيير لون السماء إلى الوردي والأرجواني والبرتقالي والأحمر والأصفر.
ولكن السماء الأرجوانية التي شوهدت قبل وصول إعصار "ميلتون" إلى فلوريدا، لم تكن بسبب زاوية الشمس، بل بسبب زيادة كمية بخار الماء في الغلاف الجوي نتيجة للعاصفة.
وأوضح روسيو أن وجود المزيد من بخار الماء يعني المزيد من الجسيمات، ما يؤدي إلى مزيد من تشتت الضوء. وعند حدوث هذا التشتت في وقت الغسق، يمكن أن يخلق لونا ورديا يتداخل مع السماء الزرقاء الداكنة.
جدير بالذكر أن إعصار ميلتون ليس الإعصار الوحيد الذي أنتج سماء أرجوانية، إذ تسبب إعصار "فلورنسا" من الفئة الأولى وإعصار "مايكل" من الفئة الخامسة، وكلاهما ضرب الولايات المتحدة في عام 2018، في هذا التأثير أيضا.
يذكر أن إعصار ميلتون، الذي ضرب فلوريدا في 9 أكتوبر 2024، تراجع إلى عاصفة من الفئة الثالثة عند وصوله اليابسة بالقرب من ساراسوتا. وتسبب في أضرار واسعة، مع انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع عدد الوفيات بسبب الأعاصير المصاحبة له.
وضرب ميلتون اليابسة مساء الأربعاء على ساحل خليج فلوريدا كعاصفة قوية من الفئة الثالثة، وأظهرت مشاهد مخيفة السماء ويغطيها السواد من أثر الإعصار الذي دمر منازل واقتلع أعمدة إنارة وأشجار وكل ما مر في طريقه.
كما وثقت مقاطع فيديو أخرى، محطة وقود انهارت أمام شدة الإعصار المدمر، وسيارات انقلبت وتهشمت.
وقال حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس إن العاصفة تسببت بحدوث زوابع متفرقة قاتلة وانقطاع الكهرباء عن أكثر من ثلاثة ملايين شخص.
وفي بيان على موقعها الإلكتروني، أكدت مقاطعة سانت لوسي على الساحل الشرقي "مقتل أربعة أشخاص نتيجة لهذه الزوابع".
وتسببت الرياح في اقتلاع أشجار كبيرة وتحطيم سقف ملعب تروبيكانا فيلد للبيسبول التابع لفريق تامبا باي رايز في سانت بطرسبيرغ، كما تسببت بسقوط رافعة بناء على مبنى قريب في وسط المدينة.
وفي مدينة كليرواتر على الساحل الغربي، خرجت طواقم الطوارئ في قوارب إنقاذ عند الفجر لإخراج السكان العالقين في منازلهم بسبب مياه الفيضانات.
وتسبب ميلتون منذ بلوغه اليابسة بأمطار غزيرة وفيضانات "مباغتة" على ما أوضحت نشرة المركز الأميركي للأعاصير.
إغلاق ديزني.. وحركة الملاحة متوقفة
وأغلقت متنزهات ديزني الشهيرة أبوابها. وتوقفت حركة الملاحة أيضا في مطاري تامبا وساراسوتا.
وسجلت زوابع أيضا في وسط الولاية وجنوبها بحسب محطة "وسذر تشانيل" المتخصصة.
وفي المنطقة التي بلغ فيها ميلتون اليابسة، تحصن السكان في الداخل في منازلهم أو في مراكز خصصت لذلك.
وبعد أسبوعين على مرور الإعصار هيلين في المنطقة نفسها الذي أسفر عن ما لا يقل عن 236 قتيلا في جنوب شرق الولايات المتحدة بينهم 15 على الأقل في فلوريدا، حذرت دايان كريسويل مديرة الوكالة الفدرالية للاستجابة للكوارث الطبيعية من أن ميلتون "سيكون عاصفة قاتلة وكارثية".