سرايا - تداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي قصة إنسانية لاقت صدى واسعًا، بعد أن نشرها أحد أساتذة الجامعات على صفحته في "فيسبوك"، يروي فيها موقفًا مؤثرًا جمعه برجلٍ مسن جاء للاطمئنان على ابنه الجامعي. القصة، التي حملت بين طياتها ألم تعب السنين وخيبة أمل أبٍ قدّم عمره تضحيةً، أثارت تعاطفًا كبيرًا بين المتابعين الذين أعادوا تداولها بشكل واسع.
وتكشف الرواية حجم المعاناة التي يعيشها بعض الآباء في سبيل توفير التعليم لأبنائهم، متشبثين بأمل أن يروا ثمرة كفاحهم نجاحًا يداوي تعب الأعوام. إلا أن الحقيقة التي تلقاها الأب في هذه القصة كانت صادمة، لتتحول الزيارة إلى لحظة قاسية مؤلمة، شكّلت درسًا موجعًا حول برّ الوالدين والمسؤولية تجاههم.
وتاليًا القصة المتداولة:-
طرق باب مكتبي في الجامعة يوما رجلٌ كبير في السن،
يلبس ثيابًا رثة، وباهتة الألوان، تشهد على قسوة السنين...
صافحني بيده الخشنة، يدٌ كأنها قطعة خشبٍ شقّتها المواسم والأعمال الشاقة، وقال بصوت متعبٍ متقطع الأنفاس:
يا ابني… لي ولدٌ يدرس عندكم… اقترب تخرجه إن شاء الله… وجئت لأطمن عليه...
قلت بحرارةٍ وودّ: حيّاك الله يا عم… إجلس، ما اسمه؟
ذكر لي الاسم، فأجبته: ولا يهمّك… نشرب الشاي، وأتواصل الآن مع القبول والتسجيل...
اتصلتُ بمدير القبول والتسجيل، أطلب منه تقريرًا عن الطالب، وما إن وصلني حتى كادت الكلمات تسقط من يدي...
الطالب في سنته الرابعة، 127 ساعة مسجّلة، ولم ينجح سوى بـ 60 ساعة فقط!
وقفتُ مصدوما... كيف سأقول ذلك للرجل الذي أكلته السنين، وأنهكته الحياة، ولم يبقَ له بعد الله سوى أملٍ في ولدٍ ظنَّه قارب النجاة؟!
إن كان الخبر ثقيلاً عليّ، فكيف سيسقط على قلبه هو؟
جمعت شجاعتي وقلت له بلطفٍ ينزف: يا عم، لنتحدث بصراحة، ابنك متعثر جدًا...
فما إن سمع الكلمات حتى وضع يده على صدره، ثم شقّ قميصه القديم بمرارةٍ موجعة، وبكى بكاءً يشقّ الحجر،
ويمسح دموعه بكفين خشنين، حتى خشيت أن يجرح بهما وجهه من شدة ما فيهما من تعب الحياة...
يا الله...
كيف يحتمل أبٌ هذا المشهد؟
وكيف يهون على شاب أن يخدع رجلاً أفنى عمره لأجل إسناد ولده على قدميه؟
كيف يغيب عن عقول هؤلاء الأولاد أن خلف كل قسطٍ مدفوع، وكل يوم دراسة، رجلًا يتنفس بصعوبة، ويعمل تحت الشمس، ويُغالب الدنيا كي لا يمدّ يده لأحد، ويبقى ولده عزيزا؟
يا شباب الجامعات...
آباؤكم ليسوا عابرين في حياتكم،
فهُم ظهورٌ حَنتْها السنين لأجلكم، وقلوبٌ عاشت على أمل نجاحكم، وأكتافٌ حملتكم كي لا تعجزوا...
إياكم أن تكسروا هذه القلوب،
وإياكم أن تجعلوا عرقهم يضيع،
وإياكم أن تؤلموا من لا يملك في الدنيا غيركم...
المصدر:
سرايا