سرايا - محمد النواطير - كشف رئيس الجامعة الأردنية الأسبق، الأستاذ الدكتور أخليف يوسف الطراونة، عن الاستراتيجية التي اتبعها خلال فترة رئاسته (2012–2014) والتي أدّت إلى تجفيف منابع العنف الطلابي بشكل كامل، مؤكداً في الوقت ذاته تأييده لقرارات الفصل الأخيرة التي اتخذتها الجامعة، ومحذّراً من الاستجابة لـ “العواطف” على حساب القانون.
وردّاً على سؤال “سرايا” حول أسباب غياب المشاجرات الجماعية بحجم ما حدث مؤخراً خلال فترة رئاسته، أوضح الدكتور الطراونة أنه رسم استراتيجية متكاملة لمجابهة العنف الطلابي، تمكن من خلالها من معالجة جذوره وتجفيف منابعه.
وأرجع الطراونة نجاح استراتيجيته إلى محورين رئيسين؛ الأول: التواصل المباشر والمستمر مع الطلبة، وهو ما أطلق عليه “نمط القيادة بالحب”، من خلال برامج أسبوعية وشهرية ثابتة مثل: اسأل الرئيس، إفطار مع الرئيس، امشِ مع الرئيس، ودردشة مع الرئيس.
وقد أسهمت هذه البرامج في خلق علاقة إنسانية قريبة بينه وبين آلاف الطلبة الذين أصبحوا يعرفونه بالوجه والاسم.
أما المحور الثاني، فكان تعديل تعليمات الخدمة المجتمعية وربط التخرج بالحصول على خمس نقاط دنيا موزعة على برامج لتعزيز الانتماء، حملت شعارات: أحب قسمي، أحب كليتي، أحب جامعتي، أحب وطني الأردن، وأحب إنسانيتي، بالإضافة إلى غرس شجرة.
وأشار إلى أنه تم “تلويين” الأنشطة الطلابية لتشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، ونقلها من القاعات إلى الفضاءات المفتوحة، ما رفع نسبة مشاركة الطلبة في الأنشطة من 7% إلى 32%. كما تم إنفاذ القانون بحزم وعدالة.
وقال الطراونة: “بهذه الإجراءات، أصبح الطالب الذي لا يخاف، يستحي”، مؤكداً أنه لم تقع أي مشاجرة جماعية واحدة خلال السنتين الأخيرتين من رئاسته.
وفي معرض تعليقه على الجدل الدائر بشأن قرارات الفصل الأخيرة، أكد الطراونة دعمه الكامل لإنفاذ التعليمات، ورفضه الخضوع لأي ضغوط، مشدداً على أن “القضية ليست عاطفية، فلدينا تعليمات انضباط ونظام، وأنا أقول: إنفاذ القانون”.
وأضاف: “لا يجوز التراجع عن القرار تحت أي ضغط أو اعتبارات عاطفية. صون حرمة الجامعة وهيبتها أولوية لا تُساوَم”.
وعند سؤاله عن قسوة العقوبة، خاصة في ظل وجود طالب خريج بين المفصولين، قال الطراونة: “إذا كان القانون يقول إن من يشارك أول مرة نعطيه (حبة ملبس)، فليأخذ (حبة ملبس)، وإذا كان القانون يقول فصل، فليفصل”.
وشدد على أن إنفاذ التعليمات يعلّم الطالب معنى المساءلة.
وأكد الطراونة أن الجامعة “ليست ساحة للفوضى، بل منارة للعلم”، مضيفاً أن الطالب الذي يثبت تورطه في “إلقاء الحجارة أو الاعتداء على الأمن الجامعي أو تكسير الممتلكات، لا يستحق أن يحمل شهادة الجامعة الأردنية”.
وذهب أبعد من ذلك قائلاً: “لو كان خريجاً وحصل على الشهادة، وظهر في تسجيلات الكاميرات يمارس هذا السلوك بعد التخرج، فأنا أقول: على الجامعة أن تسحب الشهادة منه”.
وأوضح أن للجامعة قنواتٍ محددة لتقديم الاسترحام، لكنها يجب أن تستند إلى إثباتات وبراهين، لا إلى العواطف.
واختتم حديثه بالقول: “أنا مع العقل ضد العاطفة، وأحكام القانون التربوي واضحة”.
ويرى الطراونة أن الحل لا يكمن في العقوبات وحدها، بل في إعادة بناء منظومة القيم، مجدداً طرح مقترح قدّمه أكثر من مرة كحل استراتيجي.
وقال: “لدينا مواد مثل التربية الوطنية والعلوم العسكرية، وقد آن الأوان لتوحيدهما (6 ساعات معتمدة) وإسنادهما إلى القوات المسلحة أو المتقاعدين العسكريين ضمن شروط واضحة”.
وأوضح أن فكرة المقترح تقوم على تحويل رسوم هذه الساعات – من الجامعات الرسمية والخاصة – إلى صندوق خاص يُنفق على معسكرات صيفية إلزامية للتخرج، تُقام في الفصول الصيفية.
وأضاف: “تُقام معسكرات للإناث في القطاعات النسوية كالشرطة السياحية والخدمات الطبية، وللذكور في المناطق الصحراوية، لتدريبهم على التربية الوطنية الحقيقية والثقافة الوطنية الرسمية. نحن نريد طالباً يؤمن بالله، والوطن، والملك، والأردن”.
وبيّن أن هذا الإجراء، وإن كان قد يؤخر التخرج شهرين أو ثلاثة، فإنه سيُسهم في تخفيف الضغط عن أسواق العمل “المغرقة بالخريجين”، واصفاً التعليم الحالي للمادتين بأنه “شكلي”.
ووجّه الطراونة رسالة عبر “سرايا” إلى أهالي الطلبة والجسم الصحفي وكافة الفعاليات الرسمية والشعبية، دعاهم فيها إلى عدم تحميل الجامعات أكثر مما تستطيع، مؤكداً أن الجامعات “منارات فكرية وعلمية وليست مسارح للإرهاصات الشعبية”.