سرايا - قانون السير الأردني يعاقب استعمال السائق لشاشة تلفزيونية في المركبة بشكل يمكنه من رؤيتها أثناء القيادة
أصبحت رؤية سائق يتابع فيلمًا أو مقطع فيديو على شاشة في سيارته أثناء القيادة مشهدًا مقلقًا ومتكررًا على طرقات الأردن. قد يظن البعض أنه نوع من الترفيه البريء لتمضية الوقت في زحام السير، لكنه في الحقيقة مخالفة مرورية خطيرة ولعبٌ بالنار يعرض حياته وحياة الآخرين لخطر محدق.
القانون واضح وصريح يتساءل البعض: "هل مجرد تركيب شاشة يعتبر مخالفة؟" الجواب يكمن في فهم جوهر القانون الذي يركز على الاستخدام وليس الوجود.
قانون السير الأردني المعدل لعام 2023 حاسم وواضح في هذا الشأن فبحسب (المادة 34/د) يعاقب : "استعمال السائق لشاشة تلفزيونية في المركبة بشكل يمكنه من رؤيتها أثناء القيادة".
هذا يعني ببساطة أن أي شاشة تعرض محتوى مرئيًا متحركًا (فيديو، فيلم، بث مباشر) أمام السائق أثناء حركة المركبة هي مخالفة مباشرة للقانون.
لا يمنع القانون وجود الشاشات التي تعرض معلومات ضرورية للقيادة (مثل نظام الملاحة "GPS" أو معلومات السيارة) أو تلك المخصصة للركاب في المقاعد الخلفية، لكنه يمنع بشكل قاطع أن تتحول هذه الشاشات إلى أداة تشتيت للسائق، وتبلغ قيمة الغرامة المالية لهذه المخالفة بما لا تقل عن 50 دينارا ولا تزيد عن 100 دينار".
الشاشات المضافة: الخطر الأكبر تأتي معظم السيارات الحديثة مزودة بشاشات أصلية من المصنع، وهي مصممة وفق معايير أمان عالمية تمنع تشغيل الفيديو تلقائيًا بمجرد أن تبدأ السيارة بالحركة فورا، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في مصدرين رئيسيين:
الشاشات التجارية: التي يتم تركيبها لاحقًا في محلات زينة السيارات دون أن تتقيد بمعايير الأمان، وتسمح بتشغيل الفيديو في أي وقت.
التحايل البرمجي: التلاعب ببرمجة شاشات المصنع الأصلية لإلغاء خاصية قفل الفيديو أثناء القيادة.
هذا التحايل هو جوهر الخطر، لأنه يحوّل أداة مصممة للمساعدة إلى أداة تشتيت قاتلة، تضع السائق في حالة من "العمى المؤقت" عن الطريق.
لماذا هي خطيرة جدًا؟ ثلاث ثوانٍ قد تتحول إلى كارثة عندما تشاهد الشاشة، فأنت لا تقود السيارة حقًا. علميًا، أنت تعاني من ثلاثة أنواع من التشتت في وقت واحد، مما يجعلك خطراً متحركاً على الطريق:
تشتت بصري (عينك ليست على الطريق): لو أبعدت نظرك عن الطريق لمدة 3 ثوانٍ فقط وأنت تقود بسرعة 80 كم/ساعة، فكأنك قدت سيارتك لمسافة 66 مترًا وأنت أعمى، هذه المسافة كافية لتجاوز عدة سيارات أو الاصطدام بعائق لم تره إطلاقًا.
تشتت ذهني (عقلك ليس مع القيادة): متابعة أحداث فيلم أو مقطع فيديو يسرق تركيزك الذهني. يصبح عقلك منشغلاً بالقصة أو الحوار، ويفقد قدرته على تحليل المخاطر والاستجابة السريعة لمفاجآت الطريق، مثل طفل يركض فجأة أو سيارة تتوقف أمامك بشكل غير متوقع.
تشتت يدوي (يدك ليست على المقود): محاولة تغيير مقطع الفيديو أو رفع الصوت تجعلك ترفع يدك عن المقود، مما يقلل من سيطرتك الكاملة على السيارة في اللحظات الحرجة التي تتطلب مناورة سريعة.
رسالة للجميع للسائقين ولمحلات زينة السيارات: لا يوجد أي فيلم أو مسلسل يستحق المخاطرة بحياتك أو حياة أبرياء على الطريق، سلامتك تبدأ من قرارك بالتركيز الكامل على القيادة، استخدم الشاشة للمعلومات الضرورية فقط.
للجهات المعنية: إن تكثيف الرقابة على هذه الظاهرة الخطيرة وتطبيق القانون بحزم ودون تهاون هو حماية للمجتمع بأسره من عواقب قد تكون مأساوية.
في النهاية، الشاشة في سيارتك يجب أن تكون أداة للمساعدة وليس للإلهاء، اجعلها للركاب فقط، وحافظ على عينيك وعقلك وتركيزك على الطريق، فهو المكان الذي لا يقبل القسمة على اثنين.