سرايا - في قلب عمّان، حيث تتقاطع الأزمنة وتختلط العراقة بالحياة اليومية، تروي شوارع وسط البلد قصة خاصة في شهر رمضان، قصة تنبض بالحياة، وتعيد الزائر سنوات إلى الوراء، حيث الأجواء التي لا تتكرر إلا في هذا الشهر الفضيل.
ورغم أن وسط البلد يظل وجهة أساسية للأردنيين والزوار على مدار العام، إلا أنه في رمضان يتحول إلى مشهد مختلف تمامًا، وكأنه طقس عماني لا يكتمل الشهر الكريم إلا به. فبين عصائر الخليلي، ودرج هاشم، وشارع طلال، وأسواق الحميدية والبخارية والسكر، وصولًا إلى عمارة الشابسوغ، تتجلى ملامح رمضان بروح عمانية أصيلة.
تتزين شوارع وسط البلد بثوب من الأضواء والهلالات المتلألئة، بينما تتدلى حبال الزينة الرمضانية من واجهات المحال، لتتحول المنطقة إلى وجهة يقصدها الجميع، من سكان المدينة إلى زوارها، في رحلة لا يملّها أحد مهما تكررت كل عام. ومع عودة مدفع رمضان ليُعلن موعد الإفطار، يعود المشهد كما كان قبل سبعين عامًا أو أكثر، وكأن الزمن توقف ليعيد إلينا رمضان بطعمه الأصيل ونكهته القديمة.
على الأرصفة، تنبض الحياة برائحة التمور المتنوعة، وعصائر التمر الهندي والخروب، وحلوى القطايف والسمبوسك، بينما تملأ البهارات والأعشاب العطرية المكان بروائحها المميزة، لتتحول وسط البلد إلى معرض مفتوح يعرض كل ما يميز رمضان من نكهات وأجواء.
أما المسجد الحسيني، فهو القلب النابض لهذه الأجواء، حيث تتدفق إليه الجموع لأداء صلوات التراويح والقيام، فتزدحم الشوارع المحيطة بالمصلين، في مشهد يجسد الروحانية العميقة لهذا الشهر الكريم.
ومع اقتراب موعد الإفطار، تتحول الأزقة إلى مطعم مفتوح، حيث تنتشر طاولات الطعام، وتمتلئ المطاعم بروّادها الذين ينتظرون تلك اللحظة الخاصة. وما إن يصدح أذان المغرب ويرافقه دوي المدفع، حتى تهلل عمّان بأكملها بـ"الله أكبر»، لتبدأ معها ليلة أخرى من ليالي رمضان التي لا تُنسى في وسط البلد.
الراي