سرايا - ما يزال الموسم المطري الحالي يعد ثاني أسوأ موسم منذ عام 1958، لكن الآمال تتعلق بتعرض المملكة لثلاثة منخفضات بحجم الذي شهدناه الأسبوع الماضي.
“الجلمود” الاسم الذي أطلقته الأرصاد الجوية على المنخفض المرتقب نهاية الأسبوع الحالي ويستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، وتجمع التوقعات على أنه يحمل خيرا وفيرا من المياه التي تتعطش لها سدود المملكة.
أمل بتعزيز المخزون المائي
ورغم المخزون المائي الشحيح الذي سجلته مختلف سدود المملكة في الموسم المطري الحالي 2024 – 2025، مقارنة بنظيره في 2023 – 2024، إلا الأمل بتعزيز المخزون ما يزال قائما ومرهونا بمرور ثلاثة منخفضات جوية قوية ومشابهة لتأثيرات المنخفض الأخير الذي شهدته المملكة نهاية الأسبوع الماضي، وفق الأمين العام لسلطة وادي الأردن هشام الحيصة.
وقال الحيصة، في تصريحات ، إن سلطة وادي الأردن، تأمل بأن تساهم الهطلات المطرية وتساقط الزخات الثلجية المتوقعة اعتبارا من مساء اليوم وحتى مطلع الأسبوع المقبل، بتعويض تباعد فترات الهطلات المستمرة وانحباسها لمدد طويلة.
وفي هذا السياق، أشار الحيصة إلى أنه بالنظر نحو معطيات الموسم المطري الحالي 2024 – 2025، بات من السابق لأوانه تقييم أداء الموسم المطري والحكم عليه إلا بانتهاء الموسم بأكمله، وعقب تسجيل إجمالي المخازين المائية الناجمة عن تدفق الهطلات نحو السدود في نهاية الموسم الشتوي.
وقال إن فترة “مربعانية” الشتاء لم تشهد انخفاضا في الحرارة ولم تسجل هطلات مطرية ضمن معدلها السنوي المعتاد وكما هو الحال في المواسم السابقة، وذلك على عكس أيام شهر شباط (فبراير) الحالي، ما يشير لأن تلك المعطيات باتت أكثر تأثرا بالتغيرات المناخية، وتسببت بانحراف المنحنى السنوي المعروف.
وأبدى الأمين العام لـ “وادي الأردن” أمله بقدوم منخفضات جوية متجددة ومترافقة مع انخفاض في درجة الحرارة والهطلات المطرية، وصولا لتعزيز وتحسين حجم كميات المياه المخزنة في السدود والبالغة نسبتها حاليا نحو 27 %، مقارنة بحوالي 43 % من إجمالي سعتها التخزينية البالغة 288 مليون م3 تقريبا، وذلك خلال الفترة ذاتها من الموسم المطري الماضي 2023 – 2024.
وساهم المنخفض الشتوي الماضي بتدفق حوالي 10 ملايين م3 من المياه الإضافية نحو مختلف سدود المملكة.
وأكد الحيصة أنه سيتم تفعيل حالة الطوارئ تزامنا مع الحالة الجوية المتوقعة خلال الأيام المقبلة، معلنا جاهزية الكوادر الميدانية، وداعيا المواطنين والمزارعين لأهمية الحيطة والحذر واتباع التعليمات الاحتياطية.
من جانبه أعلن مدير إدارة الأرصاد الجوية رائد رافد آل خطاب، في بيان صادر عن إدارة الأرصاد الجوية، عن تأثر المملكة نهاية الأسبوع، بموجة قطبية شديدة البرودة أطلقت عليها الأرصاد اسم “الجلمود”.
المنخفض سمي
بـ"الجلمود" لشدة برودته
وجاء اختيار إدارة الأرصاد الجوية لهذا الاسم لوصف الموجة القطبية يعكس طبيعتها الشديدة البرودة والقاسية، حيث تُشبه تأثيراتها الجلمود في صلابته وتأثيره القوي على البيئة المحيطة، حيث من المتوقع أن تصل تأثيراتها إلى الأردن وشرق البحر الأبيض المتوسط مع نهاية الأسبوع الحالي ومطلع الأسبوع المقبل، مصحوبةً بانخفاض كبير في درجات الحرارة وأجواء شديدة البرودة، خاصة في الليل.
وأوضح آل خطاب أن الموجة القطبية القادمة تحمل معها انخفاضاً ملموساً في درجات الحرارة نتيجة اندفاع كتلة هوائية شديدة البرودة قادمة من القطب الشمالي، وهطل أمطار متفاوتة الشدة تتركز على الشريط الغربي للمملكة، بالإضافة إلى نشاط واضح للرياح، خاصة في المناطق المفتوحة، ما يؤدي إلى إثارة الغبار في المناطق الصحراوية والبادية.
وأكد آل خطاب أن إدارة الأرصاد الجوية تتابع تطورات الحالة الجوية عن كثب، داعيًا المواطنين لمتابعة التحديثات أولًا بأول واتخاذ الاحتياطات اللازمة، خاصة في المناطق المتوقع تأثرها بالأمطار والثلوج والرياح القوية.
وأشارت “الأرصاد” لتأثر المملكة تدريجياً بكتلة هوائية باردة جداً من أصل قطبي مرافقة لمنخفض جوي متمركز فوق سورية اعتبارا من اليوم الخميس، ما يؤدي إلى انخفاض واضح في درجات الحرارة.
وقالت إن الطقس سيكون بارداً وغائماً وماطراً في معظم المناطق، مع توقعات بهطلات غزيرة أحياناً في الأجزاء الغربية، مما قد يؤدي إلى تشكل السيول، إذ تنشط الرياح الغربية وتكون مصحوبة بهبات قوية تتجاوز سرعتها أحياناً 65 كم/ساعة، مما يسبب إثارة الغبار في بعض المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية، وبالتالي تدني مدى الرؤية الأفقية بشكل ملحوظ. خلال ساعات الليل، تضعف الهطلات قليلاً وتخف سرعة الرياح تدريجياً.
الأرصاد الجوية تحذر
وأطلقت الأرصاد الجوية تحذيرات للمواطنين بخصوص الحالة الجوية اليوم، منبهة من خطر تشكل السيول في الأودية والمناطق المنخفضة، بما فيها منطقة البحر الميت، وتدني مدى الرؤية الأفقية بسبب الغبار الكثيف شرق وجنوب شرق المملكة، وخطر الرياح النشطة والهبات القوية في المناطق المفتوحة.
أما غدا، فتستمر الأجواء الباردة جداً مع انخفاض إضافي على درجات الحرارة، إذ يكون الطقس غائماً جزئياً إلى غائم، مع هطل زخات متفرقة من المطر شمال ووسط المملكة، وأجزاء محدودة من المناطق الجنوبية الغربية، حيث تكون الزخات المطرية فوق قمم الجبال العالية الشمالية والجنوبية ممزوجة بالثلج لفترات قصيرة، والرياح غربية نشطة السرعة، تعمل على إثارة الغبار في بعض المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية.
وبخصوص بعد غد، تبقى المملكة تحت تأثير الكتلة الهوائية الباردة جداً، حيث يستمر انخفاض درجات الحرارة. ويكون الطقس شديد البرودة وغائماً وماطراً في شمال ووسط المملكة، مع هطلات غزيرة أحياناً خلال النهار، وتمتد الأمطار بشكل محدود نحو المناطق الجنوبية الغربية.
وتشير التحليلات الأولية إلى احتمالية هطل زخات خفيفة متقطعة من الثلوج فوق قمم الجبال العالية الشمالية والجنوبية (مرتفعات الشراة). وتكون الرياح غربية نشطة السرعة، مع هبات قوية أحياناً، تعمل على إثارة الغبار في المناطق الصحراوية، وفق “الأرصاد”.
ودعت “الأرصاد” المواطنين لتوخي الحيطة والحذر من خطر تشكل السيول في الأودية والمناطق المنخفضة شمال ووسط المملكة، والالتزام بإرشادات السلامة، خاصة في ظل الأحوال الجوية المتقلبة خلال الأيام المقبلة.
وعقب فترة طال أمدها من انحباس الأمطار خلال الموسم الشتوي الحالي 2024 – 2025، والذي أدرج تصنيفه على أنه “ثاني أضعف أداء بعد الموسم المطري 1958 – 1959، وذلك فق السجل المناخي لمحطة رصد مطار عمان المدني، الذي يمتد لأكثر من 100 عام”، من المتوقع أن تعزز أي كميات مياه إضافية ناجمة عن الهطلات المطرية، المخازين في سدود المملكة، وذلك بعد فترة تعد الأطول نسبيا لبدء رصد كميات المياه الإضافية الداخلة للسدود، وذلك منذ مطلع الموسم الشتوي الحالي.
وساهمت الهطلات المطرية التي شهدتها مختلف مناطق المملكة خلال الفترة الماضية، بإشباع التربة، مما يعزز دورها في زيادة كميات جريان المياه المتدفقة على السدود خلال فترة المنخفض الجوي المتوقع.
وأبدى الأمين العام لـ “وادي الأردن” عن أمله بأن تساهم الهطلات المطرية المتوقعة بتعويض الأداء الضعيف المسجل لها، منذ بدء الموسم الشتوي الحالي وتعزيز كميات جريان مياه بشكل أفضل نحو السدود، لافتا لأهمية دور الأمطار الهاطلة سابقا، خاصة في تقليل الكميات المائية المزودة للريّ، ما يعزز دورها في المحافظة على المخزون الإستراتيجي للسدود.
وعقب انتهاء فترة مربعانية الشتاء للموسم المطري الحالي 2024 – 2025 بأداء ضعيف إزاء مجاميع الهطلات المطرية المسجلة خلال تلك الفترة، في وقت لم تتجاوز فيه تلك المجاميع ما نسبته 15 % من معدلها الموسمي العام، جددت توقعات مراكز تنبؤات جوية محلية وعالمية بوصول منخفض جوي قوي من أصل قطبي مصحوبا بالهطلات المطرية والزخات الثلجية، الآمال بتحسين أداء الموسم.
وفيما صاحبت فترة “المربعانية” الشتوية للموسم الحالي، حالات طويلة الأمد من الانحباسات المطرية المتكررة، رغم ما شهدته بعض مناطق المملكة من زخات مطرية متفرقة خلال الفترة ذاتها، إلا أن مؤشرات مراكز “التنبؤات الجوية العالمية” رصدت حالات متعددة لمنخفضات جوية مصحوبة بهطلات مطرية خلال فترة “خمسينية الشتاء” والتي تنتهي بتاريخ 22 آذار (مارس) المقبل.
وفي سياق أداء فترة مربعانية الشتاء للموسم المطري الحالي 2024 – 2025، أشار مدير إدارة الأرصاد الجوية رائد رافد آل خطاب، في تصريحات سابقة”، لانخفاض المجاميع المطرية المسجلة في أغلب مناطق المملكة حتى انتهاء فترة مربعانية الشتاء للموسم المطري الحالي، مضيفا أن تلك المجاميع المطرية كانت “ضعيفة في أغلب مناطق المملكة، إذ لم تتجاوز مجاميع أمطارها ما نسبته 15 % من معدلها الموسمي العام”.
وقال آل خطاب إن “نسب الهطل المطري في مناطق الأغوار الشمالية والوسطى والجنوبية، تراوحت بين 23 %-27 % من معدلها الموسمي العام، وهي اقل بقليل من معدلها العام لنفس الفترة والذي يحقق عادةً ما نسبته 30 % من المعدل الموسمي العام في فترة المربعانية”.
وأضاف مدير “الأرصاد الجوية” أن مجاميع الأمطار التي تحققت في مربعانية شتاء الموسم المطري الحالي، بلغت بين 0.5 ملم- 109.9 ملم، وبنسب تراوحت بين 01 %- 25 % من معدلها الموسمي العام.
وبين أنه من المفترض أن تحقق مجاميع الأمطار منذ بداية الموسم المطري وحتى نهاية المربعانية، ما نسبته 57 % من المعدل الموسمي العام، فيما كان أداء الموسم المطري الحالي “ضعيفاً في معظم مناطق المملكة”.
ومع انتهاء المربعانية، تبدأ فترة خمسينية الشتاء والتي تنتهي عادة مع بداية الاعتدال الربيعي، حيث تشكل ما نسبته 37 % من الموسم المطري العام، موزعة حسب الموروث الشعبي (السعود) على أربع فترات كل فترة تستمر اثني عشر يوماً ونصف اليوم، حيث يشكل سعد الذابح (الفترة الأولى) بما نسبته 12 % من المعدل الموسمي العام، والفترة الثانية سعد بلع ويشكل ما نسبته 10 % من المعدل الموسمي العام، والفترة الثالثة سعد السعود ويشكل ما نسبته 09 % من المعدل الموسمي العام، والفترة الرابعة سعد الخبايا ويشكل ما نسبته 06 % من المعدل الموسمي العام، وفق آل خطاب.
وترفع انعكاسات عدم مرور أعوام مطرية غنية، من خطورة الأزمة المائية على المملكة، فيما يعوّل قطاع المياه على هطلات مطرية غنية خلال فترة فصل الشتاء، وذلك لدورها المهم ومساهمتها المباشرة في إشباع التربة والمؤدية بدورها لتعزيز جريان المياه نحو السدود، والتخفيف من كميات المياه “المسالة” لمختلف الزراعات في وادي الأردن.
وكانت هطلات مطرية افتتحت من خلالها المربعانية الموسم الشتوي، مسجلة أداء جيدا في بعض المناطق مقابل أداء ضعيف أو متوسط في أخرى.