سرايا - في توغل هو الأول من نوعه في محافظة درعا جنوب سورية، دخلت قوات الاحتلال الصهيونية إلى عمق 9 كيلومترات لتصل إلى قرية كويا في ريف درعا الغربي، وإلى سد الوحدة التاريخي، القريب من الحدود السورية - الأردنية، وتمركزت في مواقع إستراتيجية، بعد تحذيرات للسكان بتسليم السلاح في المنطقة.
ويرى مراقبون أن هذا التوغل في مناطق كانت تحت سيطرة نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، يأتي في إطار محاولة قضم المزيد من الأراضي السورية، وإنشاء منطقة عازلة داخلها تحت ذرائع تأمين أمن إسرائيل.
وفي هذا الإطار يقول الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد، إن التوغل الصهيوني تزايد خلال الـ48 ساعة الماضية، حيث وصل إلى عمق 9 كم في بيت اره والكويا في ريف درعا الغربي، ما يعني وصوله إلى الحدود السورية مع الأردن.
وقال أبو زيد: "يبدو أن هدف الاحتلال هو السيطرة على ريف درعا الغربي، وكذلك السيطرة على المنابع المائية لنهر اليرموك، حيث يوجد في حوض اليرموك وادي علان والمزيريب وزيزون، والتي تعد الروافد الأساسية للنهر وسد الوحدة بين الأردن وسورية، وفي ظل سيطرة الاحتلال أيضا على جبل الشيخ الذي يعد المورد المائي الرئيس لنهر الأردن، يبدو أن الاحتلال يرمي للسيطرة على الموارد المائية للأردن، ما يشكل تحديا كبير أمام مطبخ القرار الأردني.
ودخلت القوات الإسرائيلية صباح الثلاثاء الماضي قرية سيدا الجولان في غرب درعا، متجاوزة خط فك الاشتباك بأكثر من كيلومترين، حيث تمركزت في الساحة المركزية للقرية، كما امتدت عمليات التوغل إلى أكثر من أربعة كيلومترات داخل الأراضي السورية في منطقة القنيطرة.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن العملية العسكرية طالت حوض اليرموك غرب درعا، وهي منطقة ذات أهمية إستراتيجية للأمن المائي السوري والأردني.
من جهته، قال المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، إن التوغل العسكري الصهيوني الأخير في الأراضي السورية وصولا إلى ريف درعا الغربي، يعني أن تل أبيب وضعت خطة طوارئ لاحتمال قيام فصائل المعارضة في سورية بعمليات ضد إسرائيل، لذلك فإنه وحفاظا على التجمعات السكنية في الجولان التي تقع تحت سيطرة الاحتلال، تحرك الأخير في هذا الاتجاه، تلافيا لفتح جبهة جديدة ضده.
وتابع الحجاحجة: "الاجتماع الذي عقده رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الأحد الماضي مع رئيس الأركان، ورئيس جهاز الشاباك في جبل الشيخ، الذي احتلته إسرائيل بعد صول قوات المعارضة إلى العاصمة السورية دمشق وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، يؤكد أن دولة الاحتلال تولي اهتماما كبيرا بمسألة منع حدوث عمليات من هذه الجبهة، على اعتبار أن الحالة السورية لم تستقر بعد".
واستدرك بالقول: "لكن سياسة إسرائيل الممنهجة توسعية الطابع، وتستغل واقع الحال لخلق وقائع على أرض الواقع، استباقا إذا استقرت الأمور مستقبلا في سورية، حيث يمكن التفاوض على ما احتلته في سياقات معينة".
وكلن قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع قال إن إسرائيل تستخدم ذرائع واهية لتبرير هجماتها على سورية، بينما هو غير مهتم بالانخراط في صراعات جديدة وسط تركيز بلاده على إعادة الإعمار.
وقال الشرع إن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار، بعيدا عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة.
من جهته، يقول الدكتور علاء حمدان الخوالدة، إن إسرائيل استغلت التطورات الأخيرة في سورية، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يظهرها زعماء المعارضة، وتوغلت في العمق السوري حتى وصلت إلى ريف درعا الغربي القريب من الحدود الأردنية.
وتابع الخوالدة: "تريد إسرائيل من هذا التوغل إرسال رسالة مفادها فرض واقع جديد على الأرض ضمن سياستها التقليدية في المناطق الحدودية المتنازع عليها، إذ إن أهداف الاحتلال من التوغل في الأراضي السورية ترتبط بمصالحه الأمنية والسياسية والإستراتيجية".
وزاد: "الأردن ينظر إلى الجانب الأمني بالدرجة الأولى بشأن الحدود الشمالية، وهو أمر يحسب للدولة الأردنية في ظل ما شهدته المناطق السورية المحاذية للحدود مع الأردن من أحداث، وسيطرة فصائل مسلحة هناك، ذات ولاءات مختلفة، ما يجعل من الصعوبة بمكان معرفة الوضع الأمني في تلك المناطق خاصة في ظل التوغل الصهيوني في العمق السوري المحاذي للحدود الأردنية من محافظة درعا".
من جهتها، دانت الحكومة السورية المؤقتة التوغل الصهيوني في الأراضي السورية، وفي خطوة دبلوماسية، أرسل الممثل السوري الدائم لدى الأمم المتحدة، قصي الدهاك، رسائل رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، مطالبا إسرائيل بالالتزام باتفاقية فك الاشتباك، واحترام تفويض قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.