آخر الأخبار

ملامح خلاف ترامب ونتنياهو حول الوجود التركي في غزة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

القدس المحتلة- كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن بعد إقليمي إضافي في المباحثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، حين أعلن عزمه التحدث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول إمكانية نشر قوات تركية ضمن قوة دولية لحفظ الاستقرار في القطاع.

وفي المؤتمر الصحفي المشترك، سعى ترامب إلى تبديد أي توتر محتمل، مؤكدا أن العلاقة بين أردوغان ونتنياهو، الذي بدأ أمس الأول الأحد زيارة إلى ولاية فلوريدا تستمر 5 أيام، "لن تشكل عائقا، وأنه يدعم الطرفين في هذا المسار".

غير أن القراءات الإسرائيلية ترصد فجوة واضحة بين اللغة السياسية الأميركية والواقع الممكن على الأرض. فبينما تدفع واشنطن باتجاه إشراك أنقرة بوصفها حليفا إستراتيجيا قادرا على لعب دور محوري في ترتيبات المرحلة المقبلة في غزة ومنطقة الشرق الأوسط، يبرز موقف إسرائيلي رافض أو متحفظ بشدة تجاه أي حضور عسكري تركي في القطاع.

اعتبارات أعمق

يعود هذا الرفض إلى اعتبارات أمنية وإقليمية أعمق تتصل بتوسع النفوذ التركي، وبمخاوف من احتكاك مباشر أو غير مباشر مع الجيش التركي في بيئة شديدة الحساسية.

في هذا السياق، يُطرح السؤال داخل إسرائيل حول حقيقة ما يريده نتنياهو من هذا الملف، هل يسعى إلى منع الدور التركي بشكل قاطع؟، أم يكتفي بإدارة الخلاف مع واشنطن عبر خطاب متحفظ يهدف إلى كسب الوقت والمناورة السياسية، ريثما تتضح ملامح المرحلة الثانية من الخطة الأميركية وشروطها النهائية؟ أو إعادة صياغة الشروط بما يخدم حساباته الداخلية والإقليمية؟

ويرى رون بن يشاي المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن قمة منتجع مارالاغو في فلوريدا بين ترامب ونتنياهو مساء أمس الاثنين التي سبقت الكثير من التوقعات باعتبارها محطة حاسمة، انتهت عمليا من دون اختراق حقيقي في الملفات الجوهرية، وعلى رأسها الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة وإشراك أنقرة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في القطاع.

إعلان

ووفقا له، فبدل أن تتفجر الخلافات حول مستقبل القطاع أو طبيعة الترتيبات الأمنية المقبلة، انحصر التباين العلني في سلوك إسرائيل في الضفة الغربية، ما يعكس رغبة أميركية واضحة في تأجيل الصدام حول القضايا الأكثر حساسية.

ويعزو المحلل ذاته هذا المشهد إلى حقيقة أن الولايات المتحدة ليست مستعدة بعد لتنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب بشأن غزة. إذ فضلت الإدارة الأميركية تركيز الخطاب على مسألة العفو عن نتنياهو، ليس بوصفها أولوية قائمة بذاتها، بل كورقة سياسية يمكن استخدامها لاحقا للمطالبة بتنازلات أوسع، خاصة في كل ما يتعلق بإشراك قوات تركية ضمن القوة الدولية في غزة.

خيارات محدودة

ويرى بن يشاي أن مستشاري ترامب أقنعوه بوجاهة التحفظ الإسرائيلي على الوجود التركي، ما يجعل الدعم العلني الذي أبداه ترامب لأردوغان في مارالاغو لفظيا محسوبا، لا يعكس نية لفرض تنازلات على نتنياهو أو إجباره على قبول دور تركي ترفضه تل أبيب، بل يهدف إلى الحفاظ على العلاقة مع أنقرة من دون الصدام مع الحكومة الإسرائيلية في هذه المرحلة.

ويخلص إلى أن الخيارات الدولية محدودة للغاية، فتركيا وإيطاليا هما الوحيدتان اللتان أبدتا استعدادا مبدئيا للمشاركة، مع رفض إسرائيلي قاطع لأي دور لأنقرة حتى في الإعمار. و"الأهم أنه لا توجد دولة مستعدة لمواجهة حركة المقاومة الإسلامية ( حماس) أو نزع سلاحها، ما يفرغ فكرة قوة الاستقرار من مضمونها الفعلي".

من جانبه، يرى تسفي بارئيل محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "هآرتس" أن ما يجري حول غزة يتجاوز الترتيبات الأمنية إلى صراع نفوذ سياسي تقوده شبكة علاقات شخصية وإستراتيجية، في مقدمتها التحالف المتنامي بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.

وحسب قراءته، فإن هذا "التحالف الأخوي" يمنح أردوغان فرصة نادرة لترسيخ نفسه لاعبا محوريا في المرحلة الثانية من أي خطة سياسية تتعلق بغزة، ليس فقط كوسيط، بل كقوة دافعة تصوغ ملامح الحل.

وحذر بارئيل من أن الدور التركي قد يقود إلى تسوية تكتفي بإخراج أسلحة حماس بدون تفكيكها فعليا، وهو ما تعتبره إسرائيل مساسا جوهريا بأهدافها الأمنية، ما يجعل رفض نتنياهو دخول قوات تركية إلى غزة ليس موقفا أمنيا فحسب، بل مواجهة محتملة مع إدارة ترامب إذا مضت في الخيار التركي.

دوافع جيوسياسية

وأكد بارئيل أن على تل أبيب التعامل بجدية مع تحول أردوغان وترامب إلى ما يشبه "حليفين إستراتيجيين"، حيث تشكل الصداقة الشخصية القوية بينهما عاملا حاسما يمنح أنقرة هامش حركة سياسيا أوسع في الملفات الحساسة.

وأشار إلى أن تركيا باتت لاعبا فاعلا في ملف صفقة الرهائن عبر اتصالات مباشرة مع حركة حماس، وأسهمت -من المنظور الإسرائيلي- في دفع واشنطن إلى لحظة اتخاذ قرار، ما يجعل الدور التركي تحديا إستراتيجيا لتل أبيب يتجاوز غزة إلى مجمل الترتيبات الإقليمية الآخذة بالتبلور.

بدوره، يعتقد إيلي ليون مراسل صحيفة "معاريف" للشؤون الخارجية أن إمكانية دخول تركيا إلى قطاع غزة قد تفرض نهجا براغماتيا يتجاوز الخطاب السياسي التقليدي، محولا القطاع من ساحة صراع مفتوحة إلى بؤرة تعاون حذر وضروري بين الأطراف المعنية.

مصدر الصورة لقاء سابق بين ترامب (يمين) وأردوغان في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (الفرنسية)

ووصف ترامب بأنه رجل براغماتي يسعى إلى تجنب عزل سكان المنطقة عن النفوذ الأميركي، مع التركيز على إرساء وضع راهن يمكن للإدارة السيطرة عليه، مدعوما بجهات قادرة على الحفاظ على هذا الاستقرار النسبي.

إعلان

وتسعى أنقرة بقوة -وفقا له- للانخراط في قوة الاستقرار الدولية في غزة، مدفوعة بدوافع جيوسياسية ملحة، وليس نزعة تاريخية فحسب. وأوضح "فتركيا تشعر بضغوط نتيجة هيمنة إسرائيل التي تحد من هامش المناورة المتاح للقوى الإقليمية الأخرى، كما تسعى إلى حماية مصالحها في سوريا ولبنان، وهو ما يجعل مشاركتها في غزة جزءا من إستراتيجيتها الإقليمية الأكبر".

وفق هذا التقدير، يُنظر إلى الدور التركي في غزة ليس فقط كخيار أمني أو سياسي، بل كتحرك محسوب في إطار معقد من النفوذ والمصالح الإقليمية المتشابكة، الأمر الذي يضعه في قلب معادلة إقليمية معقدة، تتجاوز حدود القطاع إلى إعادة رسم موازين النفوذ في الشرق الأوسط.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا