تناولت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية ومجلة لوبس الفرنسية موضوع اعتراف إسرائيل بدولة أرض الصومال من زوايا متقاربة، فتساءلت الأولى عما يمكن أن تكسب منه إسرائيل، في حين ركزت الثانية على ما يثيره من غضب دولي وتوتر في منطقة هشة أصلا.
وركزت جيروزاليم بوست على دلالات الاعتراف بأرض الصومال في هذا التوقيت، وتساءلت: هل يمثل فعلا تحولا إستراتيجيا حقيقيا في القرن الأفريقي أم إنه مجرد خطوة رمزية مبالغ في تقديرها؟
وأشارت الصحيفة إلى أن أهمية أرض الصومال تنبع أساسا من موقعها الجغرافي القريب من خليج عدن و البحر الأحمر، و مضيق باب المندب الذي يعد شريانا حيويا للتجارة العالمية.
واستعرضت ما وصفتها بالتهديدات الأمنية المزمنة في المنطقة، من هجمات جماعة أنصار الله الحوثيين على الملاحة البحرية إلى القرصنة الصومالية سابقا، مما يعزز الحساسية الدولية تجاه أي تحركات سياسية أو عسكرية هناك.
وخلص تحليل جيروزاليم بوست إلى أن القرن الأفريقي يفتقر إلى الموارد والاستقرار، وأن الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال قد لا يحقق مكاسب إستراتيجية كبيرة، في ظل انخراط دولي محدود وانشغال القوى الكبرى بملفات أكثر أولوية.
ومن ناحيتها، تناولت مجلة لوبس الفرنسية إعلان إسرائيل اعترافها الرسمي بأرض الصومال باعتباره خطوة غير مسبوقة لأنها أول دولة في العالم تعترف بهذه الجمهورية المعلنة من جانب واحد منذ انفصالها عن الصومال عام 1991.
ورحب رئيس أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله بالخطوة واصفا إياها بأنها "يوم عظيم لشعب وجمهورية أرض الصومال، وصفحة ذهبية في تاريخ أمتنا، بعد 34 عاما من النضال"، في حين تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن فرصة جميلة لتوسيع الشراكة بين البلدين.
وأوضحت المجلة أن القرار أثار موجة غضب واسعة، خصوصا لدى الحكومة الصومالية في مقديشو التي اعتبرته انتهاكا مباشرا لسيادتها وتهديدا للاستقرار الإقليمي، محذرة من تداعياته على القرن الأفريقي والبحر الأحمر وخليج عدن و الشرق الأوسط عموما.
وذكرت المجلة أن أرض الصومال، التي تتمتع بحكم ذاتي فعلي ومؤسسات مستقلة واستقرار نسبي مقارنة بالصومال، ظلت معزولة دوليا رغم موقعها الإستراتيجي عند مضيق باب المندب الذي يعد أحد أهم الممرات التجارية في العالم.
ويرى محللون -كما تقول المجلة- أن الاعتراف الإسرائيلي تحركه اعتبارات جيوسياسية بالأساس، حيث تسعى تل أبيب إلى تعزيز حضورها في البحر الأحمر وتأمين مصالحها البحرية في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، ولا سيما مع الحوثيين في اليمن.
مجلة لوبس خلصت إلى أن هذا الاعتراف، رغم ما يحمله من مكاسب إستراتيجية لإسرائيل، يفتح بابا واسعا للجدل والتوتر
وتشير لوبس إلى ما تفتحه هذه الخطوة من مجال أمام التعاون الدبلوماسي والاقتصادي والزراعي بين البلدين، إضافة إلى أن أرض الصومال عبرت عن نيتها الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مما يعزز مسار التطبيع مع الدول العربية، ويمثل أولوية دبلوماسية للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
غير أن المجلة، في المقابل، تبرز حجم الرفض الإقليمي والدولي للقرار، إذ رفضته دول عربية وأفريقية ومنظمات إقليمية، وقد أبدى الرئيس الأميركي تحفظه عليه، رافضا السير في الاتجاه نفسه، كما عبرت السلطة الفلسطينية عن قلقها منه، معتبرة أنه جزء من سياسات إسرائيلية أوسع.
وخلص مقال المجلة إلى أن هذا الاعتراف، رغم ما يحمله من مكاسب إستراتيجية لإسرائيل، يفتح بابا واسعا للجدل والتوتر، ويعيد تسليط الضوء على هشاشة التوازنات السياسية والأمنية في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة