آخر الأخبار

الجزائر تُجرِّم فرنسا بقانون “لا يسقط بالتقادم”

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

الجزائر في خطوة تاريخية، صوّت المجلس الشعبي الوطني الجزائري (البرلمان)، اليوم الأربعاء، بالإجماع على مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي ل لجزائر خلال الفترة الممتدة من 1830 إلى 1962.

ويتضمن القانون 5 فصول تضم 27 مادة، تهدف لتثبيت المسؤوليات والاعتراف والاعتذار عن جرائم الاستعمار كأساس للمصالحة مع التاريخ وحماية الذاكرة الوطنية.

وانطلقت، السبت الماضي، في البرلمان الجزائري أشغال الجلسة العلنية المخصصة لمناقشة مقترح قانون يتضمن تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

مصدر الصورة جرى تعديل مواد شملت مقترحات قدمها النواب خلال مناقشة القانون بالبرلمان (المجلس الشعبي الوطني)

إدراج تعديلات

وصوّت نواب البرلمان بالإجماع على اعتماد تعديلات وتحسينات على بعض المواد، شملت مقترحات النواب من مناقشات المشروع، على غرار المواد 05 و18 و19 من حيث المضمون والصياغة القانونية.

وأوضحت لجنة الدفاع بالبرلمان أن التعديلات المدرجة في التقرير التكميلي لمشروع القانون تجريم الاستعمار الفرنسي الذي وصل الجزيرة نت نسخة منه، تهدف إلى تحسين الجودة في التشريع وتثبيت المسؤوليات استنادا إلى مبادئ القانون الدولي .

وبرّر التقرير تبنّي اللجنة لتعديل المادة 05 بإدراج "العدوان على الدولة الجزائرية"، كونه يعد جريمة كبرى في حق الدولة، وتم تعديل المادة 18 باستبدال عبارة "السجن المؤقت" بعقوبة "السجن" فقط لضمان انسجام النص القانوني وتكريس المصطلحات المعتمدة.

وشمل التصويت تعديل المادة 19 لتجريم أي قول أو فعل يهدف للإشادة بمتعاوني الاستعمار أو تبرير أفعالهم، وذلك حماية للذاكرة الوطنية ومنعا لإنكار نضال الشعب تحت أي ذريعة.

وحدة وإجماع

ووصف النائب البرلماني عن حركة مجتمع السلم وعضو لجنة صياغة مشروع قانون تجريم الاستعمار زكرياء بلخير اللحظات التي تعيشها الجزائر حاليا بالتاريخية، في مشهد مفصلي يرسم تفاصيله المجلس الشعبي الوطني عبر تبني ومناقشة قانون تجريم الاستعمار الفرنسي.

إعلان

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن هذا الحدث يُعد الأبرز في تاريخ السجل التشريعي للبلاد، مؤكدا أن الإجماع البرلماني الذي حظي به المشروع يعكس وحدة الصف الوطني اتجاه ملف الذاكرة الذي لا يقبل القسمة أو النقاش.

وأوضح بلخير أنَّ القانون يؤسس لمرجع قانوني بالغ الأهمية لحماية ملف الذاكرة والأرشيف الوطني، مما يمنحه الحصانة ضد السقوط بالتقادم. ويضع فرنسا أمام مسؤولياتها المباشرة في إصلاح الأضرار الناجمة عن الحقبة الاستعمارية، فالحق التاريخي للأمة الجزائرية غير قابل للتنازل أو التجزئة.

وأكد أن إقرار القانون ليس نهاية المطاف، بل "البداية الحقيقية" لفتح الملف بجدية عبر إجراءات قانونية وقضائية تُمكّن الجزائر من استرجاع حقوقها المادية والمعنوية. والوصول إلى علاقات "سوية" ومصالحة حقيقية تخدم الأجيال الصاعدة، بشرط تصحيح الأخطاء التاريخية واستعادة الحقوق المشروعة التي لا تسقط بمرور الزمن.

"جريمة العدوان"

من جانبه أكد النائب البرلماني عن حركة البناء الوطني وعضو لجنة صياغة قانون تجريم الاستعمار كمال بن خلوف أن القانون الجديد يُمثّل رسالة سيادية دامغة تؤكد وحدة الجزائر ورفضها الخضوع، مشددا على أن المشروع يضع النقاط على الحروف فيما يخص الذاكرة الوطنية والمسؤولية الدولية لفرنسا.

وأوضح بن خلوف، للجزيرة نت، أن توقيت هذا القانون يحمل رسالة قوية لأطراف فرنسية تحاول "الصيد في الماء العكر" وتوظيف ورقة تمجيد الاستعمار لكسب أصوات انتخابية، مؤكدا أن القانون يُعبّر عن تلاحم الشعب والقيادة في مواجهة أي محاولات لضرب استقرار البلاد.

وكشف أن هذا القانون يعد سابقة في تاريخ التشريع الجزائري، لكونه نابعا من مبادرة برلمانية خالصة، ومر بمحطات عديدة منذ 2001 وصولا إلى 2021، حتى استقر الرأي على تشكيل لجنة مشتركة من كافة الكتل البرلمانية، لضمان صياغة نص قانوني وطني جامع لا يُحسب لجهة دون غيرها، بل يخدم المصلحة العليا للجزائر.

وشدد بن خلوف على أن القانون يستند إلى حقائق تاريخية لمأساة شعب عانى طيلة 132 عاما من شتى أصناف التعذيب و الإبادة الجماعية والثقافية، و التهجير القسري ، والنهب الاقتصادي، لافتا إلى "النصوص القانونية الإجرامية" التي طبقتها فرنسا لضرب مقومات الهوية الوطنية من لغة ودين وتغيير للألقاب.

وذكر أن النص يسعى لتثبيت حقائق تاريخية وترتيب تكييف قانوني لها وفق القانون الدولي، معتبرا أن أكبر الجرائم هي "جريمة العدوان" عام 1830 ضد دولة معترف بها.

وأكد أن القانون يرتب آثارا أساسية، في مقدمتها تحميل الدولة الفرنسية المسؤولية المدنية والجنائية الكاملة عن حقبتها الاستعمارية، لافتا لأهمية هذا المسار الذي حظي بإجماع شعبي وسياسي يعكس عمق القيم الوطنية لدى الجزائريين.

المشروع وإجراءاته

أما النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني والمحلل السياسي علي ربيج فقد وصف وصول مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي إلى قبة البرلمان والتصويت عليه بالإجماع بالمؤشر "الصحي والإيجابي"، مؤكدا أن الخطوة تعكس قدرة الطبقة السياسية على الحفاظ على الحد الأدنى من التوافق والإجماع الوطني حيال ملفات الذاكرة الكبرى.

إعلان

وأوضح ربيج للجزيرة نت أن هذا القانون يمثل نضالا طويلا خاضته الأحزاب والطبقة السياسية والمؤرّخون والمختصون، بعد 5 مبادرات سابقة لم يكتب لها النجاح.

واعتبر أن الإجماع السياسي الحالي بين الموالاة والمعارضة خلق مساحة وطنية تمنح "جرعة أمل" لفتح ملفات إقليمية ودولية أخرى مستقبلا.

وأكد أن القانون سيخدم التوجه الجديد للدولة الجزائرية بإعادة ترتيب علاقاتها مع فرنسا، لافتا إلى أن هذه العلاقة مالت طيلة 6 عقود لصالح ميزان القوة الفرنسي اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسيا.

وأشار إلى أن العلاقات الثنائية تضررت بشكل "عميق وكبير" حتى قبل صدور هذا القانون، بفعل قضايا سحب السفراء، ومنع التأشيرات، وتصريحات المسؤولين الفرنسيين وعلى رأسهم الرئيس إيمانويل ماكرون ، مؤكدا أن " قواعد الاشتباك " تغيّرت وأصبحت أكثر حدة وواقعية، بعيدا عن لغة الخشب والإملاءات التي سعت باريس لفرضها سابقا.

وداخليا، اعتبر ربيج أن القانون يُمثّل محطة لاستعادة السلطة التشريعية لمهامها الدستورية في المساءلة والمراقبة والتشريع، مؤكدا أن دستور 2020 منح النواب صلاحيات واسعة للمبادرة، كما أن اللقاءات الدورية للرئيس الجزائري بالبرلمان أعطت دفعة قوية لتفعيل الدور التشريعي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا