آخر الأخبار

أهداف المجلس السياسي السني في العراق وفرص استمراره

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بغداد – أعلن في العاصمة العراقية بغداد ، الأحد الماضي، تشكيل "المجلس السياسي الوطني" الذي يضم أبرز القوى السنية الفائزة بالانتخابات التشريعية التي أجريت في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بهدف توحيد الرؤى والعمل المشترك في المرحلة القادمة التي ستشهد توزيع المناصب السيادية وتشكيل حكومة عراقية جديدة.

وجاء الإعلان عن المجلس الجديد، الذي يضم 65 نائبا، عقب اجتماع ضمّ قادة 5 أحزاب وتحالفات سنية رئيسية، هي حزب " تقدّم " بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي ، وتحالف "السيادة" برئاسة رجل الأعمال خميس الخنجر ، بالإضافة إلى تحالف "عزم" برئاسة مثنى السامرائي وتحالف "حسم الوطني" بزعامة وزير الدفاع ثابت العباسي، فضلا عن حزب "الجماهير" الذي يترأسه أحمد الجبوري.

ائتلاف بعد انقسامات

وجاء تشكيل المجلس بعد أيام على إعلان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي تنتظر تصديق المحكمة الاتحادية عليها، وعقب انضمام " تحالف الإعمار والتنمية " الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني إلى تحالف الإطار التنسيقي الشيعي الذي أعلن قادته مبكرا أنه الكتلة البرلمانية الأكبر التي سيخرج من صفوفها رئيس الوزراء القادم.

ويسعى المجلس، وفق العرف السياسي، للاتفاق البيني بين سنّة البلاد على اختيار شخصية سنية لتولي منصب رئيس البرلمان، حيث جرى العرف السياسي، منذ الغزو الأميركي للبلاد، على أن يكون رئيس الوزراء من المكوّن الشيعي، في حين تتولى السنة منصب رئيس البرلمان، ويتولى الأكراد منصب رئيس الجمهورية.

وكانت القوى السياسية السنية قد شهدت انقسامات كبيرة داخل البرلمان، خاصة بعد الأزمة التي عصفت برئاسة البرلمان العراقي عقب إقالة رئيسه محمد الحلبوسي عام 2023، وما تبع ذلك من خلافات كبيرة أدت وفق العديد من المراقبين إلى تشتت الصوت السياسي السني تحت قبة البرلمان، وهو ما يثير التساؤلات عن مصير هذا التحالف وإمكانية استمراره.



مظلة جامعة

من جانبه، يرى الباحث السياسي الدكتور سيف السعدي، أن المجلس السياسي بُني على أساس فكرة "الإطار التنسيقي الشيعي"، خاصة مع مساعي رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي لتأسيس مظلة جامعة للقوى السنية لتكون جبهة سياسية في المفاوضات التي ستفضي إلى تشكيل الحكومة القادمة.

إعلان

ورغم أن المجلس السياسي أعلن في بيانه الرسمي عن الأهداف العامة، إلا أن السعدي -وفي حديثه للجزيرة نت- أكد أن الأهداف الرئيسية من التحالف تتمثل في:


* اختيار رئيس مجلس النواب.
* توزيع الوزارات السيادية والاعتيادية التي ستكون من حصة المكون السني.
* المساهمة في تحديد من سيتولى رئاسة الجمهورية والحكومة.

ووفق السعدي المقرب من حزب "تقدم"، فإن المجلس سيعمل جاهدا على إعادة نازحي المناطق التي لا تزال الفصائل المسلحة تمنع عودة أهاليها إليها رغم الوعود التي كانت قد قطعها الإطار التنسيقي والحكومة المنتهية ولايتها، وهو ما يضع مسؤولية كبيرة على هذا المجلس، لا سيما أن لدى قياداته علاقات متشعبة مع جميع الجهات السياسية الأخرى.

خارطة لبداية جديدة

في غضون ذلك، يؤكد المتحدث باسم تحالف السيادة محمد الطائي، أن المجلس السياسي لا يُعد إطارا سياسيا لتنسيق المواقف فقط في المرحلة الراهنة، وإنما يسعى لتأسيس كيان سياسي يعمل باستمرار لتمثيل المدن السنية مقابل الشركاء الآخرين طيلة السنوات الأربع المقبلة.

وفي حديث صحفي، بيّن الطائي أن الدعوة إلى تأسيس المجلس السياسي الوطني، التي كانت بمبادرة من تحالف "السيادة" تمثل خارطة طريق لبداية جديدة توحد القوى السياسية السنية تحت قبة البرلمان وتدعم الاستقرار السياسي في عموم البلاد بدعوة الأطراف الأخرى كذلك للإسراع بتوحيد موقفها لحسم استحقاقات اختيار الرئاسات وتشكيل الحكومة دون مقاطعات وعراقيل كما حصل في الدورات البرلمانية السابقة، وفق قوله.

ولا تقتصر أهداف تشكيل المجلس عند ذلك، وفق الطائي، الذي أكد أن تأسيسه يهدف للاستفادة من الدروس السابقة التي أضعفت تمثيل السنة داخل البرلمان وفي تشكيل الحكومات السابقة كذلك، مبينا أن بعض القوى -لم يسمّها- كانت تسعى لدعم حالة الشتات بين القوى السياسية السنية وأن تأسيس المجلس قطع الطريق على تلك المحاولات، وفق تعبيره.

ضرورة

وعلى الرغم من وصف بعض المراقبين للمجلس السياسي الوطني بأنه "تحالف الأضداد" نتيجة الخلافات الكبيرة بين قياداته، إلا أن القيادي في تحالف العزم حيدر الملا يعدُّ تشكيل المجلس خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو بلورة رؤية موحّدة.

وفي منشور على حسابه الرسمي في منصة إكس، بيّن الملا أن الإعلان عن المجلس يرسّخ حقيقة واضحة مفادها أن المنصب الأول هو استحقاق للمكوّن ذاته، وأنه ليس امتيازا يُمنح لجهة حزبية أو سياسية، في إشارة إلى منصب رئيس البرلمان الذي جرى العرف السياسي في البلاد أن يكون من نصيب المكون السني.

وبعيدا عن المواقف الرسمية، يرى الباحث والخبير الإستراتيجي العراقي رعد هاشم، أن ظروف تأسيس المجلس لم تأتِ لمواجهة الإطار التنسيقي فقط، وإنما جاءت ضرورة لتوحيد الموقف السياسي السني وفرصة لتجاوز الخلافات السابقة، لا سيما بعد معرفة حجم الكتل السياسية برلمانيا وبما سيؤدي إلى إنهاء التراشق الإعلامي بين القوى السنية.

إمكانية استمراره

وعن إمكانية نجاح المجلس واستمراره، يرى هاشم إمكانية ذلك في توصل قادته إلى تسويات داخلية تمكنه من مجاراة مخاض تشكيل الحكومة.

وأوضح أنه في حال تشكيل الحكومة، فإنه من الممكن أن نشهد انفراط عقد هذا المجلس اعتمادا على التطورات السياسية القادمة وبما يشمل بقية التحالفات كذلك، إذ إن هذه التحالفات التي دائما تعلن عقب الانتخابات غالبا ما تكون مرحلية تهدف إلى تشكيل الحكومة بالدرجة الأولى.

إعلان

وبالاحتمال ذاته يتحدث أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل الدكتور محمود عزو، الذي لا يخفي إمكانية انهيار التحالف الجديد بناء على الخلافات الكبيرة التي كانت واضحة ومتأصلة بين رئيس حزب "تقدم" محمد الحلبوسي وزعيم تحالف العزم مثنى السامرائي، فضلا عن خلافات زعيم حزب الجماهير والسامرائي كذلك.

وقال عزو للجزيرة نت، إن هذه الخلافات تضع مزيدا من الشكوك في إمكانية استمرار التحالف، رغم أهميته كواجهة للعمل السياسي للمكون السني في البلاد.

وعن إمكانية وجود تأثير دولي أو إقليمي أدى إلى تأسيس المجلس السياسي الوطني، لم يستعبد عزو وجود ضغوط دولية، لا سيما بعد التطورات الدراماتيكية التي شهدتها الساحة الإقليمية وسقوط النظام السوري والحرب في لبنان واليمن وإيران.

ويتفق مع هذا الرأي الخبير الإستراتيجي رعد هاشم، الذي يضيف أنه قد تكون هناك ضغوط دولية وإقليمية لتأسيس المجلس.

ويعتقد الباحث السياسي السعدي أن التأثير الإقليمي المتمثل بتركيا قد لا يكون له دور كبير في تأسيس المجلس، لا سيما أن تركيا قد تمتلك تأثيرا على طرف معين داخل المجلس، في الوقت الذي تفتقر فيه إلى وجود أي تأثير على بقية الكتل السياسية السنية.

ويرى مراقبون أن المجلس السياسي الوطني سيكون ذا تأثير فاعل في البرلمان إذا ما استمر بعد تشكيل الحكومة، لا سيما مع الحديث عن أن عدد أعضائه قد يرتفع إلى 74 نائبا في البرلمان الذي يضم 329 عضوا.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا