رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يرافق والدته إلى مركز الاقتراع للإدلاء بصوتيهما في انتخابات مجلس النواب 2025#الجزيرة_مباشر #العراق pic.twitter.com/oDtP4atR14
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 11, 2025
بغداد- أكدت النتائج النهائية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية تصدُّر ائتلاف "الإعمار والتنمية"، بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ، في العديد من المحافظات العراقية الرئيسية.
وينظر إلى هذا الانتصار، الذي جاء على حساب قوائم تقليدية وتكتلات عريقة، كنقطة تحول في آليات كسب الثقة الانتخابية في العراق ، خاصة وأن الائتلاف حديث التشكيل ويضم قوى شيعية متنوعة لا تُصنف بالضرورة كقوى صف أول.
ويرى الخبير في الشأن السياسي العراقي، عائد الهلالي، أن هذه النتائج ليست مجرد موجة عابرة، بل هي "انعكاس مباشر لتحوّل عميق في المزاج الشعبي نحو الواقعية السياسية".
وأوضح للجزيرة نت أن المواطن العراقي "بدا هذه المرة أكثر ميلا لمن اختبره في الأداء التنفيذي الملموس وليس في الخطاب السياسي أو الأيديولوجي"، وهو ما منح السوداني وحلفاءه زخما انتخابيا واضحا بفضل تركيز فترة ولايته الأولى على الخدمات ومشاريع البنى التحتية.
وحدد الهلالي مسارات أساسية مكّنت السوداني من ترجمة إنجازاته الإدارية إلى ثقة انتخابية:
وبالتالي، فإن قوة ائتلاف الإعمار والتنمية -حسب الخبير الهلالي- تكمن في كونه "ليس تحالفا أيديولوجيا بل مشروعا لإعادة إنتاج الدولة"، حيث أصبحت شخصية السوداني نفسها مركز الثقل، إذ ينظر إليه الشارع كـ"قائد عمل" أكثر من كونه سياسيا تقليديا.
ورغم هذا التصدّر، يظل طريق محمد شياع السوداني نحو الولاية الثانية "ملغوما وليس مفروشا بالورود"، وفقا للأكاديمي والباحث في الشأن العراقي، الدكتور سيف السعدي.
وقال السعدي للجزيرة نت إن معادلة تشكيل الحكومة القادمة لا تخرج عن سيطرة 3 محددات رئيسية تتشابك لتفرض شروطها على التشكيلة الوزارية القادمة:
وفي سياق تشكيل الحكومة، شدد السعدي على أن الإطار التنسيقي قد أسّس "معيار التوافقية" على حساب مبدأ الأغلبية العددية، وهو معيار رفضه صراحة، معتبرا أنه "يخل بمبدأ الديمقراطية ويجعل منصب رئيس الوزراء يخضع لرغبة الكيانات السياسية وليس رغبة الناخبين، مما يخالف الدستور".
من جانبه، يعتقد أستاذ العلاقات الدولية والخبير السياسي، الدكتور غازي فيصل، أن "النسبة العالية التي حققها السوداني تشير إلى رضا مجتمعي استطاع تحقيقه، وإلى توازن وإنجازات رعاها مجلس الوزراء على الساحة السياسية".
وأشار فيصل في حديثه للجزيرة نت إلى أن تميز السوداني عن "القيادات التقليدية" يكمن في عدم تبنيه خطابا طائفيا أو إظهار شخصية طائفية، إضافة إلى تحقيقه توازنا في العلاقات الإقليمية مع القوى الرئيسية كالسعودية ودول الخليج وتركيا وإيران، فضلا عن علاقاته الجيدة مع واشنطن وأوروبا.
وأكد أن هذه العوامل أسهمت في قبوله الواسع من الرأي العام، محذّرا بالوقت نفسه من أن مكاسبه المستقبلية سوف تواجه تحديات كبرى وعالقة مثل: البطالة، والأمّية، والمدن العشوائية، وتحديات المياه و التصحر ، والجرائم المنظمة.
ويذهب الخبير عائد الهلالي إلى أن ائتلاف السوداني مرشح بقوة ليكون "الكتلة الكبرى"، مما يجعله المعنيّ الأول بتسمية رئيس الوزراء المقبل، بالرغم من بقاء سيناريو "الثلث المعطل" واردا إذا ما شعرت بعض القوى السياسية بتهميش دورها.
ومع ذلك، يوضح الهلالي أن الاتجاه العام داخل البيت الشيعي يميل إلى تشكيل تحالف عريض يقوده السوداني، يوازن بين التيار التقليدي وقوى الدولة الجديدة، وهو ما قد يؤسس لمرحلة أكثر استقرارا في ظل فتور التدخل الخارجي.
من جانبه، يؤكد الأكاديمي سيف السعدي أن رئيس الوزراء يواجه في طريق ولايته الثانية "لغمين سياسيين" رئيسيين، يتعلق الأول بالتسريبات، والثاني بملف "عدم دستورية موعد الانتخابات المقبلة".
ولتجنّب أزمة تعطيل سابقة، يرى السعدي أن التحالفات القادمة قد تتجه نحو تشكيل تحالف رباعي بدلا من الثلاثي الذي عطّل تشكيل الحكومة سابقا، يضم طرفي التحالف الثلاثي السابق بعد خروج التيار الصدري، يضاف لهما طرف ثالث من قوى فاعلة داخل الإطار التنسيقي ، وذلك لتجاوز خطر "الثلث المعطل" أو "الثلث الضامن" الذي يهدد مبدأ الأغلبية العددية.
أما عن مصير السوداني وعلاقته بتحالفه، فيتساءل غازي فيصل: هل سيذهب "الإطار التنسيقي" إلى التفكك بفعل هذه النتائج، أم سيبقى السوداني مجرد أداة له؟ مؤكدا أن "هذه الآلية لن تستمر، فالسوداني، طبقا للدستور، هو رئيس وزراء لكل الشعب العراقي وليس للإطار التنسيقي"، ولا يمكن تقييده بتبعية ضيقة.
وتتفق رؤى الخبراء على أن الحسم النهائي لمصير السوداني وشكل الحكومة المقبلة سيبقى رهنا بالتوازنات بين معادلات واشنطن وطهران والنجف.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة