تسعى شركات كبرى ومشرّعون ومسؤولون أميركيون سابقون إلى إقناع المحكمة العليا الأميركية بإبطال استخدام الرئيس دونالد ترامب لصلاحيات الطوارئ التجارية التي منحته الحق في فرض رسوم جمركية استثنائية، وذلك قبل جلسة استماع مرتقبة هذا الأسبوع تُعد من أبرز القضايا الاقتصادية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
وقدّم ما يقرب من 40 مذكرة قانونية من جهات متنوعة، بينها غرفة التجارة الأميركية وعدد من المسؤولين الأمنيين السابقين، للطعن في سياسة ترامب التجارية التي استخدمها لشنّ ما وصف بـ"الحروب التجارية" منذ بدء فترة رئاسته.
وقال ترامب، في منشور عبر منصة "تروث سوشيال"، إنه لن يحضر جلسة الأربعاء، لكنه وصف القضية بأنها "من أهم القضايا في تاريخ بلادنا"، مضيفاً: "إذا لم يكن بوسع الرئيس استخدام صلاحيات الرسوم بسرعة ومرونة، سنكون بلا دفاع، وقد يؤدي ذلك إلى دمار اقتصادنا".
من جهتها، أكدت غرفة التجارة الأميركية أن الأضرار غير القابلة للإصلاح التي لحقت بالشركات جراء تلك الرسوم تبرز حجم العواقب الاقتصادية الواسعة، مشيرة إلى أن سياسات ترامب خلقت حالة من عدم اليقين دفعت الشركات إلى تجميد استثماراتها، والمستهلكين إلى تأجيل قرارات الشراء.
وقال إيفريت آيسنستات، المحامي في شركة Squire Patton Boggs والمسؤول الاقتصادي السابق في إدارة ترامب، إن القرار المنتظر سيكون "محورياً وأساسيّاً لأجندة الرئيس المقبلة"، مضيفاً أن "طلبة القانون سيدرسون هذه القضية لعقود مقبلة".
القضية قد تحدد مصير أكثر من 50 مليار دولار من الإيرادات الإضافية التي جمعتها الحكومة الأميركية في 2025 من الرسوم الجمركية، وهي مبالغ ساهمت في تهدئة مخاوف المستثمرين من ارتفاع مستويات الدين العام. ورغم عقد الجلسة هذا الأسبوع، إلا أن القضاة سيستغرقون عدة أسابيع قبل إصدار حكمهم النهائي.
وقد قدمت مراكز أبحاث ليبرالية مثل معهد كاتو ومعهد غولدووتر مذكرات ضد استخدام قانون الطوارئ في فرض الرسوم، كما انضم أساتذة قانون وقضاة سابقون إلى قائمة المعارضين، إلى جانب مشرعين ومسؤولين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
أما المؤيدون لترامب فكانوا أقل من عشرة أطراف فقط، بحسب البيانات القانونية الأخيرة.
وقالت جين شاهين، أبرز الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن المشرعين يسعون إلى توجيه رسالة واضحة للمحكمة، مضيفة: "هذه الرسوم لا ترفع تكاليف المعيشة على الأسر الأميركية فحسب، بل إنها فشلت أيضاً في إعادة الوظائف الصناعية التي خسرناها."
ورغم أن الدستور الأميركي يمنح الكونغرس سلطة فرض الرسوم وجمع الإيرادات، فإنه يسمح للرئيس بصلاحيات واسعة في السياسة الخارجية، وهو ما وصفه آيسنستات بأنه "نقطة التقاء بين سلطتين متوازيتين ظل الجدل حولها قائماً منذ أكثر من قرنين".
وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق هذا العام أن العجز التجاري الأميركي يمثل حالة طوارئ وطنية، مستنداً إلى قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) لتطبيق رسوم شاملة على معظم شركاء التجارة الأميركيين. لكن محكمتين اتحاديتين حكمتا بالفعل بأن الرئيس لا يملك الصلاحية القانونية لفرض الرسوم بموجب هذا القانون.
ويستند فريق ترامب القانوني إلى تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس التي تشير إلى أن الرسوم المفروضة بموجب سلطات الطوارئ قد تقلّص العجز الأميركي بنحو 4 تريليونات دولار خلال العقد المقبل.
وجاء في المذكرة الدفاعية: "بالنسبة للرئيس، المسألة واضحة: مع الرسوم نحن دولة غنية، وبدونها نحن أمة أفقر."
حتى في حال تقييد المحكمة العليا لاستخدام صلاحيات الطوارئ، يرى مسؤولون ودبلوماسيون أن إدارة ترامب ستبحث عن أدوات قانونية أخرى لفرض الرسوم.
وقالت كاثلين كلاوسن، أستاذة القانون في جامعة جورجتاون والمسؤولة التجارية الأميركية السابقة: "نعرف أن الرئيس سيواصل فرض الرسوم بغض النظر عما تقرره المحكمة… ليس لأنه سيتجاهلها، بل لأنه يمتلك طرقاً قانونية عديدة لتحقيق ذلك".
    
    
        المصدر:
        
             العربيّة